قوانين الانتخابات المصرية توسّع تمثيل المعارضة وتحتفظ للحكومة بسطوتها | أحمد جمال | صحيفة العرب

  • 6/9/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - حقّق البرلمان المصري توازنا ظاهرا بين أحزاب الموالاة والمعارضة بعد أن أبدى استجابة لمطالب الأخيرة بعقد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ المقبلين بالتساوي بين القائمة والنظام الفردي، واعتمد رؤية ائتلاف دعم مصر (صاحب الأغلبية) بإجراء الانتخابات وفقاً للقائمة المغلقة، وليس القائمة النسبية التي طالب بها تكتل (25 – 30) المعارض، لضمان تمثيل الأحزاب الصغيرة داخل المنظومة التشريعية المقبلة. واصل البرلمان مناقشة تعديلات قانون مجلس النواب، الاثنين، لتتماشى مع التعديلات الدستورية، ووافق على مشروعي قانون انتخابات مجلس الشيوخ الذي يعود مجدداً ليشكل كغرفة ثانية، ومجلس النواب، ومن المقرر أن يتم التصويت نهائيا الأسبوع المقبل. يضم مجلس النواب في عضويته 568 نائباً، على أن تخصص ربع المقاعد للمرأة، ولرئيس الجمهورية الحق أن يعين ما لا يزيد عن 5 في المئة من إجمالي عدد الأعضاء، ويكون انتخاب مجلس النواب بواقع 284 للنظام الفردي و 284 بنظام القوائم المغلقة. تنص القوانين التي قدمها ائتلاف الأغلبية، ووافق عليها البرلمان مبدئيا على تشكيل مجلس الشيوخ من 300 نائب يجري انتخاب ثلثهم بالنظام الفردي والثلث الآخر بالقائمة المغلقة، والثلث الأخير يجري تعيينه من قبل رئيس الجمهورية. تحقق القائمة المغلقة بعض المكاسب للأحزاب السياسية، لأن إجراء الانتخابات على نصف المقاعد من خلالها يضمن تمثيل أكبر لها في المنظومة التشريعية، ويعطي فرصة لكل حزب لطرح برنامجه على المواطنين الذين سيكون عليهم الاختيار وفقاً لقناعاتهم. موسى مصطفى موسى: القائمة المطلقة تشجع الأحزاب على امتلاك قواعد جماهيرية موسى مصطفى موسى: القائمة المطلقة تشجع الأحزاب على امتلاك قواعد جماهيرية وتحرم القوائم المغلقة الأحزاب الصغيرة من التمثيل لأن القائمة التي ستمثل في البرلمان عليها الحصول على نسبة أصوات تتخطى الـ50 في المئة، بالتالي فإن القوائم التي لم تصل لتلك النسبة لن تكون ممثلة. ويسعى ائتلاف دعم مصر إلى تحقيق توازن يضمن تأثير دوائر قريبة من الحكومة على الجهات التشريعية المقبلة، مع إفساح المجال أمام الأحزاب لتشكيل تحالفات انتخابية تمكنها من التحرك في الشارع، وحلحلة الجمود الذي تعاني منه الحياة السياسية المصرية، ويبدو أن الحكومة لم تعد لديها ممانعات من تمثيل أوسع للمعارضة داخل البرلمان. شهدت الفترة الماضية اجتماعات عديدة استضافها حزب مستقبل وطن (أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان) وشارك فيها عدد من الأحزاب المعارضة، أبرزها الإصلاح والتنمية، والعدل، والمصري الديمقراطي، والوفد والتجمع، والغد، والشعب الجمهوري والمحافظين والمؤتمر، لمناقشة قوانين الانتخابات والنظام الأمثل لها، والتي توقفت مع إجراءات مواجهة كورونا. وقال المرشح الرئاسي السابق، موسى مصطفى موسى، إن الاجتماعات انتهت بالاتفاق على إجراء الانتخابات بالتساوي بين الترشيح الفردي والقائمة المغلقة، وأن حزبين فقط هما من طالبا بأن تكون نسبية (العدل، والمصري الديمقراطي)، فيما كان رأي الأغلبية بأن ترسخ الانتخابات فكرة المؤسسية الخاصة بكل حزب، وتكون تحت قبة البرلمان أحزاب لديها توافق ونواب يدافعون عن أفكارها. وأضاف لـ”العرب”، أن هناك توجهاً بأن تتوحد الكيانات الصغيرة داخل الأحزاب بما يضمن وجود عدد محدد من الأحزاب لها تأثير فعلي في الشارع، كما أن الهدف من القائمة المطلقة تشجيع الأحزاب على امتلاك قواعد جماهيرية. وأشار موسى، الذي يترأس حزب الغد، إلى أن الاعتراضات الحالية بشأن مجلس الشيوخ وأن مطالبات الأحزاب جاءت بأن تجري الانتخابات بالقائمة المطلقة على جميع المقاعد، لأن هناك 100 مقعد سوف يقوم رئيس الجمهورية بتعيينهم ويمكن اعتبارها مقاعد فردية، بجانب أن مجلس الشيوخ فرصة للكوادر الصاعدة لإثبات نفسها والدخول في معترك السياسة. ولقي قانون مجلس الشيوخ اعتراضات بسبب كثرة المقاعد التي يعينها رئيس الجمهورية، واعتبرت المجلس قد يخرج عن دوره التشريعي المنوط به ليكون أقرب إلى غرفة استشارية لا تشكل الهدف المرجو وهو مساندة البرلمان في أداء دوره، وقد يتحول إلى منبر لتوزيع المناصب كما كان معروفاً عن مجلس الشورى الذي جرى إلغاؤه. ائتلاف دعم مصر يسعى إلى تحقيق توازن يضمن تأثير دوائر قريبة من الحكومة على الجهات التشريعية المقبلة ومن المقرر إجراء انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في نوفمبر المقبل، وسط توقعات بعدم استبعاد تأجيلها إلى وقت لاحق، حال استمرار أزمة كورونا. منح قانون مجلس الشيوخ الحق لرئيس الوزراء أو من يفوضه بتولي جميع اختصاصات رئيس الغرفة التشريعية الثانية ومكتبه، لحين انتخاب أول رئيس للمجلس وتشكيل مكتب المجلس، وهو ما يبرهن على عدم استبعاد إرجاء انتخابه. قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، إن إجراء الانتخابات بالقائمة المغلقة، حتى وإن كانت بنسبة 50 في المئة، لا يصب في صالح إحداث إصلاح جذري في النظام السياسي، وأن مشكلات تهميش الأحزاب ستظل قائمة، وسط عدم قدرتها على الوصول للبرلمان بحرية كاملة وتضييق الخناق على تحركاتها. وأوضح لـ”العرب”، أن القائمة المطلقة اختفت من غالبية النظم السياسية على مستوى العالم، والحديث عنها يعد بمثابة “تعيين مقنّع”، لأن من يسعون للوصول إلى البرلمان سوف يتوافدون على الأحزاب الكبيرة لضمان الوجود في قوائمها ومن ثم دخول البرلمان، وأن من لديهم القدرة على دفع فاتورة الانتخابات سيتقدمون صفوف هذه الأحزاب. ما يبرهن على هذه الرؤية، أن العديد من رجال الأعمال الذين تركوا مجال السياسة على مدار السنوات الماضية عادوا إليها مؤخرا، ما يجعل الأحزاب تدور في فلك هيمنتهم عليها مجدداً. برأي هاشم ربيع، أن القائمة النسبية تضمن تمثيلا للأحزاب الكبيرة والصغيرة داخل القائمة الواحدة، وذلك من شأنه إثراء التنوع داخل البرلمان، وضمان عدم هيمنة حزب بعينه على الأغلبية المطلقة كما هو الحال حالياً، كما أن الأغلبية المطلقة لا تراعي الكفاءة في النواب المختارين لأن القائمة الواحدة قد تحوي شخصيات لها قدرات سياسية داخل البرلمان، بعكس النسبية التي تضمن إفراز كوادر جديدة للعمل تساهم في وضع سياسات تخدم الدولة وتصب في صالحها، بعد حالة تجريف حزبي غير مسبوقة.

مشاركة :