د. ياسر السيد شحاتة يكتب: الفساد.. العدو الأكبر

  • 7/30/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مما لاشك فيه أن التغيير هو الشيء الوحيد الثابت في حياتنا، وأن التغيير يهدف إلي التطوير، ولكن هناك من لا يريد التغييرللأفضل، هناك عدو يهاجم بلا رحمة، يحطم كل بناء، يعرقل كل تطوير، إنه الفساد يا سادة العدو الأكبر الذي يعرقل أي دولة تريد تقدمًا.فالفساد عكس الصلاح فهو السلوك اللأخلاقي الناتج عن الاستغلال بشكل غير قانوني لتحقيق منافع خاصة، تتعدد أشكاله ولكن يُعد الفساد المالي أكثرأنواع الفساد الإداري انتشارًا، إذ يحصل فيه المسئول على مبلغ مالي مقابل خدمات يقدمها، من أجل تحقيق رضا بعض الأشخاص الذين يطلبون ذلك. مما لاشك فيه أن الفساد بكافة أشكاله يشكل تهديدًا لحالة السلم الاجتماعي، يفتح الباب أمام التهديدات الأمنية كما نري من تهديدات الارهاب، يهدد الإستقرار. يستطيع بلا شك  أن يحرم الدولة من القدرة علي إحداث تنمية متوازنة، وعلي أثره تعاني هوامش الدولة من إهمال تنموي، كما يعرقل حركة الاستثمارات الأجنبية في الدولة، حيث يفضل أي استثمار أجنبي الدولة التي لديها قواعد واضحة وتتمتع بأكبر قدرمن الشفافية حتي يضمن أمواله، فهناك علاقة عكسية بين الفساد والاستثمار.مما لا شك فيه أن ظاهرة الفساد لها خطورة بالغة علي أي دولة، لذلك ينبغي علينا طرح سؤال بالغ الأهمية في هذا الصدد وهو.. من آين نبدأ.. وآين ننتهي في مكافحة هذه الظاهرة؟ أري أنه لابد من وجود مداخل متعددة ومتوازية لهذه الظاهرة.بمعني أننا نحتاج إلي تشريعات قانونية ومظلة دستورية تساند الآليات حكومية لمكافحة لهذا العدو، بالإضافة إلي ضرورة توضيح مفاهيم الفساد للذهنية العامة، وأعتقد أن تقريب المفاهيم المختلفة للفساد تأتي من خلال دورالتعليم حيث ضرورة توطين هذه المفاهيم في مناهج التعليم، والتأكيد علي أن الفساد لا يرتبط بالرشوة التي تُعد الأكثر انتشارًا  أو السرقة فقط، ولكن يمتد إلي فكرة الإهمال في العمل مثلا، الغش في الامتحانات، الخلاصة أننا نحتاج لمداخل متعددة للتعرف بشكل أكبر حول مفاهيم الفساد لكي نستطيع القضاء عليه.لعل العمل علي إعداد خطة استراتيجية متكاملة علي أساس غرس قيم النزاهة والشفافية في كافة المؤسسات قد تساهم في تحجيم فرص الفساد، وأقترح أن يكون بين هذه الأطر التعامل بآليات اليكترونية وتشترك فيها كافة المؤسسات داخليًا، والتنسيق بين القدرات المختلفة وأصحاب التجارب الناجحة دوليًا لتبادل الخبرات بين الدول كظاهرة عالمية، ومن ضمن الآليات الالكترونية استخدام الذكاء الاصطناعي لمتابعة ومراقبة ومكافحة الفساد. حيث استخدمه بعض الدول علي سبيل المثال تجربة دولة بتسوانا، والتي استطاعت أن تحقق من خلاله أكبر قدر من الشفافية لتحجيم الفساد، بالتالي استطاعت أن تجذب الاستثمار المباشر لها وفق معاييرمحددة مسبقًا،ولقد أشادت بهذه التجربة مسئولة البنك الدولي للحوكمة.قضية مكافحة الفساد هي القضية الرئيسية لجميع الدول سواء كانت متقدمة أو نامية، ظاهرة منتشرة بدرجات متباينة من حيث مدي خطورته وآثاره التي تدمر أى دولة، وادركت مصر خطورة هذا العدو فسعت إلي محاصرته ومكافحته، فحرصت علي دعم الجهود داخليًا وامتد جهودها نحو القارة الإفريقية لتحجيمه ومكافحته، فكان التعاون في مجالات عدة منها الحكم الرشيد، حوكمة الإدارة، حوكمة المؤسسات ، الديمقراطية، والتنمية الاجتماعية، وكانت ولازالت مجهودات هيئة الرقابة الإدارية والأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد التابعة للهيئة لا يستطيع أحد إنكارها للقضاء علي هذا العدو.إن إعداد خطة استراتيجية متكاملة نستطيع من خلالها غرس قيم النزاهة والشفافية في كافة المؤسسات، وأن التقنيات الرقمية مع تبادل الخبرات والقدرات المختلفة بين الدول قد تساهم في تحجيم فرص الفساد ونستطيع بذلك زيادة قدرتنا علي التخطيط المستقبلي لمصر في المرحلة المقبلة بدون انحرافات تعرقل مسيرة البناء والنماء، فعلينا جميعًا مسئولية حماية مقدراتنا وحقوقنا كلًا في موقعه، فاذا تهاونت في حقك فأنت شريك أصيل في الفساد، فعليك رفض ومحاربة الفساد بكافة أشكاله حتي نستطيع الحفاظ علي الحقوق حاضرًا ومستقبلًا" وأخيرًا أؤكد علي أن الدولة التي لديها إرادة وإدارة حقيقية تستطيع تحقيق طفرات تنموية بأيادي مصرية خالصه قادرة علي العطاء وقادرة علي محاربة الفساد بكافة أشكاله والقضاء عليه... حفظ الله بلادنا من كل سوء.

مشاركة :