رمضان والدراما.. من يكسب؟ - فاضل العماني

  • 7/12/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

"رمضان والدراما.. متلازمة الفرح والخوف"، كان المقال السابق الذي حاولت فيه قدر الإمكان، أن أطوف بجولة سريعة حول رمضان الأمس بكل عبقه وسحره ودهشته في زمن الفن الجميل والدراما الرائعة. وكنت قد وعدت القارئ العزيز بكتابة الجزء الثاني من المقال، والذي سأخصصه لواقع البرامج الفنية والدرامية التي تُعرَض في شهر رمضان خلال السنوات الأخيرة. ما الفرق بين البرامج والفقرات والمسلسلات الرمضانية الحالية ومثيلاتها في العقود الماضية؟ المتتبع لما يُقدَم في رمضان منذ أربعة عقود تقريباً، يخرج بعدة ملاحظات. الأولى، وهي برامج المسابقات الرمضانية التي تعتمد على اتصالات المشاهدين، والتي لم تتغير أبداً، فهي مازالت سطحية وساذجة ولا تُقدم المعلومة أو الفائدة أو المتعة. زادت قيمة الجوائز التي تُستنزَف من جيوب المتصلين، وأصبحت مسرحاً لممارسة الاستعراض والاستخفاف بعقول المشاهدين. الثانية، هي البرامج الحوارية التي أصبحت من الفقرات المهمة في جدول رمضان. رغم الهالة الإعلامية التي تُصاحب أغلبها، إلا أنها خالية من ملامح الإبهار والإثارة والجرأة، وبعيدة عن المهنية والحرفية، سواء في التقديم أو الإعداد أو الأسلوب. الأسئلة والمقدمون والضيوف والأستوديوهات والأجواء، وقعت في فخ التكرار والتشابه والرتابة والنمطية، كما أن بعضها بكل أسف مارس التحريض والتوجيه والاتهام! الثالثة، وهي البرامج الدينية التي تُقدم جوهر الإسلام المحمدي الأصيل، بعيداً عن الاجتهادات المتكررة لبعض الدعاة الإعلاميين الذين يجترون نفس الأفكار والمواضيع والمحاور التي تدور حول المقارنة بين الشرق والغرب أو بين اليوم والأمس. فأين المفسرون والمجتهدون والعارفون بأحكام وسنن ومقاصد هذا الدين العظيم؟ الرابعة، وهي البرامج الرمضانية الموجهة للأطفال. للأسف الشديد، مازال الإعلام العربي يستسهل بل يستخف التعاطي مع الأجيال الصغيرة. نعم، هناك العديد من المسابقات والفوازير والبرامج التي يُفترض أنها تستهدف هذه الشريحة المهمة، ولكنها تفتقر للكثير من الأدوات والآليات والأساليب التي تناسب عقلية ومزاج أطفالنا. ما يُقدم لأطفالنا الذين يتمتعون بالكثير من المهارات والقدرات والإمكانات، لا يجذبهم لأنه بكل بساطة لا يشبههم. الخامسة، وهي المسلسلات الدرامية الرمضانية التي أصبحت الوجبة الدسمة التي يُقبل عليها المشاهد العربي من المحيط إلى الخليج. العشرات من المسلسلات التي تغص بها روزنامة أيام وليالي شهر رمضان، ولكنها بكل أسف غارقة في بعض التفاصيل الهامشية التي تُعتبر مكملة لا أكثر لوظيفة الفن الحقيقية. أزياء وحفلات وسيارات فارهة وقصور وعلاقات مشبوهة وبكاء وشتائم وخيانة ومخدرات، وحبكات درامية مهلهلة، وسيناريوهات وحوارات غير مترابطة. ما يُعرض في رمضان من مسلسلات -إلا ما ندر- لا يُقدم فناً يُمارس التوثيق والنقد والترفيه والتوجيه والتغيير والتأثير والقيادة، ولكنه يعرض التهريج والاسفاف والابتذال. مسلسلات قليلة جداً قاربت الكثير من التابوهات والقناعات، وكانت شاهدة على عصرها، ورصدت الكثير من التحولات السياسية والثقافية والاجتماعية، مثل سيلفي للنجم ناصر القصبي وأستاذ ورئيس قسم للنجم عادل إمام وحارة اليهود للنجمة منة شلبي. الملاحظات كثيرة جداً، ولكن هذا ما سمحت به هذه المساحة. رمضان في كل عام، يُمثل الذروة الموسمية التي ينتظرها الكل، فليته يُستثمَر بالشكل الجيد، وتُقدم فيه أعمال فنية وترفيهية ودرامية، تعكس خطورة وأهمية وتأثير الفن باعتباره أداة للتعبير ووسيلة للتنوير وآلية للتغيير.

مشاركة :