نحن لا نخلق أنفسنا ولا نختار بيئتنا، الله هو الذي يختار لنا، الأبوين والبيئة واللون وكل شيء، يضعه في قرآنه لنا كمسلمين آيات بينات على ذلك. أي ما كان معتقد الناس ووضعهم ربي يبين لهم آياته، عندما طغوا وتجازوا حدودهم، بعث لهم الرسل مؤيدين بمعجزات لكل نبي وآية، لا يكمل إيماننا إن لم نؤمن بما به وبأوامره ونواهيه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شعوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إن أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات. اختلفت الألوان البشرية وهي عادة باختلاف المناخ عمومًا تأثيره في البشرة، تقاسم البشر الألوان، فمن أصفر لأسمر ولأسود ولأبيض، وأبيض ممزوج بحمرة (ذوي الرقاب الحمر). خلق الله الأبدان متساوية وصمم المخ والأعصاب بوضع واحد، بقيت المؤثرات والحوافر وردود الأفعال، مما يؤثر في الإنسان هي أشياء كثيرة بعضها من خلق الإنسان ذاته وبعضها الحياة الاجتماعية والثقافة وطبيعة المكان من طقس وتضاريس. لم يكن الإنسان في بداياته يهتم كثيرًا بامتلاك الأشياء وخصوصًا الأراضي فهي مشاعة للجميع، يلتقط منها رزقه. مرحلة الصيد مرحلة كل الأماكن مشاعة للكل، ولم يكن الإنسان أنانيًا، كان إنسانًا حقيقيًا، الكل للكل، الظواهر الطبيعية يخافها ويتجنبها ويشعر أن هناك قوة خفية تبعثها لذا عرف مواسمها وعرف طرق الهروب منها وتجنبها. ومن ثم خلق لها آلهة، وجعل الكهوف ملجأ له، كانت غالبًا مشتركة من يجد كهفًا يلجأ له. يقول علماء الاجتماع إن الإنسان اجتماعي بطبعه. تعارف وكون أسرًا ومن ثم فكر بحماية الأسرة، وبعدها فكر بتكوين مجتمعات، يشد بعضها بعضًا. عالم الصيد كان عالم الترحال والأخطار، إنسان العراق القديم فكر بالتواصل، ليعلم غيره بالمخاطر، فرسم على الكهوف رسائل تحذر وترسل وتعلم بالمسافات. لم يعد الصيد كافيًا ومخاطره كبيرة، عرف الإنسان التدجين، تدجين الحيوانات والمزروعات بدلاً من الركض من مكان إلى آخر يقتطف ثمرة أو يصيد حيوانًا.. المزارع كانت الفكرة الأولى للإنسان للاستيطان، ومن ثم تكون مجتمعات زراعية، الكل يعمل بها وثمارها للكل.. لحاجته للأمان أكثر عرف كيف يستخدم الطين للبناء وتكوين المساكن ومن ثم صنع أدواته البسيطة للزراعة التي كبرت كثيرًا فتم اختراع العجلة لنقل وحرث الأرض. تطورت أدوات الاتصال من الرسم على الكهوف إلى الرسم على الطين، وتطورت أكثر ليبدع الإنسان العراقي الكتابة المسمارية. وكتاب (كتبوا على الطين) لمؤلفه (إدوارد كبيرا) ترجمه ا. د.محمود حسين الأمين وراجعه علي خليل يشرح ذلك. ما زلت مع بدايات الإنسان الذي كان رفيقًا بنفسه ومن حوله ينبه للأخطار ويخترع ما يساعد الإنسان ولأن الحضارات في بداياتها كانت هنا في قلب أوطاننا، ودائمًا تكتشف هنا وهناك آثار من مروا وعملوا، قبل تلوث الجو مع وجود الممتلكات هذا حقي وذاك حقك وهذا حقك لكني سأغتصبه منك، كان الأمر جميلاً لأن الكل يعمل مع الكل، لكن بعدما تكونت الحضارات والممالك دبت الغيرة والجشع فصار الإنسان ضد نفسه. سادت حضارات السومريين والأكديين والآشوريين في العراق وما زلنا نتذكر صورة الثور المجنح على بوابة المتحف العراقي الذي نهبت الغوغاء الأمريكية ما به بما في ذلك الثور المجنح حارسه في الوقت ذاته سادت حضارات فارس التي جرت بينها وبين الحضارة البابلية صولات وجولات، كانت الحضارة الفرعونية في قمتها آنذاك بمصر.. وهكذا صارت الحضارات وصارت المنافسات فكانت الحقوق، بدأت الحروب. وبدأ الإنسان يحتاج إلى التهذيب والانضباط في السلوك والتصرف، لذا قبل نزول الديانات السماوية كانت ديانات من مصادر يخترعها الأباطرة ليؤكدوا حكمهم وينظموا شؤون مواطنيهم. هكذا وقف الملك البابلي حمورابي ليتسلم أول دستور في العالم مكتوب من آلة الشمس (آنو) عرفت بـ(شريعة حمورابي). أخذت مني المقدمة الكثير لكن لا بد منها، وعذرًا إن كنت أطلت مع تراث وادي الرافدين نظرًا لأني درسته كثيرًا. وقرأت عنه كثيرًا، وما زلت استمتع بملحمة جلجامش. ولأن البشرية تعرض بعضها لظلم فاحش من الإنسان ذاته. وهو موضوعي اليوم وللحلقات المقبلة. شكرًا لكم وإلى لقاء آخر..
مشاركة :