في 19/4/1435هـ وقعت المملكة وإندونيسيا اتفاقية ثنائية لإعادة استقدام العمالة المنزلية وقعها عن الجانب السعودي وزير العمل آنذاك المهندس عادل فقيه وعن الجانب الإندونيسي وزير القوى العاملة والهجرة عبد المهيمن إسكندر وأحيط حفل التوقيع بهالة إعلامية غير مسبوقة أقل ما قيل فيها انها ستكون الحل السحري للعمالة المنزلية. وكما تذكرون فقد نصت الاتفاقية على جملة من البنود من بينها وضع صيغة عقد عمل موحد وأن يكون توظيف العمالة من خلال مكاتب مرخصة بين البلدين إلى آخر ما جاء في الاتفاقية التي هلل لها الجميع وقالوا بأنها تؤذن بمرحلة جديدة لإيجاد حلول نهائية لكل مشكلات العمالة المنزلية. ولأن الشق كان أوسع من الرقعة ومساحة الشك والارتياب كانت أكبر من بنود ونصوص هذه الاتفاقية الإطارية فقد بقيت حبرا على ورق حتى هذه اللحظة رغم التنازلات التي قدمها الجانب السعودي ومن بينها رفع الرواتب إلى أن جاء الرئيس الإندونيسي الجديد «جوكو ويدودو» الذي طلب من وزير القوى العاملة في بلاده إعداد خارطة طريق لإيقاف إرسال العمالة المنزلية إلى الخارج خلال خمس سنوات. اليوم تدفع الأسرة السعودية ثمنا باهظا للممارسات غير المسؤولة التي كانت ترتكبها شريحة كبيرة من الأسر السعودية تحت سمعنا وبصرنا دون أن نحرك ساكنا كمجتمع ومؤسسات حكومية عمالية وقانونية وهو ما أفضى لهذا الاحتقان وصنع هذا الواقع المزري وجعل سوق العرض والطلب ينقلب رأسا على عقب بعد أن كانت مفاتيحه في أيدينا وجعل المبادرة تنتقل إلى أيدي الدول المصدرة للعمالة المنزلية كإندونيسيا والفلبين وكينيا في الوقت الذي بقي الاستقدام من هذه الدول أسهل من شربة الماء بالنسبة لدول الخليج والأردن ولبنان وظلت الأسباب تلصق شعبيا إما بوزارة العمل أو اللجنة الوطنية للاستقدام هروبا من المسؤولية المشتركة وعدم اعتراف بمسؤولية الأسرة في هذا الجانب. لكن بقي السبب الرئيسي لدى هذه الدول يكمن في الصورة النمطية التي تكونت عن الممارسات السيئة في المنازل وعدم وجود نظام قانوني يحمي حقوق العاملات في المؤسسات الحكومية.. ولعل السبب الأخير هو السبب الأساسي لوقف هذه العمالة من قبل هذه الدول. ثـلاث دول أوقفت تصدير عمالتها هي الفلبين وإندونيسيا وكينيا ودولتان أوقفت المملكة عمالتهما هما اثيوبيا وتايلند، وكل أسباب ذلك - تاريخيا - الفجوة الثقافية وتحديدا سوء الفهم المشترك لثقافة العمل المنزلي وسيادة طرف على آخر وهو ما جعل المعادلات تنقلب في نهاية المطاف ويصبح الطالب مطلوبا لتبقى الأسرة السعودية (المتوسطة والفقيرة) تدفع - ولوحدها - الثمن باهظا بالأسعار العالية وندرة العمالة وهروب الخادمات..
مشاركة :