تعنت تركيا يمهد الطريق أمام التدخل العسكري المصري في ليبيا | | صحيفة العرب

  • 7/15/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - دفع تعنت تركيا وتزايد أطماعها في السيطرة على سرت والحقول النفطية، متجاهلة الدعوات المحلية والدولية لوقف إطلاق النار، البرلمان الليبي إلى طلب تدخل عسكري مصري يضع حدا لتلك الأطماع. وفي بيان صدر في وقت متأخر من مساء الاثنين، قال البرلمان الذي يعمل انطلاقا من مدينة طبرق الساحلية في الشرق إن الدعم المصري لازم لصد ما وصفه بالاحتلال التركي. وجاء في البيان “للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطرا داهما وشيكا يطاول أمن بلدينا”. ودعا البيان إلى “تضافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر بما يضمن دحر المحتل الغازي ويحفظ أمننا القومي المشترك ويحقق الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة”. وجاء بيان البرلمان بعد تصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بعث خلالها برسائل طمأنة لمصر وزعم بوجود محادثات بين القاهرة وأنقرة بشأن ليبيا. وكان وزير الخارجية التركي قال، في حديثه إلى قناة “تي أر تي” التركية، إن “هناك تحضيرات لعملية، لكن نجرب المفاوضات لانسحاب حفتر والقوات الداعمة له”. وتحدث أوغلو عن مفاوضات أجرتها بلاده على مستوى وزراء الخارجية مع القاهرة في الماضي، وأنه “لا خلاف في الرأي مع مصر بخصوص توسع مناطقها البحرية مع الاتفاقية”، في إشارة إلى الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق الليبية المتمركزة في العاصمة طرابلس. ورغم نفي وزير الخارجية المصري سامح شكري لتلك المزاعم إلا أن مراقبين لا يستبعدون أن يكون استعجال البرلمان الليبي للتدخل المصري مرده مخاوف ليبية من إمكانية أن تُقنع تركيا مصر بتسوية على مقاس الإسلاميين. وتواترت الأنباء خلال الفترة الماضية بشأن بدء تركيا تدريب عناصر من ميليشيات حكومة الإسلاميين في طرابلس قيل إنه سيتم تقديمهم كقوات نظامية يتم نشرها في سرت والموانئ النفطية لتبديد مخاوف القاهرة الأمنية، حيث سبق أن أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن سرت والجفرة خط أحمر ملوّحا بالتدخل العسكري في أي وقت. ومنذ انسحاب الجيش من محيط طرابلس أواخر مايو الماضي لم تتوقف تركيا عن التهديد بالسيطرة على سرت والحقول النفطية. وحاول المرتزقة السوريون والميليشيات شن هجوم من مدينة مصراتة، لكن دخول طيران على الخط يرجح أن يكون مصريا أحبط الهجوم وكبد الميليشيات خسائر فادحة في العتاد والأرواح. ورغم إعلان مصر بشكل مباشر نيتها التدخل في ليبيا إلا أن الأتراك والإسلاميين في ليبيا وخارجها باتوا يتجنبون مهاجمتها من خلال تصريحات المسؤولين الأتراك أو وسائل الإعلام التركية والقطرية بشأن تهدئة غير مسبوقة تهدف إلى استمالة الموقف المصري. ولاحظ متابعون أن غالبية تصريحات المسؤولين في أنقرة لم تزج باسم مصر مباشرة في مسألة الطيران المجهول الذي قصف قاعدة الوطية مؤخرا، ولم تجرؤ على تحميلها مسؤولية من أي نوع، كأنها تتحاشى الانزلاق نحو مواجهة عسكرية، وتدرك أنقرة أن قواتها على الأرض غير كافية، ما يستلزم إرسال المزيد إذا أرادت الحرب في وقت تخوض فيه معارك على جبهتي سوريا والعراق. وأرجع المتابعون، في تصريحات لـ”العرب”، الهدوء النسبي الذي أعقب تدمير قاعدة الوطية، إلى ارتباك سياسي في أنقرة، وتحركات تقوم بها قوى مختلفة للضغط عليها لوقف التمادي في التدخل، وفتح الطريق للحل السياسي، غير أنها لا تميل إلى ذلك حاليا، ولا تزال تحشد المرتزقة في ليبيا. وتريد تركيا الحصول على نصر يضبط التوازنات لصالحها، لأن النتيجة ليست في صالحها وصالح الإسلاميين رغم نجاحها في إفشال سيطرة الجيش على طرابلس لأن النفط مصدر الثروة ما زال خارج سيطرتها. وشرعت حكومة الوفاق بالفعل في حشد عدد كبير من المرتزقة والميليشيات المسلحة على مقربة من مدينة سرت الفاصلة بين طرابلس وبنغازي بدعم عسكري واضح من تركيا. وأكد المتحدث باسم القوات التابعة لحكومة الوفاق، العقيد محمد قنونو، الثلاثاء، التمسك بالسيطرة على سرت والجفرة، قائلا “حان الوقت للضرب على أيدي العابثين بقوت الليبيين.. ماضون إلى مدننا المختطفة وسنبسط سلطة الدولة على كامل ترابها”. وسبق لوزير الخارجية التركي أن أكد، الاثنين، أنه “يجب تسليم سرت والجفرة لحكومة الوفاق، وقد يتم تنفيذ عملية عسكرية حال عدم الانسحاب (انسحاب الجيش الوطني الليبي) من سرت”. وبحصول القاهرة على شرعية التدخل العسكري من البرلمان الليبي تكون قد فاقت ما حصل عليه رجب طيب أردوغان من فايز السراج، لأن البرلمان هو الجسم الوحيد المنتخب مباشرة من الشعب. وكشف عضو البرلمان الليبي محمد العباني، في تصريح لـ”العرب”، أن الوجود التركي المباشر ودعمه التنظيمات الإرهابية والعصابات المسلحة يمثلان تهديدا كبيرا لكل من ليبيا ومصر وبقية دول الجوار. واستبعد تراجع أردوغان عن أحلامه التوسعية والجنوح لمسار السلام والتفاوض، فهو يحرك طائراته وسفنه وجنوده بالفعل دون اعتبار لمحاولات فرض الحلول السلمية، وقد تصبح القاهرة مجبرة على المواجهة العسكرية. وأوضحت مصادر ليبية لـ”العرب” أن رسالة البرلمان جاءت قوية وهدفها الردع أولا، لكنها يمكن أن تتحول إلى واقع مع الجاهزية المصرية العالية، والاستعداد التام للتدخل الذي كرسته المناورات التي يجريها الجيش المصري باسم “حسم 2020″، والتي تعني أن التدخل بات وشيكا ويمكن أن يحدث في أي لحظة، ومن الضروري أن يكون معه صك شرعي ليبي واضح.

مشاركة :