الضم استكمال لحلقات الفصل العنصري الإسرائيلي | | صحيفة العرب

  • 6/25/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بدءا بالجدار العازل الذي شرعت في بنائه إسرائيل في يونيو عام 2002 بالضفة الغربية، وصولا إلى تشبث قادتها اليوم وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو بالبدء فعليا في تطبيق خطة الضم، لا يختلف المحللون في أن إسرائيل تثبت للعالم أنها مُقْدِمة على الدخول في فصل عنصري جديد لا يعترف بالمواثيق الدولية ولا بلاءات دول كثيرة عربية أو غربية لخطورة الخطوة التي ستزيد عاجلا أم آجلا في تعقيد الوضع لا فقط في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بل في كامل منطقة الشرق الأوسط. لندن – تندفع إسرائيل لتعقيد الوضع باتخاذها قرارا أحاديا لا يحظى بإجماع المجتمع الدولي وذلك عبر تشبث قادتها بالبدء فعليا في تنفيذ حطة الضم انطلاقا من شهر يوليو المقبل. لا تكترث إسرائيل بنداءات الكثير من الدول التي تدين هذه الخطة وتدعو للتهدئة والعودة إلى مربع المفاوضات على أساس حل الدولتين. تأكد هذا التعنت الإسرائيلي بعدما جدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تصريحات كثيرة في الأيام القليلة الماضية تعهده بالبدء في ضم أجزاء من الضفة الغربية في الأول من يوليو القادم، وذلك في خطوة مثيرة للجدل تهدف إلى تعزيز قاعدته السياسية. تمرد على الجميع لا تجابه خطة الضم فقط برفض عربي أو دولي، بل إن آراء الإسرائيليين الذين خرجوا للتظاهر ضد الضم باتت بدورها منقسمة، حيث يعتبر الكثير منهم أن البدء في تنفيذ الخطة سيؤكد فعلا أن ما تتهم به إسرائيل كونها تحمل سياسة عدائية عنصرية سيصبح حقيقة على مرأى ومسمع من العالم. بنيامين بوغروند: الضم سيجعل إسرائيل نسخة حديثة من جنوب أفريقيا بنيامين بوغروند: الضم سيجعل إسرائيل نسخة حديثة من جنوب أفريقيا وتعرضت الخطة لانتقادات شديدة تقول إنها ستفتح فصل جديدا من العنصرية سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي. وقد طالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالتخلي عن أجندتها، وبضرورة احترام القانون الدولي، وذلك في بيان وافقت عليه 25 دولة من بين 27 دولة عضوا. كما تواجه الخطة رفضا من الفلسطينيين الذين يطالبون بالضفة الغربية من أجل دولة مستقلة في المستقبل كجزء من حل الدولتين للصراع المستمر منذ عقود. ولم يعد الفلسطينيون أو العرب وحدهم من يقولون أن إسرائيل هي دولة فصل عنصري بل إن الكثير من مفكريها وكتابها باتوا بدورهم يعترفون بهذه الحقيقة. ويسترجع الكاتب جوزيف فيدرمان في مقال نشرته “أسوشيتد برس” تجربة الصحافي الإسرائيلي بنيامين بوغروند الذي قضى سنوات في جنواب أفريقيا وكان شاهدا على أكثر من عقد من الفصل العنصري الذي سلط على السود. ويقول فيدرمان “أمضى بنيامين بوغروند عقوداً في محاربة الفصل العنصري كصحافي في جنوب أفريقيا. ومنذ انتقاله إلى إسرائيل قبل عقدين من الزمن، دافع بحماس عن الدولة ضد اتهامات بأنها دولة فصل عنصري أيضًا”. لكن في عمر 87، تغير فكر بوغروند؛ حيث يقول إنه إذا أصرت إسرائيل على تنفيذ خطتها لضم أجزاء من الضفة الغربية، فلن يكون أمامه خيار سوى إعلان أن وطنه الذي عاش به أصبح نسخة حديثة من جنوب أفريقيا في عصر الفصل العنصري. وقال بوغروند في مقابلة له “سيكون هناك مسيطرون إسرائيليون في منطقة محتلة. والأشخاص المحكومون لن تكون لهم حقوق أساسية. سيكون هذا فصلاً عنصرياً. وسوف نستحق التهمة. وهذا شيء يقلقني بشدة لأنه يعرضنا لمخاطر جسيمة”. يؤكد بوغروند، المؤلف الذي يستعد لنشر كتاب جديد عن التاريخ السياسي في جنوب أفريقيا، أنه يشعر باليأس إلى درجة أنه لم يتمكن من الكتابة عن ضم الضفة الغربية الذي يلوح في الأفق، قائلا “لم أستطع إجبار نفسي على القيام بذلك. بصراحة، أشعر بالغضب والكآبة حيال الأمر كله، وأقول إن هذا التصرف غبي وغير حكيم”. وعلى مدى سنوات، وصف أشد منتقدي إسرائيل بأنها دولة الفصل العنصري بسبب حكمها على الفلسطينيين الذين حرموا من الحقوق الأساسية في المناطق المحتلة. ولكن إسرائيل نجحت في التصدي لهذا الوصف. لكن مع اقتراب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من إطلاق خطوات ضم الضفة الغربية كجزء من خطة الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط -ربما في وقت مبكر من الشهر المقبل– أصبح هذا الوصف جزءًا من محادثة إسرائيل السياسية. آفي شلايم: على بريطانيا الاعتراف بفلسطين، لتصحيح أخطاء وعد بلفور آفي شلايم: على بريطانيا الاعتراف بفلسطين، لتصحيح أخطاء وعد بلفور وبدأ السياسيون والعسكريون السابقون في إسرائيل الذين يعارضون الضم في استخدام توصيفات الفصل العنصري. وعرض في هذا الصدد مؤخرا برنامج هزلي سياسي في إسرائيل، وهو “وندرفول كنتري”، إعلانًا ساخرًا لطائرات ذاتية القيادة تنقل الفلسطينيين بعيدًا عن الأراضي التي تم ضمها. تحمل الطائرة اسم “أبارت هاي”. ولا يؤاخذون المعارضون للخطة إسرائيل وحدها، بل يتهمون أيضا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكذلك قوى أخرى كبريطانيا. ودعا في هذا الصدد آفي شلايم، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد، في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية إلى الاعتراف بفلسطين، لتصحيح أخطاء وعد بلفور. ويرى شلايم أن سرقة أراضي الفلسطينيين موروثة عن الاحتلال البريطاني، وعليه فإن بريطانيا مطالبة بالوقوف ضد سياسة الضم التي تنتهجها إسرائيل. يذكر أنه في يوم 2 نوفمبر 1917 أصدر وزير خارجية بريطانيا، أرثر جيمس بلفور، وعده المشهور بإنشاء “وطن قومي لليهود” في فلسطين. وفي عام 1917 كانت نسبة اليهود 10 في المئة والبقية عرب. ويرى شلايم أن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين سيكون بمثابة تكفير عن الأخطاء التي تضمنها وعد بلفور. أما غادي شامني الجنرال الإسرائيلي المتقاعد فقد نقل عنه فيدرمان أنه قال “عندما تبدأ في القيام بالضم فإنك تضع نفسك في الواقع على منحدر خطر للغاية”. وحذر من أن الفلسطينيين في المناطق المضمومة سيطالبون بحقوق المواطنين، بما في ذلك الحق في التصويت، الأمر الذي “سيخلق في نهاية المطاف نوعا من الفصل العنصري”. ويشير الفصل العنصري إلى نظام التمييز العنصري الذي فرضه نظام الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من عام 1948 حتى عام 1994. وتميز هذا النظام بالفصل بين إمكانيات السكن والمرافق العامة للسود والبيض، وحظر العلاقات بين الأعراق وحرمان الأغلبية السوداء من حقوق التصويت. وبعد أن وُصفت جنوب أفريقيا بأنها دولة منبوذة، أنهت الفصل العنصري سلميا في عام 1994، عندما جلبت الانتخابات الديمقراطية نيلسون مانديلا ليصبح أول رئيس أسود لها. الأقلية العربية إسرائيليون ضدّ الضم إسرائيليون ضدّ الضم ويغضب مؤيدو الحكومة الإسرائيلية من مقارنة إسرائيل بجنوب أفريقيا. ويشيرون إلى أن الأقلية العربية في إسرائيل تمثل حوالي 20 في المئة من السكان، حيث يمكن لأفراد هذه الأقلية التصويت، وحتى إذا كان هناك بعض التمييز، فقد ارتفعت مكانتهم بشكل كبير في مجال الأعمال والسياسة والترفيه. يقولون إن الضفة الغربية “متنازع عليها”، وليست محتلة، ويدافعون عن وجود إسرائيل في الضفة الغربية. وقال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث محافظ في القدس يقدم المشورة بشكل متكرر إلى حكومة نتنياهو، إن المقارنة “مسيئة للغاية”. وأضاف “كان نظام الفصل العنصري نظامًا حكمت فيه حكومة أقلية بيضاء في جنوب أفريقيا على الأغلبية السوداء. لقد فرضوا عليهم الضرائب، وقاموا بصياغة كل قانون عاشوا بموجبه”. لكن بوغروند يرى الأشياء بشكل مختلف، نتيجة سنوات خبرته في جنوب أفريقيا. وكونه مراسلاً ومحرراً في جريدة “راند ديلي ميل” في جوهانسبرغ، وثق بوغروند العديد من أهوال الفصل العنصري. إقرأ أيضا: خطة الاحتلال تقسم الشارع الإسرائيلي وشمل ذلك مذبحة شاربفيل التي أطلقت فيها شرطة جنوب أفريقيا النار على المتظاهرين السود، مما أسفر عن مقتل 69 شخصًا، والكشف عن ظروف السجن وتعذيب السجناء السود. وقد سُجن بوغروند لرفضه تحديد هوية المخبر، وتمت محاكمته بسبب تقاريره، ورأى منزله يتعرض للنهب من قبل الشرطة وأحيانًا كان يحتاج إلى حارس شخصي. وزار مانديلا، وهو مصدر وصديق موثوق به، في السجن. وفي العام الماضي، حصل بوغروند على “وسام وطني”، وهو إحدى أرقى الجوائز في جنوب أفريقيا. ويجادل مؤيدو مصطلح الفصل العنصري بأنه قابل للتطبيق بالفعل في الضفة الغربية؛ فرغم وجود السلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل لديها سيطرة نهائية، بحكم الأمر الواقع، على الأراضي. وهي تتحكم في الدخول والخروج والمياه والموارد الأخرى والأمن العام. ورغم أنه يرى الاحتلال أمراً مروعاً، فقد جادل بوغروند لسنوات في المقالات والمحاضرات بأن الوضع يفتقر إلى العنصرية “المتعمدة” و”المؤسسية” في جنوب أفريقيا. ويعتقد أن معاملة إسرائيل السيئة للفلسطينيين تأتي بسبب المخاوف الأمنية. يقول بوغروند “هناك تمييز. هناك ظلم. ولكن هذا ليس فصلاً عنصرياً”، مضيفا أنه بدأ يشعر بالقلق منذ عدة سنوات عندما أصدر البرلمان الإسرائيلي “قانون القومية اليهودية”، الذي أعلن أن البلاد هي “الوطن القومي” للشعب اليهودي بينما يبدو أنه يقلل من مكانة الأقلية العربية. وقال “الضم سيأخذنا مباشرة إلى حافة الهاوية”.

مشاركة :