يرتبط كثير من العمال في الحقول الوردية الزاهية في جنوب غرب تركيا بصلة غير متوقعة بالورود التي يرعونها.. إنهم لاجئون سوريون يعملون مؤقتا خلال موسم حصاد الوردة الدمشقية الثمينة في تركيا. ينتهي موسم الحصاد مطلع الأسبوع القادم والذي يكسو 16 مليون كيلومتر مربع من الأرض باللون الوردي ويعطر الجو حول بلدة اسبرطة أكبر منتج للورود الدمشقية وزيتها باهظ الثمن في يونيو من كل عام. وتستخدم أربعة أطنان من الورود أي نحو مليوني وردة لإنتاج كيلوجرام واحد من خلاصة رائحة الورد ويباع بنحو 7500 يورو (8300 دولار) أو عشرة آلاف يورو اذا كان مستخلصا من محصول عضوي. وتقدر قيمة الصادرات بخمسة عشر مليون يورو، ويعتبر الزيت منتجا استراتيجيا بالنسبة لمنتجي العطور التي تصنع من الورود الذين يستخدمونه حتى تدوم الرائحة لفترة طويلة. يقول نوري ارجتين الذي يدير مصنعا لإنتاج زيت الورد في اسبرطة أنشأه والده عام 1958 إن موسم الحصاد الذي يستمر ستة أسابيع "سباق مع الزمن". في ابريل من العام الحالي ضرب الصقيع المحصول الذي كان من المتوقع أن يكون نحو ستة آلاف طن فخفضه بنسبة 20 في المئة. وقال ارجتين "لا نستطيع الحصول على ما يكفي من الورود وهناك نقص في الجهود المنسقة للحفاظ على هذه الصناعة وبالتالي فإنها معرضة للخطر." واشترى بيت الأزياء الفرنسي جيفنشي وشركة ليز ايرل البريطانية ورودا من ارجتين من أجل عطور طرحت في الأسواق بكميات قليلة وهو يعمل مع شركة انترناشونال فليفورز اند فراجرانسز وهي واحدة من اكبر شركات العطور في العالم. لكن استخلاص الزيت من 7500 طن من الورود والذي يصدر للخارج بالكامل تقريبا مهمة شاقة. يستيقظ العمال الذين يجمعون الورود مع شروق الشمس قبل أن تجفف حرارة النهار قطرات الندى ويجب أن ينقلوا ما جنوه بسرعة الى المصانع التي تعالجه خلال ساعتين. وعلى الرغم من التزايد المطرد في الطلب من قطاع صناعة العطور العالمي الذي يقدر حجمه بنحو 40 مليار دولار فإن الإنتاج التركي تراجع على مدى 20 عاما كما تنحسر زراعة الزهور بشكل عام. ويقول مزارعو زهور إن السكان الذين انخفضت أعدادهم في معظم المجتمعات الريفية في تركيا نتيجة الاتجاه للانتقال للمدن الذي ينمو بسرعة يفضلون زراعة محاصيل لا تحتاج الى عمالة كثيرة مثل الكرز والخوخ (الدراق) لتصديرها. ويستعين كبار المنتجين بعمال زراعة مهاجرين بينهم لاجئون سوريون، وتستضيف تركيا نحو مليوني لاجىء من سوريا فروا من العنف الذي اندلع في بلادهم عام 2011 ويعملون بشكل متزايد في أعمال زراعية متدنية الأجور. ولا توجد صناعة ورود في سوريا التي يمزقها الحرب، وتبلغ حصة تركيا من السوق 60 في المئة بينما تسيطر بلغاريا على بقيته، وتتكون الوردة الدمشقية التي تحمل اسم العاصمة السورية من 30 بتلة ويطلق عليها ايضا اسم وردة الداماسك وهي واحدة من بضعة أنواع - من مجمل 150 نوعا من الورود - التي يمكن استخلاص الزيت منها.
مشاركة :