قال تقرير لمجلة بولوتيك، إن أوروبا تريد أن تغزو العالم من جديد لكن هذه المرة السلاح القاتل ليس من الصلب والبارود، بل هو قاذفة قانونية للاتحاد الأوروبي تهدف إلى فرض قواعد خصوصية أكثر صرامة على الحكومات والشركات من سان فرانسيسكو إلى سول. فعندما يقوم المنظمون في المنطقة بإدخال التغييرات تحت مسمى اللائحة العامة لحماية البيانات، في 25 مايو المقبل سوف يمثل ذلك أكبر تعديل لقواعد الخصوصية في العالم منذ أكثر من 20 عاما. وسيكون من الصعب على الدول العربية وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي التعامل بدون إقرار تشريعات ملائمة للقواعد الاوروبية لان جميع شركاتها بداية من المطاعم والفنادق الى المؤسسات المالية والقانونية غيرها لا يمكنها التعامل مع داخل الكتلة الاوروبية اذا ثبت ان بيانات عملاء من مواطني السوق الاوروبية الكترونيا في الخارج. وتمتلك السعودية قانونا لحماية الخصوصية يتفق مع ضوابط الشريعة الاسلامية كما قال مركز دلا بايبر القانوني منذ مارس 1992، واضافت في 2005 قانونا لحماية البيانات التجارية. وبالفعل أجرت الامارات نهاية العام الماضي عدة تعديلات على قوانين حماية البيانات الصادرة في 2015، كما اطلقت حملات لتوعية شركات القطاع الخاص بمخاطر عدم الامتثال للقواعد الاوروبية. كما اعتمدت قطر في فبراير 2017 قانون حماية البيانات خشية الإضرار بصادرات الطاقة الى اوروبا على وجه الخصوص فيما اعدت البحرين مسودة لمشروع قانون مماثل تمهيدا لإصداره. وتستعد مصر لإصدار قانون حماية البيانات الشخصية الذى بدأ البرلمان مناقشته بنهاية 2017. وتتيح اللوائح الجديدة لمواطني الاتحاد الأوروبي سلطة جديدة حول كيفية جمع بياناتهم واستخدامها وتخزينها، وهو ما يضع قادة عالميين خارج التكتل الاوروبي المكون من 28 بلدا أمام خيار صعب للغاية، لانه سيجبرهم على تعديل قوانينهم المحلية لتتماشى مع القواعد الجديدة للاتحاد الأوروبي مما يعوق الوصول الى سوق من 500 مليون مستهلك من المستهلكين الاثرياء. وقال كريستوفر كونر، الرئيس المشارك لمركز خصوصية بروكسل في جامعة فريج في بروكسل: إن حماية البيانات مثال جيد على أوروبا التي تحاول توسيع نفوذها على حساب دول أخرى ويطلق عليه الخبراء «تأثير بروكسل». وبالنسبة للعديد من البلدان، فإن الخيار غير منطقي لانه يعين اما كسر العلاقات التجارية مع أكبر كتلة تجارية في العالم وهو امر لا يمكن تصوره، أو عدم الامتثال الذي يؤدي إلى مخاطر غرامة كبيرة تصل إلى 20 مليون يورو أو 4 % من الإيرادات العالمية، أيهما أعلى بالنسبة لأي شركة تتعامل مع عملاء أوروبيين يسيئون استخدام البيانات دون الحصول على ترخيص باستخدامها. وردا على ذلك، يسعى المشرعون في جميع أنحاء العالم إلى تحديث تشريعاتهم المحلية لتتماشى مع قواعد الخصوصية الأوروبية. سيسمح تجديد البيانات للمستهلكين في الاتحاد الأوروبي بسحب بياناتهم من أي شركة في أي وقت، وإجبار الشركات على تنبيه العملاء في غضون ثلاثة أيام إذا تم اختراق بياناتهم والسماح للأشخاص بنقل المعلومات إلى خدمات منافسة في قطرة من قبعة. ويمكن التحكم في «تأثير بروكسل» في معظمه في الاقتصادات المتقدمة مثل اليابان التي أنشأت في العام الماضي وكالة مستقلة للتعامل مع شكاوى الخصوصية، لتتوافق مع معايير الخصوصية في أوروبا خلال المفاوضات من أجل صفقة تجارية جديدة بين اليابان والاتحاد الأوروبي. ولكن بالنسبة للبلدان الناشئة، يمكن أن تكون التكلفة والعبء الإداري لتطبيق معايير خصوصية الاتحاد الأوروبي أمرا شاقا. وفي بلدان مثل جنوب أفريقيا، التي تستند تشريعاتها الداخلية أساسا إلى قواعد أوروبا. وقال فيرا جوروفا، المفوض الاوروبي للعدالة، لمجلة بوليتيكو العام الماضي إنهم يريدون وضع المعايير العالمية لان الخصوصية هي أولوية عالية بالنسبة لهم. وبالنسبة للحكومات، غالبا ما يكون الاختيار أمرا ضروريا لأن الاتحاد الأوروبي سيلزم من يرتبط الآن باتفاقات تجارة حرة معه باعتماد معايير الخصوصية في المنطقة. وهذا يعني أن هناك بيانات بمليارات اليورو ستتدفق بحرية بين الطرفين. ففي الأرجنتين، على سبيل المثال، يقول خبراء قانونيون إن إصلاحات تشريعات حماية البيانات المعلقة ستضع البلد الأمريكي اللاتيني في الغالب على قدم المساواة مع القواعد الجديدة للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الضمانات المرتبطة باستقلال وكالة الخصوصية في البلاد. وفي اليابان، التي لا تزال تنتظر قرارها الخاص بالملاءمة بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي في ديسمبر، وقد أقر المشرعون أيضا الإصلاحات في العام الماضي والتي تعكس العديد من المعايير الأوروبية الحالية، مثل فرض قيود على نقل البيانات الدولية إلى البلدان التي لا تتوافر لديها قواعد حماية الخصوصية المماثلة.
مشاركة :