المهرجون في زمن كورونا معاناة مزركشة | | صحيفة العرب

  • 6/29/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يسمونهم أطباء الروح فهم الذين يرسمون الابتسامة على وجوه الأطفال ويخففون آلام المرضى، لكن لا أحد يعرف المعاناة الاقتصادية التي يعاني منها المهرجون في ظل تفشي وباء كورونا ولا حتى المصاعب في تأدية عملهم بعد أن ارتدوا الكمامات. لوس أنجلس - طوال عشرين عاما لم يعرف غاليفورد آدامز مهنة له سوى إضحاك الأطفال، كانت هذه وظيفته التي يعيش منها. وكان هذا العمل يسير على وتيرة واحدة قبل ظهور جائحة كورونا، التي غيّرت معالم مهنته ومعها قدرته على تقديم الفكاهة، وحاول مؤخرا بعث جو من المرح عندما ملأ حقيبة كبيرة خضراء اللون بأدوات المهنة، للترفيه عن عشرة من الأطفال المتململين الذين لم يصلوا إلى سن المدرسة بعد، وذلك بمركز للرعاية اليومية للأطفال في ولاية كاليفورنيا لمدة ساعة تقريبا، وفجأة شعر آدمز بالقلق من أن الحيل التي سيقدمها لن تثير الضحك. والسبب في هذا الشعور هو تساؤلات طرأت على ذهنه، منها هل يستطيع الأطفال فهم نكاته التي أصبح يتعين عليه أن يصيح بها من خلف كمامته؟ وهل يستطيعون متابعة حيله السحرية السخيفة وخفة يديه من مسافة التباعد الاجتماعي الآمنة؟ بل هل هم يريدون فعلا البالونات التي على شكل حيوانات بعد أن يتم تطهيرها؟ مثل هذه المخاوف تنتاب المهرج في زمن كورونا، يقول آدمز وهو يضع في يديه زوجا من القفازات البلاستيكية الزرقاء محاولا إخفاء عبوس وجهه الناتج عن القلق بابتسامة عريضة وأنف أحمر على شكل بصلة، تم رسمه على كمامة قماشية بيضاء “أشعر أن الجو كله غير مترابط إلى حد ما”. ويضيف “إنك لا تستطيع أن تفعل كل شيء تريده”. ولم تلق أول دعابتين استجابة، وعندما لم تظهر حيلة سحرية أثرها المطلوب، بدأ المتفرجون الصغار يتململون في مقاعدهم. وعندما لم يتمكن آدم من استخدام الحركات المثيرة والتفاعلات التي يعتمد عليها المهرجون للتواصل مع الصغار، بدأ يتصبب عرقا تحت أشعة الشمس التي أخذت تزداد سخونة مع مرور الوقت في الصباح. وإذا كانت الجائحة قد أغلقت الحسابات المصرفية وأدمت الأنوف الزائفة للمهرجين مثل آدامز، فإنها فتحت الباب أمام عارضين آخرين. ونقل المهرجون الذين كانوا يعملون في المستشفيات عروضهم إلى المنصات الإلكترونية على الإنترنت. وكانت عروض المهرجين بالمستشفيات التي تعرف أيضا باسم برنامج “رعاية المهرج” معروفة منذ 30 عاما. وتوضح راكويل جيندري (51 عاما) قائلة “في البداية لم يكن المجتمع أو الأطباء يعلمون شيئا عن فوائد هذا البرنامج”، وأسهم البرنامج الذي تطبقه جيندري حول “رعاية المهرج” بالإكوادور في تدريب 200 مهرج متطوع قدموا عروضا أمام نحو 300 ألف مريض على مدى 14 عاما. وتقول جيندري، “إننا لا نعالج، ولكن يمكن أن يطلق علينا اسم أطباء الروح، فاللهو والحب هما من الرغبات الموجودة في العالم كله، ونحن نستخرج الابتسامات من المرضى، ونلعب معهم، حتى ينسوا ولو للحظة إنهم موجودون داخل مستشفى”. وبينما أفقد الانتقال إلى المنصات الإلكترونية الاتصال المباشر والتلقائية في العروض، فإن الجائحة أدت على أي حال إلى فقدان الكثير من هذه المزايا السابقة. كما أنها سمحت للعارضين بأن يروا أن هناك مزايا معينة في تقديم العروض عن بعد. ولا يزال المهرجون الذين يقدمون عروضهم على مواقع الإنترنت يضعون أنوفا حمراء وقبعات ويستخدمون نفس الأدوات، غير أن عروض الإنترنت تتيح لهم تغيير الخلفية والتلاعب بزوايا الكاميرا والتحرك بين اللقطات. والأهم من ذلك أن عروضهم الافتراضية تدخل المستشفيات التي لا يستطيعون دخولها بأنفسهم. والآن يمكن تقديم هذه العروض الافتراضية لأي مكان في العالم، بما فيها مراكز رعاية المسنين التي ضربتها الجائحة بشدة. وفقدان العمل هو أحد التحديات التي يتعين على المهرجين أن يتعاملوا معها، والتحدي الآخر هو أن يتعلموا كيف يقدمون عروضهم وسط الظروف الحالية التي أصبحت هي الواقع الطبيعي الجديد، أي بارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الاجتماعي. يقول آدمز الذي يقدر أنه قدم طوال حياته أربعة آلاف عرض “يجب أن أغيّر من طريقة عروضي”. وهو يرى أن تقديم العروض بالأسلوب القديم غير مقبول ما دام الفايروس موجود، ومن هنا فإن آدمز يصر على وضع كمامة وقفازات، ويشجع الكبار من حوله على الاقتداء به. كما يرى أنه يكفي أن تقدم هذه الإجراءات الاحترازية نموذجا للأطفال الذين قد يتعيّن عليهم التعايش مع الفايروس لفترة من الزمن.

مشاركة :