عُمان تبحث عن توازن صعب بين مواجهة كورونا وتنشيط الاقتصاد | | صحيفة العرب

  • 7/15/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مسقط - تبذل السلطات العمانية جهودا مضاعفة، للتوفيق بين مراعاة الوضع الصحّي الحرج الذي فرضته جائحة كورونا على السلطنة كما على أغلب بلدان العالم، وبين تلبية متطلبات إعادة تنشيط الاقتصاد وتحسين الوضع المالي المتأثر بالجائحة. وتلتزم الحكومة العمانية الحذر في الخروج التدريجي من حالة الإغلاق وتخفيف القيود على حركة السفر والتنقّل، في وقت سلكت فيه مؤشّرات وباء كورونا منحى سلبيا بتسجيل عدد متزايد من حالات الإصابة والوفاة بالوباء. وأقرّت السلطات العمانية الثلاثاء، سماحا مشروطا للمواطنين بالسفر جوّا إلى الخارج، لكنّها قرّرت الإبقاء على حالة الإغلاق المفروضة على اثنتين من محافظات السلطنة بسبب سلبية مؤشرات الوضع الوبائي فيهما. وأعلنت وزارة الصحّة العمانية الثلاثاء، تسجيل 14 وفاة بفايروس كورونا في أعلى حصيلة يومية منذ أول اكتشاف لانتشار الوباء في البلاد منتصف فبراير الماضي. ووفق بيان للوزارة فقد تم تسجيل 1389 إصابة بكورونا خلال أربع وعشرين ساعة، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 59 ألفا و568، بينها 273 وفاة و37 ألفا و987 حالة تعاف. وكانت الحكومة العمانية قد أعلنت منذ مايو الماضي تخفيف الإجراءات والقيود المفروضة لاحتواء تفشي فايروس كورونا. وقررت الثلاثاء، الموافقة على تسهيل سفر المواطنين إلى خارج عبر المنافذ الجوية بشرط التزامهم عند العودة بالضوابط الاحترازية الموضوعة أو أي ضوابط ستصدر مستقبلا من الجهات المختصة. وتكتسي انسيابية حركة الأفراد في عمان طابعا حيويا بالنظر لخطط الدولة لتنمية القطاع السياحي بالاعتماد على المقدرات الطبيعية والبنى التحتية المتوفّرة بالسلطنة لرفع مساهمة القطاع في تنويع مصادر الدخل والتخفيف من الارتهان لعائدات النفط الذي لا تُعتبر عمان من كبار منتجيه ومصدّريه مقارنة ببلدان خليجية أخرى. وذكرت وكالة الأنباء العمانية أنّ قرار السفر المشروط للمواطنين جاء خلال الاجتماع الذي عقدته اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فايروس كورونا برئاسة حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية. ووفق الوكالة، اطلعت اللجنة على الزيادة الملحوظة في أعداد الوفيّات، وفي أعداد الحالات المصابة خاصّة بين الأسر العمانية نتيجة لزيادة المخالطة والتزاور وفق ما أسفر عنه التقصي الوبائي. وأعربت اللجنة عن قلقها إزاء هذه الزيادة، داعية جميع المواطنين والمقيمين إلى توخّي أقصى درجات الحيطة والحذر، والالتزام بالإجراءات الاحترازية التي من شأنها الحدّ من ارتفاع الإصابات والوفيّات. كما اطلعت اللجنة على تقرير حول المعطيات الوبائية في كلّ من محافظة ظفار ومصيرة اللتين تم إغلاقهما في ضوء الإجراءات الاحترازية التي أقرّتها للحدّ من انتشار هذا المرض وقررت استمرار إغلاقهما حتى إشعار آخر. وتسبّبت جائحة كورونا التي تزامنت مع تراجع كبير في أسعار النفط بصعوبات مالية لسلطنة عمان في مرحلة حساسة، كان يُفترض أن تشهد انطلاق مسار جديد للإصلاح مرتبط بمجيء السلطان هيثم بن طارق الذي كشف منذ الأيام الأولى لوجوده على رأس هرم السلطة، خلفا للسلطان الرّاحل قابوس بن سعيد، عن توّجه نحو التخلّص من البطء والتكلّس في أجهزة الدولة وإزالة العوائق التي أخّرت الإصلاح الاقتصادي الذي كان مطلوبا بشدّة منذ سنوات وجاءت الظروف الحالية لتثبت أنّه ضرورة ملحّة وليس مجرّد ترف. وكان سلطان عمان الجديد قد وضع الاقتصاد ضمن أولويات برنامجه الإصلاحي، قائلا في خطاب له إثر توليه زمام الحكم ببلاده في يناير الماضي، إنّ عمان على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها، واعدا بإنجاز تغييرات تطال الإدارة والاقتصاد، كما تمسّ قطاع التعليم كإحدى أولويات الدولة في عهده. ومسايرة للظرف الاستثنائي المستجدّ أمر السلطان هيثم في وقت سابق بتشكيل لجنة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا. ويتوقّع خبراء الاقتصاد والمال أن يبلغ عجز الميزانية العمانية في عام 2020 ما مقداره 6.50 مليار دولار ما يوازي ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجّحون لجوء عمان بشكل رئيسي إلى الاقتراض الخارجي والداخلي لسدّ العجز. وكإجراء أكثر استعجالا لتدارك العجز تمّ اللجوء إلى خفض الإنفاق العام، الأمر الذي بدأ يؤتي نتائج فورية. ويقول متابعون للشأن العماني إنّ دقّة الظرف المالي والاقتصادي في السلطنة جعلت من جهود الدولة تنحو منحى الإنقاذ العاجل بإجراءات استثنائية للتقليل من الإنفاق والحدّ من هدر المال العام، وتوجيه موارد الدولة التي تناقصت بشكل كبير بفعل تراجع أسعار النفط وركود القطاع السياحي وغيره من الأنشطة الاقتصادية والتجارية، نحو توفير الضرورات والحفاظ على التوازنات الاجتماعية وذلك تحت عنوان تجاوز الفترة الصعبة بأقل الأضرار. ويرى هؤلاء أنّ إطلاق عملية إصلاحية أشمل تتضمّن تغييرات اقتصادية جذرية بكل ما ستتطلّبه من تضحيات اجتماعية، ستكون في الظرف الحالي بمثابة عملية قيصرية تتناقض مع سياسة الدولة العمانية القائمة على التدرّج وتجنّب الصدمات.

مشاركة :