أمام هذه الموجه العاتية من برامج الطبخ وموائد الشهر الكريم. التي تطالعك في العديد من القنوات الفضائية المحلية والعربية والعالمية بل تكاد تقفز امامك في مواقع الصحف الشهيرة من خلال طبق اليوم اللذيذ ومكوناته التي تضطر البعض ممن يريدون إعدادها او محاكاتها للتوجه الى أقرب سوبر ماركت لشراء المكونات التي قد لا تتوافر في مستودع بيته العامر او شقته. وجميعنا عانى من فرط الاسراف في شراء جازة رمضان وعلى الاخص أصحاب الدخول المحدودة والمتقاعدين الذين ما زالت رواتبهم التقاعدية محلك سر..؟! في الوقت الذي تشهد فيه الاسواق ارتفاعا محموما في الاسعار ويقابل ذلك نقص في حجم عبوات الفاكهة والخضار، ومع هذا لا يتردد المواطن والمقيم في الشراء من أجل مائدة بيته الرمضانية التي يجب أن تكون كل يوم مختلفة. وبالطبع لا يهم كيف استغرق إعدادها من وقت ولا كيف بذل فيها من جهد. فسواعد ربة البيت وخادمتها او أكثر قد بدأن العمل في المطبخ من بعد صلاة الظهر. وقليل من الازواج يذكرون بالخير ما قامت ربة البيت من جهد. وهناك من يأكل ولا يذكر ولا يشكر.؟! في هذا الزمن المتطور بات العمل في المطبخ المكيف والمزود بمختلف الاجهزة والأفران وحتى التلفزيون يشكل رغم الجهد المبذول متعة وراحة وعملا محببا. بل هناك من تعد طبق اليوم من خلال المحاكاة المباشرة لما تشاهده في هذه القناة او تلك.. وتتذكر جداتنا اللاتي عشن تعب الماضي الجميل كيف كن يعددن مائدة رمضان من خلال الموقد المتواضع.. وكيف يتم طهو أنواع محدودة من الطعام. لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة. فهناك «الهريسة» او العصيدة» والبلاليط واللقيمات و«الصالونة» و«الثريد» وكبسة «العيش الحساوي» او «العنبر»، وبالطبع ليست كل هذه الاطباق تقدم في فطور واحد الا في بيوت الاعيان والأثرياء.. لكن من الجميل أن ظاهرة تبادل الاطباق كانت سائدة في الماضي بصورة لافتة. دون ان يقوم أحد بتوصيلها للبيت الآخر. فيتم ذلك عبر طريقتين. إذا كان هناك جليب مشترك بين البيتين، فتتم العملية من تحت الجدار الفاصل فوق الجليب البئر. وكانت هذه الآبار منتشرة كثيرا فيما مضى من زمن في العديد من الاحياء في الهفوف والمبرز. ومن الطريف أن بعضها كان مشتركا ما بين بيت سني، وآخر شيعي. والطريقة الأخرى تتم عبر جدار السطح إذا لم يكن هناك «جليب» مشترك، وفيما مضى ونحن صغار لم نكن نفرق بين سكان الحي. هل هم سنة أم شيعة.. وكثير من الاعيان وأصحاب البساتين في الاحساء كان يدير مزارعهم وبساتينهم أخوة من الشيعة. وكانت عبارة جاء الشريك وباع الشريك تكاد تسمع ليل نهار. وأذكر أن جدتي أم عبداللطيف رحمها الله كانت من السيدات الشهيرات في المبرز، وكان لها مجلسها العامر وحولها تتحلق الفتيات السنيات والشيعيات ليتعلمن منها التطريز على المخدات والشراشف والمساند. إضافة الى تعليمهن طريقة إعداد الحلويات الحساوية الشهيرة مثل الملتوت والكليجا وحتى قراءة القرآن الكريم. رحم الله جدتي وأيام زمان؟!. كاتب وفنان تشكيلي
مشاركة :