يقول Samuel Huntington في مقالة بعنوان The Clash of Civilizations في دورية Foreign Affairs إن الحروب القادمة لن تكون بين أيديولوجيات، ولن تكون بين دول، بل ستقع بين حضارات، ويقول إن الحروب بداخل هذه الحضارات ستكون أقل من الحروب، التي سوف تقوم بينها، ويعزو هذا إلى أربعة أسباب، الأول أن الفروقات الحضارية جوهرية، فمنها علاقة الإنسان بربه، ومكان الإنسان في المجتمع والمواطن في الوطن وعلاقة الآباء والأبناء والحقوق والواجبات والحرية والسلطة والمساواة والطبقية، وما إلى ذلك. وهذه الفروقات أعظم من الاختلافات بين الأيديولوجيات والدول. والسبب الثاني هو أن العالم أصبح متجهًا نحو العولمة، والتي تزيد من وعي الناس باختلافاتهم على حسب رأي المؤلف. كما أن السبب الثالث أن التطور الاقتصادي والتحديث التقني يفرقان بين الناس، وبين انتماءاتهم الوطنية فيصبحون أكثر انتماءً لأديانهم وأعراقهم وأقل انتماءً لأوطانهم وذلك لأن الفروقات الأخرى تمحى بسبب التطوّر.. كما أن تحرك الغرب نحو الصدارة يثير حفيظة سواهم فيتكاتلون.. وأخيرًا يزداد الانتماء في كثير من الأماكن في العالم منها الاتحاد الأوربي وما إلى ذلك من اتحادات وتنظيمات بين الدول الأخرى. وتختلف هذه التكتلات الإقليمية في رغبتها وإمكانياتها في أن تلتحق بالتكتلات الغربية، فأمريكا اللاتينية مثلًا يسهل عليها الانخراط في المنظومة الغربية، أمّا الإسلام والكونفوشية الصينية فتعجزان عن الانخراط في الغرب لعمق الفجوة بينهما وبين الغرب. وينتهي المؤلف بأن خطر الكونفوشية والإسلام عظيم في المستقبل على الغرب، وينبغي أن تفرق هاتان الحضارتان ولو لزم الأمر الإيقاع بينهما. ولكنني أختلف مع المؤلف وأعزو هذا الاختلاف بأن العولمة تنشئ جيلاً جديدًا له سمات مختلفة عن جميع الحضارات، ومنتهاها التزاوج لا التناحر بين هذه الحضارات.
مشاركة :