تنطوي عملية التحول الرقمي على مجموعة من التغييرات التكنولوجية والثقافية والاجتماعية وأيضًا التنظيمية التي تؤثر على المنظمة ككل. لهذا السبب تتطلب من المنظمات وجود إدارة حذرة ، من أجل الوصول إلى نتائج مُرضية،لا يكفي اعتماد التقنيات الرقمية في جميع أنحاء المؤسسة ، من المهم أن تكون مدركًا للآثار التنظيمية الرئيسية لاتباع مثل هذا التغيير من أجل أن تكون قادرًا على إدارة العملية برمتها بأفضل طريقة ممكنة. لتحقيق التوازن بين التحول الرقمي المستمر، أصبح من الأساسي أيضًا تحسين ما يسمى "المرونة الرقمية"، التي أصبحت عاملًا حاسمًا لنجاح أي مؤسسة صغيرة كانت أومتوسطة، حاليًا ومستقبلًا. يجب اعتبار المرونة الرقمية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية ورسالة أي نشاط، ويجب أن تتمحور حول جميع الموظفين المعنيين في الشركات الصغيرة والمتوسطة. لهذا السبب، لأبد من إعادة النظر حول صنع القرار، والتغيير التنظيمي، وإدارة التغيير، ومنع المخاطر وإدارة المعرفة التي تشكل الأساس لعملية فعالة وناجحة للتحول الرقمي ليتم التحول بشكل إيجابي، لقد تعلمنا أن الإنتاجية هي كلمة السرلاقتصاد أي دولة تريد التقدم، وأن استدامة رأس المال ضروري لإحداث تنمية، لايمكن اغفال دورأحداهما، أواللجوء لطرف دون الآخر، وهذا يؤكد علي وجود علاقة تكاملية بين رأس المال وتراكمه من ناحية، ومعدلات الإنتاجية وزيادتها من ناحية آخري ، فاذا كان هناك هذه العلاقة التكاملية بين رأس المال والانتاجية، واذا كان هدفنا زيادة معدلات الإنتاجية فماذا عن علاقة التكنولوجيا برفع معدلات الإنتاجية ؟ مما لا شك فيه أن الثورات الصناعية لها دورأ إيجابيًا في رفع معدلات الإنتاجية، وهذا يشير إلي أن إدخال التكنولوجيا يؤدي إلي زيادة الانتاجية ومن ثم رفع مستوي المعيشة لدي الفرد. نعيش اليوم انطلاقة حقيقية للثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد علي التكنولوجيا، والتحولات الرقمية ومن أهمها الذكاء الاصطناعي الذي مر بمراحل عديدة لعل أهمها ما يسمي بالذكاء المستقل بمعني قدرته علي اتخاذ القرارات عن طريق الروبوتات، لم نتصور يومًا أن الربوت يتخذ قرار، أو أن من خلال شريحة توضع بالأصبع تعرفك بعض الأشياء التي لم يتخيلها الإنسان من قبل ، مثل الحالة المزاجية لزوجتك وأنت عائد من عملك ، أو ما تحتاجه الثلاجة وتخبرك به، ما هذا التقدم الذي لحق بالبشرية ، وهل لهذا التقدم تأثير اقتصاديًا واجتماعيًا ؟ الإجابة بكل تأكيد نعم فمن المتوقع أن يكون هناك في ظل التحولات الرقمية تأثيرات بشكل كبيراقتصاديًا كإحداث طفره كبيرة في بيئة أعمال متسارعة، واجتماعيًا من خلال تأثير هذا التحول علي الفرد من خلال ترك عمله لعدم استعداده لهذا التحول ، بالإضافة لمزيدًا من الفروق في مستويات الدخل لمن يعيش في ظل هذا التحول ولم يستعد بشكل جيد، لذلك وجب علينا الاستعداد للانتاج الذي يعتمد علي التحولات الرقمية وبالتحديد الذكاء الاصطناعي من خلال بناء القدرات. إن هذا الذكاء الاصطناعي يزيد من قدرتي علي التخطيط المستقبلي ، وعندما تزيد القدرة علي التخطيط في ظل أخذ كل المتغيرات الموجودة في الحسبان والمدروسة بشكل جيد بالتأكيد سيقلل الإنحرافات، وهذا يعني أن الخطة المراد تحقيقها ستكتمل مقوماتها بشكل جيد وفي الوقت المحدد لها. وأقصد هنا بالمتغيرات هي التي يحدده ابالهدف المرجو فمثلًا ، إذا أردنا زيادة الدخل القومي في العشر سنوات المقبلة ، هنا علينا تجميع المتغيرات التي تهتم أو تخص هذا الهدف، فعلي سبيل الثال، ننظر إلي أثر معدل النمو السكاني علي نمو الدخل القومي، بمعني أنه كلما زاد معدل النمو السكاني كلما انخفض معدل نمو الدخل القومي، وهذه مشكلة تواجه أي رئيس دولة دائمًا يتحدث هذه المشكلة وكيفية تأثير معدل النمو السكاني يؤثر سلبيًا علي معدل التنمية، وأنظرايضًا إلي انتاجية الاستثماربمعني اذا اردنا زيادة الدخل القومي بجنيه لأبد معرفة مقدار زيادة الاستثمار، مع العلم أن أي تغير في الاستثمار سيؤدي إلي تغير أكبر منه في الدخل القومي. واقصد بالإنحرافات هو تقليل الأخطاء، فكلما توافرت لدي بيانات صحيحة واستخدام تكنولوجيا حديثة سيساعد علي تقليل الأخطاء.علي ضوء ما تقدم نستنتج أن التقنيات تُحسن المدخلات بالتالي تُحسن المخرجات والنتائج بشكل أفضل.وأن التنمية تحتاج بشكل أساسي للأموال، والاهتمام بالصناعة، والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يساعد علي تحقيق التنمية، يعالج الإنحرافات، وتحسين المدخلات بالتالي تحسين المخرجات والنتائج بشكل أفضل، وأخيرًا يعمل علي التخصيص الأمثل للموارد من ضمنها العنصر البشري. لذلك يجب علينا الإستعداد بشكل جيد لهذه التقنيات الرقمية، وذلك من خلال أولًا: إقتصاديًا من خلال تحسين المرونة الرقمية والتي أصبحت عاملًا حاسمًا لنجاح أي منظمة الآن وفي المستقبل، بهدف الوصول إلي تنمية حقيقية للأجيال، واعتبارها جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية ورسالة أي منظمة، الأمر الذي يتطلب منا التركيز بشكل كبيرعلي التغييرالتنظيمي، وإدارة التغيير، ومنع المخاطر وإدارة المعرفة التي تشكل الأساس لعملية فعالة وناجحة للتحول الرقمي.هذا من الناحية الاقتصادية للعمل علي زيادة الإنتاجية، أما عن الناحية الاجتماعية وجب الاستعداد لا محال، فالإتجاه إلي استراتيجيات التحول الرقمي أمر غاية في الأهمية للدولة وللفرد، أما عن الدولة فالاستعداد يقي الدولة من آثارالمعضلة الاجتماعية حيث وجود التحولات الرقمية وعدم وجود استعداد لها سوف يكلف الدولة ضريبة لمن يفقدون عملهم في ظل هذا التحول مستقبلًا كبُعد اجتماعي، أما عن الفرد الذي لايستطيع مواكبة هذا التحول سينجم عنه بطالة فسيكلفه أعباء كثيرة اقتصادية، نفسية، واجتماعية سيئة، حتي الذي يستعد ولكن بشكل محدود سوف يعاني من فروقات في مستوي الدخول بينه وبين الذي قام بتأهيل نفسه بشكل جيد. وأخيرًا علينا جميعًا ادراك الآثارالتنظيمية الأساسية لإتباع مثل هذا التحول من أجل القدرة على إدارة تلك العملية بأفضل طريقة ممكنة.حفظ الله مصر شعبًا وجيشًا ونيلًا.
مشاركة :