استطاع الفنان المصري ياسر جلال أن يحجز لنفسه مكانا مميزا في أدوار الأكشن بعد أن جسّد أدوار العديد من الشخصيات التي تعتمد على الحركة خلال المواسم الرمضانية الأربعة الماضية، وكان آخرها مسلسل “الفتوّة”، ما مهّد الطريق أمامه لاختياره بطلا لمسلسل “سيف الله” الذي يتناول سيرة خالد بن الوليد، المقرّر عرضه في موسم رمضان المقبل. القاهرة – تعاقد الفنان المصري ياسر جلال بالفعل مؤخرا، مع الشركة المنتجة على أداء دور البطولة في “سيف الله”، الذي كان من المقرّر عرضه في موسم رمضان المنقضي، لكن ظروفا فنية وإنتاجية أعاقت استمرار العمل فيه، وحل جلال بديلا عن الفنان عمرو يوسف الذي اعتذر عن الاستمرار في الدور، وظهر مع جلال في فيديو قصير بثاه على مواقع التواصل الاجتماعي معا، حمل ما يشبه تسليم راية المسلسل إليه. وقال ياسر جلال في حواره مع “العرب”، إنه اختار لنفسه طريقا للوصول إلى الجمهور الذي ينجذب إلى أعمال الحركة (الأكشن)، من خلال تقديم الأدوار التي تغلب عليها القوة وليس العنف، وأن يكون ذلك في إطار معالجة قضايا اجتماعية معاصرة وقديمة، وهو ما يدفعه للموافقة على تقديم أدوار تاريخية وعسكرية، تغلب عليها القوة أيضا بعيدا عن العنف. إعادة اكتشاف يشارك في بطولة مسلسل “سيف الله”، عدد من نجوم الدراما المصرية، بينهم بيومي فؤاد، أحمد فؤاد سليم، وهو من إخراج رؤوف عبدالعزيز، وتأليف إسلام حافظ، وسيتم قريبا الإعلان عن باقي فريق العمل الذي وضعت له الشركة المنتجة ميزانية ضخمة لاستعادة قيمة المسلسلات التاريخية التي غابت عن الفن المصري لسنوات طويلة. لمع ياسر جلال في الدراما بأربعة أعمال متتالية وهي “ظل الرئيس” و”رحيم” و”لمس أكتاف”، وأخيرا “الفتوّة”، واستطاع أن يصنع لنفسه حيزا مناسبا للظهور في دراما رمضان، على الرغم من اكتفائه بالأدوار الثانوية منذ أن ظهر على الساحة الفنية قبل عشرين عاما، غير أن اختفاء أدوار الحركة غير المرتبطة بالبلطجة التي تهيمن على غالبية الأعمال الدرامية والسينمائية صبّ في صالح إعادة اكتشاف نفسه مجددا. وأوضح لـ”العرب”، أنه اختار أن يقدّم مسلسل “الفتوّة” لما يحمله من جوانب مهمة وفي إطار مختلف عن السائد الذي جرى تقديمه في الآونة الأخيرة، وأن فكرة العمل جاءت عقب الانتهاء من عرض مسلسل “لمس أكتاف” العام الماضي، وكانت هناك رغبة في أن يكون هناك إبراز للجوانب المحلية الخالصة خلال فترة تاريخية تمتدّ لنحو قرن ونصف القرن. وعلى الرغم من معايشة المسلسل لكل تفاصيل هذه الفترة، إلاّ أن هناك من انتقد وجود بعض المصطلحات التي تشبه عصرنا الحالي وليس زمن المسلسل، وهو ما ردّ عليه ياسر جلال بتأكيده أن “القائمين على العمل اختاروا تقريب أحداث المسلسل إلى المشاهدين بمصطلحات يعرفونها، وأن اللغة أداة تواصل وكل شخص يراها أو يستخدمها حسب وجهة نظره”. لكنه شدّد على أهمية أن تكون المصطلحات متناسبة مع الفترات الزمنية القديمة، وأن المسلسل تحدّث بلهجة مصرية مستمرة منذ زمن، وأنه من الجائز استخدام مصطلحات للعصر الذي نعيش فيه حاليا من دون الانزلاق إلى التعبيرات الحداثية التي لن تتماشى مع سياقات العمل. وقدّم جلال في مسلسل “الفتوّة” شخصية “حسن الجبالي” الرجل البسيط الذي يعيش في عصر القوة، لكنه يؤمن بأن القوة الحقيقية تكمن في العقل وأن الفتوّة يجب أن يحارب الظلم وينحاز للضعفاء، وسلط المسلسل الضوء على الحارة المصرية وإيقاع الحياة الاجتماعية فيها وشكل العلاقات بين المواطنين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ياسر جلال قدّم في "الفتوّة" شخصية الرجل البسيط المؤمن بأن القوة في العقل وأن عليه محاربة الظلم والانحياز للضعفاء وأشار جلال في حواره مع “العرب”، إلى أن العمل مختلف عن الأعمال التي قدّمها في السابق والتركيز كان بشكل أكبر على تفاصيل الحارة المصرية وبالتحديد داخل حي الجمالية، في منطقة وسط العاصمة، في الجزء المعروف بالقاهرة الفاطمية، وأن الشخصية شبيهة بغالبية المصريين العاديين الأقوياء والطيبين. وأضاف أنه قدّم للجمهور صورة إنسان طبيعي من لحم ودم، لديه قيم وأخلاق ومبادئ، وليس شخصية أسطورية، فهو ابن فتوّة سابق كان رجل خير يحبه كل الناس، ونشأ وهو يحمل نفس صفات والده، يحب الناس ويساعد الجيران، وهذه النماذج ما زالت موجودة في المناطق الشعبية، وتحظى بجاذبية شديدة لدى الناس. وأكّد جلال أنه استعدّ للشخصية بطريقة مختلفة، والتدريبات والتمرينات لم تتوقّف قبل بدء عملية التصوير وفي أثنائها، وأنه في الكثير من الأيام امتنع عن النوم لقيامه بالتصوير لمدة 20 ساعة، ثم يذهب إلى صالات الجيم لمواصلة التدريبات كي يحتفظ بلياقة بدنية جيدة، وهو ما عرّضه لوعكة صحية مع نهاية تصوير المسلسل. أكشن مختلف ياسر جلال تدرّب على الضرب بالنبوت قبل تصوير المشاهد ياسر جلال تدرّب على الضرب بالنبوت قبل تصوير المشاهد ردّ الفنان المصري على الانتقادات التي طالته بسبب تكرار نفسه في أدوار الحركة، قائلا “في كل مسلسل تكون هناك طبيعة خاصة للأكشن تتعلّق بالشخصية التي أجسّدها، فمثلا في مسلسل ‘ظل الرئيس’ طريقة الأكشن كانت تتناسب مع حارس شخصي لرئيس الجمهورية، أما في ‘رحيم’ طغت خناقات الشوارع كثيرا، لأنه رجل خارج عن القانون، وفي ‘لمس أكتاف’ كانت الحركة أشبه بالمصارع، لأن البطل كان كذلك”. وتابع “أما في ‘الفتوّة’ فكان الضرب بالنبوت (عصا غليظة) أساس مشاهد الحركة لأنه كان يعدّ أساس المعارك في ذاك العصر، ولهذا كانت معظم المشاهد به، إلى جانب الضرب باليدين، وهو ما جعلني أتدرّب على الضرب بالنبوت وطريقة استخدامه جيدا، حيث كان فريق العمل يجسّد المشاهد قبل تصويرها، ثم يبدأ في تنفيذها لتخرج بهذا الشكل”. وياسر جلال هو الشقيق الأكبر للفنان رامز جلال الذي عرف ببرامج المقالب التي يشارك فيها بعض النجوم والمشاهير، وقدّم في رمضان المنقضي على قناة “أم.بي.سي مصر” برنامج “رامز مجنون رسمي”، وتعرّض لانتقادات حادة لخطورة المقالب التي يدبّرها للضيوف، بينما يحرص ياسر على الابتعاد عن هذا النوع من الأعمال. نماذج مازالت موجودة وتحظى بجاذبية شعبية نماذج مازالت موجودة وتحظى بجاذبية شعبية ومن وجهة نظر جلال، فإن الدراما بشكل عام تأثّرت بالتطورات التكنولوجية المصاحبة لعملية عرضها وجعلت الأعمال التلفزيونية في منطقة أخرى بعيدا عن المتعة التي كانت تصاحب التفاف الأسر حول المسلسلات أمام الشاشات، ما كان يعطي الأعمال ذات الخلفية التاريخية رونقا مختلفا عن الوقت الحالي الذي ينجذب فيه الشباب إلى الأعمال التي تناسب مزاجهم. ورفض ياسر جلال فكرة تفوّق مسلسل على آخر بعد انتهاء عرض جميع الأعمال في موسم رمضان، قائلا “لسنا في سباق من أجل التعرّف على صاحب المركز الأول، فلكل عمل درامي لون وطعم ومذاق مختلف، كما أن كل فنان قدّم عملا مناسبا له، والجمهور في النهاية يشاهد ما يفضله أو ما يتناسب مع أهوائه، لأن كل شخص له ذوقه الخاص به”. وفسّر الفنان المصري في حواره مع “العرب”، انشغاله بتقديم الأعمال التلفزيونية أكثر من السينما بطبيعة المعروض والقدرة على الاختيار الصحيح، واصفا تقديم عمل درامي بالمهمة غير السهلة، حيث تستغرق فترة تحضير طويلة، قد تمتدّ إلى عام كامل، تبدأ من اختيار فكرة جيدة ثم العمل عليها، والاستعداد والتحضير لها، وكل هذا يتطلّب وقتا كي يتسنى تقديم عمل له جودة عالية، ويكون عند حسن ظن الجمهور.
مشاركة :