لا مناعة للمستثمرين في الأصول الأمريكية من الأزمة اليونانية

  • 7/9/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تغير الخطاب الرسمي الأمريكي خلال الأسبوع الماضي، حيال الأزمة اليونانية من ليست مشكلتنا، إلى المتابعة الدقيقة لتطورات الأزمة، تحسباً لانتشارها، وهو الذي انعكس في مخاوف تنتاب الأسواق المالية التي وجدت نفسها في خضمّ الأزمة. لكن تجاهل المستثمرين في أوراق الدين الأمريكية لما قد تسفر عنه أزمة اليونان، هو نوع من سوء التقدير. ونظراً لهشاشة الوضع الهلامي في اليونان، يفعل المستثمرون حسناً، إن هم استعدوا لمزيد من الاضطراب في الأسواق، ينجم عنه مزيد من المخاطر على المدى القريب، لكنه يحمل فرصاً واعدة على المدى البعيد. ومن الزاوية الاقتصادية البحتة، قد يكون من الحكمة تخفيف تأثير عدوى الاقتصاد اليوناني المتعثر ووضعها المالي. فاليونان لا وجود لها على قوائم الشركاء التجاريين المفضلين للولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لحجم اقتصادها الصغير ومحدودية العلاقة بين البلدين. وهذا يعني أن انهيار اقتصادها الذي سيكون كارثياً على شعبها، لن يؤثر في النموّ في الاقتصاد الأمريكي، كما أنه لن يؤثر في علاقة واشنطن مع بقية دول الاتحاد الأوروبي. ومن الناحية المالية تبدو الأمور مطمئنة أيضاً. فانكشاف البنوك الأمريكية والمستثمرين الأمريكيين على اليونان لا يكاد يذكر. وهذا يقلص أثر العدوى التي سبق أن كان لها آثار كارثية في أزمات سابقة. لكن هذا كله لا يعني أن المستثمرين في الأصول الأمريكية بمنأى عمّا يمكن أن تسفر عنه الأزمة اليونانية مستقبلاً، خاصة عضويتها المهددة في منطقة اليورو. فالأسهم الأمريكية وسندات الشركات لن تفلت من تأزم مخاطر الأسواق المرتقب، بل المرجح ولو في المدى المنظور، في حال استمرار دفع اليونان نحو الخروج من منطقة العملة الموحدة. ولعل اتصال وزير الخزانة الأمريكية جاك ليو مرات عدة بنظيره اليوناني والمسؤولين الأوروبيين، خلال الأسبوع الماضي، لحثهم على إيجاد حل براغماتي يسلط الضوء شعور واشنطن. لكن مثل هذه النصائح تبدو صعبة التطبيق مستقبلاً. فبعد عام من المفاوضات المقيتة استدعى الرجوع إلى الشعب اليوناني لاستفتائه على حزمة الشروط في حركة غير مدروسة، باتت الثقة بين الأطراف المتفاوضة هي الأزمة عينها، لأن كل طرف فهم نتائج الاستفتاء كما يروق له. اضف إلى ذلك أن الوضع على الأرض ازداد تعقيداً، ما يحول دون نجاح أي مشروع إصلاح مرهون بالإنقاذ. هذا الوضع يحمل في طياته مخاطر على المستثمرين في الأصول الأمريكية في المدى القريب وعلى فرص تنتظرهم على المدى البعيد. فمبدئياً تبدو أسعار الأصول الأمريكية عرضة للتذبذب بدرجة عالية، بما في ذلك ضغوط موجات البيع التي تعزز خسارتها التي بدأت منذ يونيو/ حزيران. ولن يسعفها أن يتم تداول الأصول المالية بأسعار استثنائية على خلفية تدخل البنك المركزي الذي عزل الأسعار عن مكونات الاقتصاد الأساسية. وسوف يتسبب قرار رفع أسعار الفائدة في تراجع حجم السيولة في الأسواق، ما يعني أن المستثمرين سيبادرون إلى التخلص من أصول رابحة في سعيهم للتملص من تأثير نقص النقد. لكن بعيداً عن آليات انتشار العدوى من الناحية الفنية، لا تزال أمام الأصول الأمريكية فرصة للاستفادة من الدعم الكبير على المدى البعيد. وحسب أحدث التقارير الاقتصادية يسجل الاقتصاد الأمريكي نمواً متصاعداً. وخلاصة القول أن تفاقم الأزمة اليونانية يتسبب في موجة جديدة من المخاطر يواجهها المستثمرون في المدى القريب، تعوضها فرص جذابة على المدى البعيد. وهذا يتطلب صبراً من المستثمرين. وكل فرصة شراء سوف تؤتي ثمارها لكن بعد مدة نظراً لتقييمات السوق غير الموضوعية.

مشاركة :