شاعر عراقي يؤكد أن القصيدة المعاصرة مظلومة

  • 7/14/2020
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

شاعر وكاتب عراقي من مواليد مدينة هيت/ محافظة الأنبار، ينظم الشعر العمودي الفصيح، له أربعة دواوين شعرية، حاصل على عدة جوائز أدبية في مجال الشعر، شارك في العديد من المهرجات الثقافية محلياً وعربياً، وينشر نتاجه في الكثير من الصحف والدوريات المحلية والعربية. سألناه عن القصيدة في الماضي والتي كانت تفاخر، رثاء، حكمة، وحث على البطولة فقال: كانت القصيدة ومنذ القدم تعرف بالقصيدة العمودية الموزونة المقفاة،  والقصيدة التي تخرج عن هذا السياق لا تسمى قصيدة، حتى جاء عهد السياب ونازك الملائكة وغيرهم من الشعراء، فكانت معهم الانتقالية إلى ما يسمى بالشعر الحر فكانت له أصداء عند الشعراء لما فيه من حرية أوسع في الكتابة، فقد اعتمدت في وضع القافية والتفعيلة والصياغة والبحر تحت خدمة الموضوع فكانت له الحرية الأكبر في تناول موضوعه وسمي بشعر التفعيلة، فممكن أن تكون تفعيلة غير كاملة في نهاية البيت الأول ليقوم بتكملتها في البيت الثاني، وهكذا مع تنوع القافية وبساطة الالفاظ واستخدام الصور الشعرية بكثرة فكان التغير تغيراً حاسماً للقصيدة فاستحسنها أكثر الشعراء وكتبوا فيها ببراعة للأسباب الآنفة الذكر. أما عن القصيدة في وقتنا الراهن، قد ظُلمت عند البعض لأنهم لم يفهموا أنها وإن كانت حرة لكنها مقيدة بنظام التفعيلة، فخرجوا عن هذا السياق إلى كتابة النثر دون دراية وعلم حتى بالنحو واللغة مع تداول المكتوب دون رقابة أضعف القصيدة كثيرا، إذن ظهور القصيدة الحرة وقتها صارت لها أصداؤها في الوسط الأدبي. ويرى الخطيب أن جذوة الكتابة الشعرية باقية في العراق ولن تموت، فالعراق كان ولا يزال، يتقدم البلدان بكل نواحي الأدب وخاصة الشعر، فمنذ القدم والعراق يزخر بالشعراء وبأسماء عظيمة في مجال الفن والأدب، ومنهم أبو الطيب المتنبي والفرزدق وغيرهم بالنسبة للعصر العباسي، ثم العصر الحديث المتمثل بعبدالوهاب البياتي والجواهري ونازك وأحمد مطر والسياب والزهاوي وغيرهم، فالعراق بلد الشعراء، أما الآن فأننا نجد ثورة شعرية عارمة فيها الذي يكتب القصيدة بإتقان، وفيها الذي حط من القصيدة وجعلها في مستوى ضحل، هناك الأخطاء الكثيرة لغوياً وعروضياً، فكل من هبّ ودبّ كتب الشعر وأصبح شاعراً دون الاكتراث لما يؤول إليه ما يكتب من مشاكل، بالنسبة للحداثة ومفهومها الخاطئ اهبطوا من مستوى القصيدة لأنهم أخذوا الحداثة على أنها التغير في مفهوم القصيدة الخليلية وهذا يقلل من شأنها، وبعضهم على العكس أبقى القصيدة العمودية كما هي ولكنه طوّر في عمق الصورة الشعرية. وعن مساحة الحزن التي تبدو أكبر من مساحة الفرح في الشعر العراقي: إن ظاهرة الفرح والحزن طاغية وموجودة على الشعر المعاصر بصورة عامة وليست بالشعر العراقي فقط، ومساحة الحزن أكبر بكثير من مساحة الفرح، ولقد تفرّد فيها الشعر العراقي لما يحمله من آلام وأحزان، فالمعاناة هي التي تفرز ما يبوح به الشاعر، ولقد انعكست هذه المعاناة على الشاعر في نصوصه الشعرية ونجد نغمة الحزن موجودة مع أكثر الشعراء في تركيبتهم وهي التي تحرضهم على الإبداع.  أما عن وجود ثقافة طائفية في العراق يرى الخطيب: بالنسبة لعالم الشعراء لم ألمس هذا الفكر، فالجميع يهدف إلى عراق واحد موحد لا فرق بين أبنائه إلا بحبه وانتمائه لبلده. وبالنسبة للمناخ الأفضل الذي ينمو فيه الأدب والظروف التي يجب أن يترعرع فيها: فالمناخ الأفضل لينمو فيه الأدب إن كان رواية أم شعراً  هو المجتمع المثقف الذي يبحث عن الرقي في الفكر والسلوك، ولا يمكن للأدب ان ينمو بغير ذلك فما نفع الكتب من دون المتلقي، والذي يجب أن يكون في ظروف هادئة، تسمح له بالمطالعة، والبحث عن المعرفة الفكرية. وعن توأمة الموسيقى والحضور الإيقاعي في النص الشعري: الموسيقى اقةٌ روحيّةٌ موجودةٌ للرّوح. أمّا الكلمة فهي للعقلِ بكلِّ ملكاتِه، حتّى الملكة العاطفيّة. الموسيقى جزءٌ أساسيٌّ من الشّعر، لكنّ الشّعرَ يضيفُ إليها الكلمة. وبناءً على ذلك فإنّ العقلَ يجبي لغةُ الرّوح. وإذا كانَ الشّعرُ فيضَ العاطفة، فهذا الفيضُ لا يخرجُ إلاّ على نغمِ الرّوح. وبالنسبة لقصيدة النثر يرى الخطيب: أنها استطاعت قصيدة النثر أن تؤسس لنفسها وجوداً وحضوراً فاعلاً في المشهد الشعري، وهذا الشكل الشعري تطورا لأشكال مشابهة أو قريبة في تراثنا الابداعي. ولا نعتقد أن جنسا أدبيا يوغل في الهدم إلى درجة فقدان الهوية، فمازالت المقامات موجودة كشكل إبداعي وان انسحبت إلى الظل لظروف، وقبل أن نقف عند آراء بعض النقاد والشعراء حول هذا السؤال الجديد القديم يمكننا القول إن الأزمة هي أزمة نقد أولا لأن النقد لم يقف لمساءلة التجربة الشعرية المعاصرة برمتها وبكل أشكالها (العمودي ـ التفعيلي ـ النثري). إننا لو سقنا هنا ما جمع من آراء حول قصيدة النثر (مثلا) لاحتجنا إلى مساحات تفوق أضعاف هذه المساحة بعشرات المرات.  وقراءة سريعة لما تلقاه الناقد والشاعر عز الدين المناصرة على أسئلة مشابهة (وإن كانت أكثر عمقا) وجمعها في كتابه "إشكاليات قصيدة النثر" وشارك في الإجابة عنها أكثر من أربعين شاعرا وناقدا من أرجاء العالم العربي ـ نجد أن ثمة اتفاقا حول مصطلح قصيدة النتر وحول غياب المعايير التي تحكم هذه القصيدة، فهناك من يرى أنها شعر خالص، وهناك من يرى أنها نثر خالص، وهناك رأي ثالث يرى أنها جنس أدبي ثالث مستقل، ولم يقل أحد بإلغاء أو موت قصيدة النثر أو القصيدة العمودية.  إن اتجاه القصيدة العمودية كتراث عميق في أغوار تاريخنا الإبداعي تحدد وتؤطر وفق معايير ومقاييس شكلية معينة بخلاف (قصيدة النثر) المصطلح الأكثر شيوعا في النقد المعاصر والتي أطلق عليها منذ نشأتها (1905) بكتابه لأمين الريحاني وحتى الآن كما يرصد د. عز الدين المناصرة في كتابه قصيدة النثر ما يقرب من (25) اسما. منها: الشعر المنثور ـ النثر الفني، الكتابة الحرة، الجنس الثالث، النثيرة... إلى آخره. ويرى أن المزايا التي تجعل القصيدة ناجحة بكل المقاييس: هي بالتأكيد الحالة الشعرية، وهي حالة الانفعال العاطفي، وأيضا يستلزم براعة لغوية لأن اللغة العربية عبقرية لمن يتقنها ويجب إتقانها بشكل جيد، والشعر لا بد أن يكون بإيقاع موسيقي ، والشاعر يولد شاعرا والشعر موهبة من الله تعالى وفطرة يولد عليها. وعن اللغة وهل هي ركن أساسي في بنية النص الأدبي: بالتأكيد اللغة هي ركن أساسي في بنية النص الأدبي وإحدى اللبنات في النص الشعري. وهي الأساس التي يستند إليه في تحقيق التعبير، ومن هنا فإن مهمة المبدع – شاعرا كان أم ناثرا - تكمن في أن يصير من هذه اللغة سمات تهدف إلى الكشف عن العلاقات التي تربط بين الظواهر والأشياء، وصولا إلى تحقيق النص وظيفته التعبيرية، مرورا بالتعامل الدقيق مع معاني الكلم حيث تناسقت دلالتها في هيئات يجري فيها الكلام في وجوه كثيرة.  أما عن مفهوم الصورة في النص الشعري يرى الخطيب: الصورة الشعرية هي عمليّة تفاعل متبادل بين الشاعر والمُتلقِّي للأفكار والحواس، من خلال قدرة الشاعر على التعبير عن هذا التفاعل بلغة شعريّة تستند مثلاً إلى المجاز، والاستعارة، والتشبيه؛ بهدف استثارة إحساس المُتلقي واستجابته، ومن العناصر التي تتكوّن منها الصورة الشعريّة تتمثّل في اللغة، والموسيقى، وما تشتمل عليه من وزن، وقافية، وإيقاع، والصورة الشعريّة مُرتبِطة بالخيال؛ فهي وليدة خيال الشاعر وأفكاره. وعن ديوانه الشعري الذي يحمل العنوان "صدى الخطيب" وماذا أضافَ إلى تجربته الشعرية، قال: ديواني الشعري "صدى الخطيب"، اخترت اسمه من اسم عائلتي وهم آل الخطيب سادة حسنية من العراق، ولقد وضعت حلَّتي بكوامنها ومشاعري بعنفوانها وأسرار حياتي هو يحكي الواقع بنصوص شعرية تترجم المشاعر والأحاسيس محاكاة لواقع عشته بكل تفاصيله سلبياته وإيجابياته. أما إضافته اليّ، فأعتبره  هو عصارة أفكاري وصدى مشاعري  الذي أرجو أن ينال رضى القراء.  وعن كثرة الشعراء وندرة الشعر قال: بالتأكيد نجد ندرة في الشعر الجيد والجديد، ولقد ظهر شعراء أكفاء ومقتدرون وشعراء شباب يجب الوقوف معهم وتشجيعهم بما يستحقون في ظل الكم الهائل من الأدباء والشعراء ويجب توفير الظروف الملائمة الجيدة وتشجيع الشعراء والمثقفين والوقوف معهم في كافة المجالات وتطوير الحركة الأدبية والأدب بصورة عامة نحو الأحسن والأفضل.  أما عن النقد فهو يرى أنه بصورة عامة دراسة موضوع معين ثم تعيين الإيجاب والسلب ومكامن الجمال والضعف والجيد والرديء، بعدها وضع الحلول، وبالنسبة للنقد الأدبي لا يختلف عن النقد بصورة عامة أيضاً هو طريقة لإظهار مظاهر الجمال وتقييمها بشكل موضوعي يعتمد هذا على الناقد وذوقه وقدرته على تفنيد العمل الأدبي ودراسته له وتقدير النص بشكل صحيح وبيان القيمة الأدبية له بالتفسير للنص وتوجيهه أدبياً ثم ولكن  للأسف الشديد ما نلاحظه اليوم هو وجود بعض النقاد على الساحة الأدبية يحاولون إبداء آرائهم بنصوص هم لا يعرفون كيف يتعاملون معها، والبعض الآخر والقليل لا يعرف حتى العروض فتجدهم يمتدحون نصاً وينتقدون النص الآخر، كأنه ليرضي أو يجامل صاحب النص، وعليه أجد الحركة النقدية ليست بالمستوى المطلوب، وهذا ينعكس على مستوى الحركة الأدبية وبالتأكيد هذا لا يشمل جميع النقاد في بلادنا العربية. 

مشاركة :