الأماكن كلها مشتاقة لك بقلم الدكتور/ ضيف الله مهدي

  • 6/4/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يمشي وهو مغمض عينيه ، ويبحث بيديه كالأعمى ، ويتحسس الأشياء ، ويتوقى بأقدامه ، كي لا يقع ، وسط ذبول لهجته ، و أنات قلبه ، ودندنة مشاعره .. يتحرك دون اتجاه يقصد ، وما يزال مغمض العينين .. يقول في نفسه إثنان وعشرون عاما تمضي على رحيل صاحبة القلب الجميل الرقيق .. ما يزال أنفي يشتم رائحتك ، وما تزال أنات قلبي تقبل روائح نفسك اﻷبية وجمال روحك الجميلة .. أرى الظفر والحسن والكحل والفل يتجمل بك .. تقع يده على سلسلة مفاتيح ، بها مفتاح سيارته .. وهنا فتح عينيه وأمسك بالمفاتيح وخرج من باب غرفته حاسر الرأس مفتحة أزار ثوبه ، حتى وصل إلى سيارته فتح الباب وركب ثم شغل السيارة واتجه لا يدري إلى أين يسير !! ينظر يمينا وشمالا ، ويطالع في وجوه الناس .. يعرفهم ولا يعرفهم ، حتى وصل إلى مكان يعشقه كثيرا ، تتسابق خطواته مسرعة به إلى داخل ذلك المكان .. حط نفسه على كرسي عتيق من ذكريات أمه الراحلة .. يرى حركاتها ويسمع صوتها ولا يراها.. ينظر إلى مكان بالدار يألفه كثيرا ويعشقه .. نهض من على الكرسي العتيق ، ويمشي حتى وقف في ذلك المكان.. وتعود به ذاكرته إلى الوراء أكثر من 22 سنة وتتداعى المعاني في خاطره تداعيا مطلقا .. يرى أشياء وأشياء ، ويسمع أنغاما وأغاني ، وطارق ووالش .. يرى زهرة شبابه في عنفوانها واكتمالها ، في جمالها وجاذبيتها وأناقتها ، في براءتها وعفتها .. يرى النافذة التي قد قفلت منذ أكثر من ربع قرن .. عندما حُرم من النظر إليها .. والبعاد عن تلك الأماكن .. وتتداعى المعاني في وقفته تلك .. ويتصبب العرق من جبينه ويده ، يمسح العرق وينساب شلال الذكريات العذب.. يدندن بينه وبين نفسه : الأماكن كلها مشتاقة لك والعيون اللي أنرسم فيها خيالك والحنين اللي سرى بروحي وجالك ما هو بس أنا حبيبي الأماكن كلها مشتاقة لك *** كل شي حولي يذكرني بشي حتى صوتي وضحكتي لك فيها شي لو تغيب الدنيا عمرك ما تغيب شوف حالي آه من صبري علي الأماكن كلها مشتاقة لك *** الأماكن اللي مريت أنت فيها عايشة بروحي وأبيها بس لكن ما لقيتك جيت قبل العطر يبرد قبل حتى يذوب في صمتي الكلام واحتريتك كنت أظن الريح جابت عطرك يسلم علي كنت أظن الشوق جابك تجلس بجنبي شوي كنت أظن وكنت أظن وخاب ظني ما بقى في العمر شي واحتريتك الأماكن كلها مشتاقة لك *** المشاعر في غيابك ذاب فيها كل صوت والليالي من عذابك عذبت فيني السكوت وصرت خايف لا تجيني لحظة يذبل فيها قلبي وكل أوراقي تموت آآه لو تدري حبيبي كيف أيامي بدونك تسرق العمر وتفوت آه آه وين الأمان وأنا وقلبي من رحلتي ما عرف طعم الأمان ليه كلما جيت أسأل ها المكان أسمع الماضي يقول “ما هو بس أنا حبيبي” الأماكن كلها مشتاقة لك

مشاركة :