الكويت.. "آه يا الأسمر يا زين"

  • 7/2/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

"آه يا الأسمر يا زين"، كانت ولا تزال من أشهر الأغنيات الخليجية على الإطلاق، فالكويت هي أمها وأهلها. قبل أكثر من ثلاثين عاما كانت سيارة أبي تحمل كثيرا من أشرطة الكاسيت لعبدالكريم عبدالقادر وعوض الدوخي وغريد الشاطئ، وأشرطة الفيديو لمسرحيات واسكتشات سعاد عبدالله وعبدالحسين عبدالرضا، ومباريات كرة القدم لمنتخب الشيخ فهد الأحمد، رحمة الله عليه، وفيصل الدخيل وجاسم يعقوب والعنبري وفتحي كميل، وصوت خالد الحربان، لقد أثر هذا كله في وعي وتربية أجيال كاملة. الكويت كانت وستظل حاضرة في ضمير الفن والجمال الخليجي والعربي، لأنها المنارة الكبرى للفن والإبداع، ولن تخترقها أحقاد الغدر البليدة. كنا في أقصى أرض الجزيرة والزمن جنوبا، وكانت الكويت تضج وسط القلب والضمير والوجدان، وتنقش على جدران طفولتنا معالم مُشرقة لعالم مختلف، يومها كنت أتمنى لو أعرف في أي جزء من الأرض تقع هذه الكويت، هذه التي أُغرم أبي بفنها وفنانيها. ولأنه لم يسبق لي أن زرت الكويت، فقد أسرعت للبحث عن موقع هذه الفاتنة الكويت على الخارطة في كتاب أطلس الجغرافيا، وإذا بها تنعكس في ذاكرتي المسبقة عنها، والمشبعة بالفن من أول نظرة، كرأس عصفور على جسد الخليج العربي الممتد كجناح، فازددت يقينا بأصالة العلاقة بين الكويت والإبداع والتغريد. وكلما تذكرت "بساط الفقر"، "درب الزلق"، و"باي باي لندن" هذا العمل المسرحي الكبير بإسقاطاته السياسية الممزوجة بالطرفة، وكيف أنه قد ترك في شخصياتنا أثرا مهما، تشكلت معه مُنذ أوائل الثمانينات الميلادية توجهاتنا وأحلامنا وأمانينا السياسية والفكرية، لقد كانت الكويت ملهمة حقا. لم يكن متاحا لي أن أكتب عن حرقتي على ما حدث للكويت إبان الغزو العراقي مطلع التسعينات الميلادية، لكنني اليوم أزعم أنني أكتب عنها بذات الحب والتقدير والمتعة والحرقة، فالكويت هذه القطعة الصغيرة من جغرافيا الأرض، كبيرة في قدرتها على تأثيرها، كانت وستبقى مركز إشعاع عظيم لكل الجزيرة العربية والخليج، لأن الفن والإبداع في الكويت عادة، وحين تكون الفنون عادة في أي أمة، فإنها تكون في أعلى مراتب السمو الإنساني. وقد تعودنا في الجزيرة والخليج أن لا فن بلا كويت ولا كويت بلا فن. المقلق أن تظهر في الكويت بوادر الفكر الإقصائي المتطرف الغريب، ذلك الذي يرى العالم من خلال فتحة صغيرة أضيق من سم الخياط، ذلك الفكر الذي يحاول جاهدا تغيير "دشداشة" الأمة الكويتية الرحبة الواسعة، ونغمات إيقاعاتها البحرية الخليجية، ويسعى جاهدا إلى أدلجة مجتمع طالما رفض العيش خارج دائرة المعنى الخلاق للإنسانية المبدعة، وتظهر أصوات تزايد على محبة الكويتيين للكويت، وعبقرية الكويتيين في التعايش وقبول الآخر المختلف، وهم أكبر أوجاع الكويت في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة برمتها. فقولوا لهم إن الله لم يخلقنا لنؤلب الناس على بعضهم، أو لنحترب ونقتل بعضنا بعضا، قولوا لهم إنه لا يمكن للكويت أن تنحني للموهومين والجبناء، فالكويتيون لن يوافقوا على التحول إلى متحاربين وأعداء أبدا، وأن هناك لحظة تاريخية سينتصر فيها العقل الكويتي العربي والإسلامي على العاطفة، قولوا لهم إن الكويت التي أنجبت عظماء في الفن والأدب والإعلام والرياضة، لن تعجز عن إنجاب مئات الآلاف من الراشدين والعقلاء، فلا تدمروا إنسانيتنا ودعوا رأس العصفور الكويتي محلقا يغرد "أنا رديت لعيونك".

مشاركة :