قدم المفكر وعالم الأنثروبولوجيا التونسي، يوسف صدّيق قراءة لتحولات اجتماعية قد تتبلور في زمن كورونا والحجر الصحي الذي يخضع معظم سكان العالم له. وعبر الصديق عن أمله في أن تدفع الحالة الوبائية "لأن نغيّر طريقة تفكيرنا" وجوهر التعليم، إذ لا يجب تعلم "قراءة الحروف والنصوص، بل طريقة قراءة العالم". وقال الفيلسوف صدّيق بأن الوباء يجب أن يدفعنا كبشر إلى تغيير استجابتنا التلقائية للغة وإجبارنا على التفكير مليًا، حتى لا نثق ثقة عمياء بالصيغ الواضحة والجاهزة. وأضاف"في حال أردنا أن يتطور الإنسان إيجابا في المستقبل، يجب تغيير التعليم بالكامل. لا يجب أن نعلم الناس قراءة الحروف والنصوص، بل طريقة قراءة العالم. عندما نقرأ العالم، نفهم أن الأبجدية الأكثر تطورا هي الإنسانية في حد ذاتها". ولا يزال المفكر والأنتروبولوجي التونسي مواظباً على الاستمتاع في تتبع معاني الكلمات والعالم، وقال" لقد غيّرت تفكيري في الكلمات، في عبارات نتعامل معها على أنها بديهية ونفكر فيها بطريقة تلقائية. على سبيل المثال عبارة "قتل الوقت". ما هو الوقت الميّت؟ إنه وقت سلبيّ. يجب أن يغيّر الحجر عادات استعمالنا للغة ويجبرنا على التفكير بشكل أفضل والتخلي عن الوثوقية والصيغ الجاهزة. وأضاف" نعيش على بقايا ذلك الزمن الذي قسّم العالم إلى دول غنيّة وأخرى في طور النمو ودول مستعمرة سابقا. رسم ذلك صورة سلبية للإنسانية. لقد حان الوقت، لمناسبة هذه الجائحة، لأن نغيّر طريقة تفكيرنا برمتها". ويلاحظ المفكر التونسي أن البشر أعادوا التفكير بعلاقتهم بالموت حتى عند الفئات الشبابية والأطفال، أصبح الناس أكثر شجاعة في النظر إلى الموت. وقال"أظهر المواطنون من كلّ الدول حتى الشباب والأطفال منهم تواضعا أكبر أمام الحياة وشجاعة أكبر في مواجهة الموت". أما في ما يتعلق بالإسلام والممارسات الدينية فقد اعتبر الصديق أن أركان العبادة الأربعة (الصوم والحج والزكاة والصلاة) أصبحت فردانية أكثر، مخالفة بذلك للبعد الجماعي الذي انتشر لفترة طويلة في الدول المسلمة. وقال: "وإن استمرار البعد الفردي للممارسات الدينية سيساعد المجتمعات الإسلامية على التخلص من كل ما هو جماعي، أو ما أسميه بإيمان القطيع، الذي يقوده بسهولة أي زعيم أو شيخ أو أيديولوجية." وأضاف "اليوم، مع منع أغلب الشعائر الجماعية لأسباب صحية، أعتقد أن الناس سيفكرون في الحقيقة المنسية حول ضرورة أن تكون العلاقة مباشرة ودون وساطة بين الخالق والإنسان". ودعا الصديق إلى مكافحة نزعة اكتناز الأموال بلا موجب والكماليات التي لا تخدم سوى قلّة من الناس. ربما يجب تثقيف الناس، تعليم أطفالنا منذ الحضانة على هذا المبدأ وعلى حقيقة أن المتعة الفردية ليست متعة وأنها مضاعفة عندما يتم تشاركها. يجب إعادة النظر في طريقة التنشئة الاجتماعية والتربية على الوئام.
مشاركة :