وضعَ العلماءُ خمسةَ قرود في قفص فيه سلَّمٌ في أعلاه سلَّةَ موزٍ ، وفي كُلِّ مرَّةٍ يحاول أحد القرود صعود السُّلَّم للوصول إلى الموز يَرُشُ العلماءُ القرودَ الباقيةَ بالماءِ البارد ، وبعد عدَّةِ محاولات لاحظ العلماءُ أنَّ القرودَ كانت تمنع أيَّ قردٍ من صعود السلم وتضربه لو لم يمتثل وذلك خوفاً من أن يتم رشها بالماء البارد ، ولم يجرؤ أي قردٍ على صعود السلم للوصول إلى الموز خوفاً من العقاب والضرب . بعد ذلك استبدل العلماءُ أحد القرود الخمسة ووضعوا مكانه قرداً جديداً كلما حاول صعود السلم للوصول إلى الموز ضربه الباقون وأجبروه على النزول ، ففهم القرد الجديد بعد عدة محاولات بأن صعود السلم ممنوع ولكنه لا يعرف السبب ! واستبدل العلماءُ أحد القرود القديمة بقردٍ جديد ثاني ، وحلَّ به ما حَلَّ بالقرد البديل الأول حتى أنَّ القرد البديل الأول شارك زملاءه بضرب القرد البديل الثاني وهو لا يعرفُ السبب ! وهكذا حتى تمَّ تبديل جميع القرود الخمسة القدامى بقرودٍ جديدةٍ ، وأصبح في القفص قرودٌ خمسة لم يرش عليها ماءٌ باردٌ أبداً، ومع ذلك يمنعون ويضربون كل قردٍ يحاول صعود السلم دون أن يعرفوا السبب ! وهكذا تتم صناعة الطاعة العمياء والغباء والتطرف الديني والإرهاب والعبودية دون نقاش أو تفكير ، كما هو الحال في فكر داعش والإخوان المجرمين وغيرهم من المنظمات المتطرفه دينياً والإرهابية التي تُربي أتباعها بنفس أسلوب تربية العلماء للقرود الخمسة التي أصبحت تتصرف دون معرفة السبب ! والإرهابي الذي فجَّر مسجد الإمام الصادق وقتل وجرح الأبرياء ومن أعانه على جريمته كلهم مبرمجون بنفس برمجة القرود الخمسة يقترفون جناياتهم دون معرفة الأسباب والدَّوافع فهم أشبه بمن باع عقله وتفكيره للشيطان وأصبح عبداً يُنَفِّذُ ما يُمليه عليه أسياده دون مناقشةٍ أو تفكيرٍ أو معرفة السبب ! ويبدو أنَّ تضخيم مفاهيم الحاكمية والبراءة من المشركين من خلال تنظير متأخري علماء الدعوة هي التي أفرزت هذا الفكر التكفيري المتطرف ، ويجب أن نستفيد من الدراسات الحديثة التي تناولت سيكولوجية العنف وجذوره وآثاره وأن نهتمَّ بتفعيل الحركة العامة وتشجيع الحوار داخل المجتمع حول مختلف القضايا على مستوى النخب وتوسيع المشاركة الشعبية ، وحين نتحدث عن الأفكار فإننا نتحدث بالضرورة عن منظومةٍ معقدة من العوامل والمسببات والكوامن النفسية والظروف البيئية . ومن العرامل الرئيسية المتسببة في نشؤ التطرف الديني والإرهاب فشل النظام التربوي ووسائل واتجاهات تنشئة الأجيال لتأسيس قيم عليا حول مفهوم الدولة ومبادئ المواطنة وحقوق الإنسان بدلاً من الجماعات القبلية والطائفية . عبدالله الهدلق
مشاركة :