رسّخت أزمة كورونا قناعة لدى الحكومة الأردنية بضرورة تحفيز الاستثمار في القطاع الصناعي وإعادة ضبط تكاليف الإنتاج والمستوردات، والاستجابة للمطالب المتواصلة من أوساط الأعمال بدعم الصناعات المحلية طيلة السنوات الماضية وتسهيل الخروج الراهن من مآزق الإغلاق الذي كبّد البلاد خسائر كبيرة. عمان - تجمع أوساط الأعمال الأردنية على ضرورة إعادة ضبط القطاع الصناعي بما يتماشى مع مقتضيات المرحلة المقبلة التي ستزدهر فيها الصناعة مع العودة التدريجية للأنشطة الاقتصادية تبعا لتخفيف القيود العالمية من خلال تحفيز الاستثمار وإدارة التكاليف لإنعاش اقتصاد البلد الذي يعاني شح الموارد ومحدودية التمويل. وتواجه الصناعات المحلية، تحديات كبيرة ما قبل أزمة كورونا، كزيادة حجم المستوردات مقارنة بالصادرات، وهو ما يشكل عوائق تنافسية عالية وغير عادلة، إضافة لارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة الطاقة وارتفاع الضرائب والرسوم وإجراءات الاستثمار الطويلة والمعقدة أحياناً. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية بترا أعن ممثل قطاع الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل في غرفة صناعة الأردن أحمد البس، قوله “هناك تحديات كبيرة أمام الصناعة الأردنية، حيث تعتمد في كثير منها على مواد خام وأولية مستوردة”. وسبق وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال اجتماعه مع اللجنة التوجيهية لدعم الصناعات الأردنية، على ضرورة تكثيف الجهود لتطوير مواصفات وجودة المنتجات المحلية، والتوسع في صناعة الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية والتصنيع الغذائي لغايات رفد السوق المحلية والتصدير. ويضم القطاع الصناعي الذي يشكل ربع الناتج المحلي الإجمالي، 18 ألف منشأة صناعية بمختلف مناطق البلاد وفرت 250 ألف فرصة عمل غالبيتها لعمالة أردنية، كما يستحوذ على نحو 93 في المئة من الصادرات الأردنية الكلية للأسواق العربية والأجنبية. وتتوزع منشآت القطاع الصناعي على قطاعات الصناعات الهندسية وتكنولوجيا المعلومات والخشبية والأثاث والإنشائية والغذائية والتعدين والجلدية والمحيكات والعلاجية والدوائية والكيماوية والبلاستيكية والمطاطية والطباعة والتغليف. وتأثرت عديد الصناعات بأزمة كورونا بسبب تراجع الأسواق التصديرية، ونقص التحويلات الخارجية، مشيرا إلى أن الصناعيين الأردنيين يتمتعون بمرونة عالية أوجدوا من خلالها حلولا لمشاكل كثيرة واجهتهم خلال أزمة كورونا. تواجه الحكومة الأردنية ضغوطا كبيرة من الأوساط الصناعية خلال السنوات الأخيرة مطالبة بالحصول على حوافز ضريبية لإنقاذ القطاع من الركود جرّاء ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة التنافسية، الأمر الذي فاقم خسائر الشركات في السنوات الأخيرة. وطالب المهندس البس الحكومة بدعم الصناعات المختلفة من خلال تعديل الأنظمة والتشريعات والقوانين، وتسهيل شروط إنشاء وترخيص المصانع، كمصانع إعادة التدوير للمواد المختلفة، خاصة تدوير النفايات بأنواعها، لقدرتها على توفير فرص عمل كبيرة، وتوفير عائد مالي كبير على الاقتصاد الوطني. من جانبه اعتبر مؤسس حملة صنع في الأردن التابعة لغرفة صناعة عمان، والمحلل الاقتصادي موسى الساكت أن الصناعة هي أقصر طريق لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأهم ما تحتاجه المرحلة الحالية لتطوير الصناعة هو الخروج من الأزمة بما يسمى بالسياسة الصناعية، وهي مجموعة من التدابير الموجهة نحو أهداف معينة للتأثير على البنية الصناعية. Thumbnail وأكد أن تكاليف الإنتاج المرتفعة هي أهم عائق يقف أمام تطور مختلف الصناعات، إذ تشكل تكلفة الطاقة نحو 28 إلى 40 في المئة من التكاليف الإنتاجية، إضافة إلى ارتفاع أسعار النقل وصعوبة الحصول على تمويل سخي بأسعار مناسبة. وقال مؤسس مجموعة العملاق الصناعية حسن الصمادي إن دعم الصناعة الوطنية يحتاج إلى فرض رسوم على المستوردات التي يوجد لها بديل محلي، لإعطاء فرصة للمنتجات المحلية للظهور بفرص تنافسية عادلة. وأضاف أن على الجهات المعنية تسهيل وتسريع إجراءات التمويل، خاصة قروض شراء خطوط الإنتاج وتمويل رأس المال العامل، بأسعار فائدة متدنية، واعتبار خطوط الإنتاج ضمانة للحصول على قرض، وتأجيل دفع ضريبة المبيعات على مستوردات المواد الخام، لحين تحقق البيع محلياً فقط، ما سيوفر للصناعي سيولة كبيرة تساعده في تأمين التزامات أخرى. ومع كل الظروف التي تعيشها الدولة والتي عمقها الوباء، ترسخت لدى السلطات قناعة بأن التعويل أكثر على المنتجات المحلية سيدعم قطاع الاستثمار من أجل تعزيز الصادرات، وبالتالي ضخّ إيرادات إضافية في خزينة الدولة. وتُساهم الصادرات الصناعية بأكثر من 90 في المئة من مجمل الصادرات المحلية، بقيمة تصل إلى نحو 4.3 مليار دينار (6 مليارات دولار) سنويا. ويستورد الأردن الذي يعاني من شحّ في المياه والموارد الطبيعية حوالي 95 في المئة من احتياجاته من الطاقة من دول الجوار وفي مقدّمتها مصر والعراق. ووجهت الحكومة أنظارها في مايو الماضي للتضييق على فاتورة الواردات بإلغاء المزايا التفضيلية الممنوحة لها لتشجيع الصناعات المحلية، وتخفيف أزمات البطالة في إطار فورة إصلاحات متسارعة لتحريك عجلة الاقتصاد المتعثّر. وكانت الحكومة قد كثّفت جهودها العام الماضي لدعم الصناعة من خلال إطلاق كيان لإنعاش الصادرات في محاولة لتفكيك العقبات المزمنة أمام الصادرات، التي تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات الأمنية في المنطقة. وسبقت تلك الخطوة إطلاق برنامج دعم الشركات الصناعية من أجل التصدير لتقديم الدعم الفني والمالي للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :