قرار إلغاء عقوبة الإيقاف يسعد سيتي ويزعج خصومه | | صحيفة العرب

  • 7/19/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أثار إلغاء عقوبة الإيقاف التي كانت تتهدد مسار مانشستر سيتي الأوروبي في الموسمين المقبلين ردود فعل قويّة وخلّف موجة من الانتقادات قادها مدربون ومسؤولون كبار في الأوساط الرياضية، فيما أثلج القرار صدور قادة الفريق الإنجليزي وعلى رأسهم مدربه بيب غوارديولا الذي أعلن أنه بدأ في التخطيط لمرحلة جديدة مع الفريق محليا وأوروبيا. لندن – خلّف قرار إلغاء عقوبة إيقاف مانشستر سيتي من المشاركة الأوروبية لموسمين، جدلا واسعا وتراوح السجال حوله بين الشجب والتعليق الموغل في النقد رغم تقديم الفريق كل المؤيدات التي كانت كافية لتبرئته من الاتهامات الموجهة إليه وأساسها الادعاء بخرقه لقواعد اللعب المالي النظيف. وطرح هذا القرار أسئلة بشأن مستقبل قواعد اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” قبل أعوام ويحاول فرضها دون جدوى في بعض الأحيان. ويذهب محللون رياضيون وخبراء قانون متابعون لقضية الفريق منذ بدايتها قبل وقف النشاط الرياضي بسبب فايروس كورونا، إلى أنه طالما أن المؤيدات أقوى من الاتهامات فإن مصير أي حكم يُصبح لاغيا، وهو ما تجسّد في القضية المرفوعة ضد سيتي وتدّعي خرقه لقواعد اللعب المالي النظيف. ويؤكد هؤلاء أن التشكيك في نزاهة أي فريق ومحاولة استهدافه وضرب سمعته لا يكون بافتعال قضايا وهمية غير مبنية على حجج وبراهين موثوقة، ويرون أن كل هذا جاء في محاولة يائسة لاختراق العملاق الإنجليزي من الداخل وضرب أسسه المتينة، لكن إنصاف “كاس” جاء ليبدد كل هذه الافتراءات ويبعث الأمل من جديد في اللاعبين والمدرب. ومن المفيد التعريف باللعب المالي النظيف، ماذا يعني عموما ومتى بدأ العمل به وما هي الأندية التي يشملها، وغيرها من الأسئلة التي باتت محور حديث الساعة في عالم كرة القدم. وبدأ يويفا في تطبيق هذه المعايير في العام 2011 بهدف رئيسي هو الحد من الديون المتضخمة لأندية كرة القدم في القارة العجوز. التصريحات المستنكرة لقرار يويفا فتحت الباب أمام غوارديولا ليتكفل بمهمة الرد على كل من يشكك في مصداقية سيتي ونظافة إدارته ومن أجل نيل إجازة للمشاركة في مسابقتي دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي “يوروبا ليغ”، تحتاج الأندية إلى تأمين توازن في ميزانياتها، بين الإيرادات والإنفاق، وتوفير الدخل من مصادر واضحة مثل عائدات تذاكر المباريات، عقود الرعاية، الجوائز المالية، وإيرادات البث التلفزيوني. وتتيح قواعد اللعب المالي للأندية تسجيل خسائر لا تتجاوز 30 مليون يورو (34 مليون دولار) على فترة محاسبية من ثلاثة أعوام، في حال كان مالك النادي قادرا على تغطية 25 مليونا منها. ويستثني الاتحاد الأوروبي من هذه الحسابات ما تنفقه الأندية على تطوير منشآت التدريب وفرق الناشئين وكرة القدم النسائية، رغبة منه في دفع الأندية إلى تعزيز هذه المجالات. ويختصر يويفا هدف قواعد اللعب المالي النظيف في “تحسين الوضع الإجمالي لأندية كرة القدم الأوروبية”. وأعلنت المحكمة ومقرها مدينة لوزان السويسرية الاثنين الماضي، إلغاء العقوبة التي فرضها يويفا على سيتي في فبراير وتخفيض الغرامة المالية المفروضة سابقا في القضية من 30 مليون يورو إلى 10 ملايين. فرصة جيدة يرى محللون رياضيون أنه فيما سيمثل إلغاء العقوبة فرصة جيدة أمام جماهير اللعبة في القارة الأوروبية للاستمرار في مشاهدة مجموعة من أبرز النجوم يتنافسون مع باقي الأندية الكبرى على لقب البطولة، إلا أن ذلك قد يصبح سيئا بالنسبة إلى قواعد اللعب المالي النظيف. ونجح سيتي في التماسه أمام “كاس” في أن يضمن المشاركة في بطولات الأندية الأوروبية خلال الموسمين المقبلين وقد حسم تأهله رسميا في الموسم المقبل من خلال موقعه في المركز الثاني بالدوري الإنجليزي هذا الموسم. لكن الحكم الصادر من “كاس” أثار استفسارات وسؤالا واضحا عما إذا كانت قاعدة اللعب المالي النظيف ماتت بالفعل. وفي بيانه الذي صدر عقب حكم (كاس) مباشرة دافع يويفا بشدة عن قواعد اللعب المالي النظيف مؤكدا على الأهمية التي ما زالت تحظى بها في عالم اللعبة. وأوضح “على مدار السنوات القليلة الماضية، لعبت قواعد اللعب المالي النظيف دورا بارزا في حماية الأندية ومساعدتها على الاستدامة المالية. يويفا ورابطة الأندية الأوروبية (إيكا) ما زالا ملتزمين بمبادئهما”. وكان قرار يويفا الذي صدر في فبراير الماضي تضمن غرامة مالية قدرها 30 مليون يورو (34 مليون دولار) ولكن (كاس) قلصت الغرامة المالية إلى عشرة ملايين يورو. ومن خلال هذا، أوضحت (كاس) أن العديد من الانتهاكات التي اكتشفها يويفا كانت “مقيدة بالزمن”، وأن مرور أكثر من خمس سنوات يعني التأخر الشديد بموجب القواعد بالنسبة لهم. وذكرت (كاس) الاثنين أن انتهاكات أخرى “لم يتم إثباتُها”. ورغم أن غرامة العشرة ملايين يورو ستكون هزيلة مقارنة بعائدات النادي الضخمة، إلا أن منتقدين يقرّون بأن سمعة النادي ما زالت تعاني من بعض التأثير. وأشارت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية الثلاثاء الماضي إلى أن “كاس” أيدت الحكم بأن مانشستر سيتي لم يتعاون مع تحقيقات يويفا وأعاقها. وكتب الصحافي روري سميث في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن قوة يويفا تراجعت بشكل أكبر من خلال حكم (كاس) الصادر لصالح مانشستر سيتي. وأوضح “بالنسبة للأندية الأغنى والأقوى، بدأت القواعد تبدو إلى حد كبير مثل الإرشادات، وأصبح الانطباع هو أن يويفا لا يستطيع فرضها عالميا، على أي حال”. لكن غاري نيفيل النجم السابق لمانشستر يونايتد والمنتخب الإنجليزي كان له رأي مخالف حين صرح لشبكة “سكاي سبورتس” هذا الأسبوع بأن قاعدة اللعب المالي النظيف كان يجب ألا توجد من الأساس. وقال نيفيل “كان من الخطأ أساسا فرض قيود على مالكي الأندية للحد من ضخ أموال في أندية كرة القدم”. وأضاف “سواء كان هذا في تشيلسي أو مانشستر سيتي أو بلاكبيرن، وكل تلك التجارب التي مررنا بها في الدوري الإنجليزي على مدار العشرين عاما الماضية أو نحو ذلك، فإن التحدي الذي ظهر من مانشستر يونايتد وأرسنال وأندية أخرى لم يكن ليحدث لو تم تنفيذ قاعدة اللعب المالي النظيف بأدق أشكالها”. وأشار “لا أعتقد أن هذا صحيح. كان هناك دائما ملاك أثرياء يستثمرون في أندية كرة القدم وهذا لن يتغير اليوم. قاعدة اللعب المالي النظيف تحتاج التغيير إلى نموذج مختلف”. ترحيب واسع عبّر المدير الفني للفريق الإسباني بيب غوارديولا عن سعادته بهذا القرار الذي لقي انتقادات من غريميه الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول والبرتغالي جوزيه مورينيو مدرب توتنهام. وقال غوارديولا في مؤتمر صحافي “أنا سعيد جدا بهذا القرار”، معتبرا أنه “يظهر أن كل ما قاله الناس عن هذا النادي ليس صحيحا”. وأضاف “لا يمكن للناس أن يفهموا إلى أي حد كان من الصعب علينا وضع النادي تحت الشبهة. الآن أثبتنا براءته في المحكمة، ونعود مجددا إلى أرضية الملعب”. ومقابل الارتياح الذي بعثه في صفوف إدارة النادي الإنجليزي ومدربه الإسباني، اشتعلت موجة من الانتقادات من مدربين في الدوري الممتاز يتقدمهم كلوب ومورينيو كانوا يتحيّنون الفرصة للتخلص من تواجد الفريق أوروبيا لموسمين. من شأن هذه الغمّة التي أزيحت أن تعبد طريق سيتي لدخول مرحلة أخرى تتخللها عملية ضخ دماء جديدة والتركيز على لقب دوري الأبطال واعتبر مورينيو أن إلغاء العقوبة يعني نهاية قواعد اللعب المالي النظيف، والتي تهدف إلى ضبط مصادر دخل الأندية وتحدد سقف الخسائر بـ30 مليون يورو على فترة ثلاثة أعوام. وقال المدرب البرتغالي “أعتقد فعلا أن قواعد اللعب المالي النظيف قد انتهت (..) المالكون الجدد للأندية سيشعرون بأن باب السيرك قد فتِح، لذا هيا بنا نستمتع بذلك”، في إشارة إلى أن المالكين المتمولين قد يلجؤون إلى الإنفاق دون ضوابط. ورأى أن قرار إلغاء العقوبة والإبقاء على غرامة مالية مخفضة “معيب، لأنه في حال لم يكن مانشستر سيتي مذنبا، معاقبته ببضعة ملايين أمر معيب. إذا لم تكن مذنبا، لا يجب أن تتم معاقبتك. في الجهة المقابلة، إذا كنت مذنبا يجب أن تتم معاقبتك”. ومن جهته، اعتبر كلوب أن عدم احترام قواعد اللعب المالي سيضر بكرة القدم الأوروبية على المدى البعيد. وقال “من وجهة نظري، أنا سعيد لأن مانشستر سيتي سيشارك في دوري الأبطال في الموسم المقبل، لأنه في حال خاض 12 مباراة أقل (من الأندية المنافِسة محليا)، لا أرى أي فرصة لفريق آخر (للتفوق في) الدوري الممتاز”. وتابع “لا أتمنى أن يعاني أي طرف من السوء، لكنني لا أعتقد أنه كان يوما جيدا لكرة القدم. (قواعد) اللعب المالي النظيف فكرة جيدة ووضعت لحماية الفرق والمسابقات، وعلى الأندية التأكد من أن الأموال التي تنفقها، تأتي من مصادر سليمة”. رد قوّي فتحت هذه التصريحات “المستنكرة” لقرار يويفا الباب أمام غوارديولا ليتكفل بمهمة الرد على كل من يشكك في مصداقية سيتي ونظافة إدارته. ورأى الإسباني أن الانتقادات في غير محلها، قائلا “يجب أن يتم الاعتذار منا لأنه في حال كنا قد ارتكبنا خطأ، لتقبلنا قرار يويفا (..) لا نتوقع أن يدافع ليفربول، توتنهام، أرسنال، تشيلسي أو وولفرهامبتون عنا، لكن لدينا حق الدفاع عن أنفسنا، وأعتقد أن ما قمنا به صحيح، وثلاثة قضاة مستقلين (في محكمة التحكيم) قالوا ذلك”. وعما إذا كان البعض سيتوقف عن أحاديثه عن سيتي، قال “سيكون ذلك لطيفا، ولكني لا أعتقد ذلك، فمن خلال ما حدث في السنوات الأخيرة، وعدد الأشخاص الذين أتوا إلى نادينا للهمس من وراء ظهورنا، أحب أن ينتهي هذا الأمر، وأن نذهب إلى أرض الملعب للعب في أرض الملعب، وإذا تغلبوا علينا، لن نتردد في التقدم بتهنئتهم، ولكنهم يخسرون بعيدا عن الملعب”. وتابع “عليهم الذهاب إلى أرض الملعب لمحاولة هزيمتنا، وقلت كثيرا، إذا فعلنا شيئا خاطئا، فسنتقبل الإيقاف من فيفا ويويفا والبريميرليغ والاتحاد الإنجليزي، ولكن بإمكاننا الدفاع عن أنفسنا والاثنين كان يوما عظيما لكرة القدم لأنه أظهر تعاملنا بنفس قوانين أندية النخبة”. وقال “يمكننا المشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، نظرا لأن ما قمنا به كان صحيحا، عليهم الآن تقبل ذلك ومواجهتنا على أرض الملعب”. وعن إمكانية استمراره مع سيتي لما بعد عام 2021، أوضح “رأيي لم يتغير، ربما أتمكن من البقاء هنا لفترة أطول، ولكن الجماهير لن تتفهم حجم الصعوبة على الجميع مع الشكوك التي حامت حول النادي، الآن أثبتنا كل شيء في المحكمة، وسنعود للملعب مرة أخرى”. وأردف “الآن ليس الوقت المناسب، أمامنا شهر آخر، وعام هو مدة طويلة بالنسبة لمدرب، كنت سعيدا قبل القرار وأنا سعيد الآن، ونملك الوقت للتحدث”. ومن شأن هذه الغمّة التي أزيحت أن تعبد طريق الفريق الإنجليزي لدخول مرحلة أخرى تتخللها عملية ضخ دماء جديدة والتركيز على لقب دوري الأبطال بدءا من هذا الموسم. وأقرت إدارة النادي أنها رصدت ميزانية هامة وأوكلت المهمة إلى غوارديولا للقيام بالتعاقدات اللازمة في الفترة الصيفية الحالية لسد بعض النواقص. وحول خططه للميركاتو، قال بيب “الآن أمامنا 4 أو 5 أسابيع هائلة، إذا كنا جيدين بما يكفي للتغلب على أرسنال سنصل إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي وبعدها سيكون لدينا الوقت للتفكير”. ووجه غوارديولا رسالة إلى الأندية المنافسة قال فيها “هذا النادي حاول طوال تاريخه في ميني رود ومع أساطيره من كولين بيل ومايك سامربي، قدمنا أفضل ما لدينا في أرض الملعب، أعرف أن ذلك الأمر صعب تفهمه على أندية النخبة من ليفربول ويونايتد وأرسنال”. وتابع “ولكن عليهم تفهم أحقيتنا في التواجد معهم وأن نقاتل على الإنجازات التي حققوها في الماضي، نستحق أن نكون أقوى عاما بعد آخر، هناك أشخاص مذهلون في تلك المنظومة يعملون كي نكون أفضل، لا نحتاج لطلب الإذن للتواجد هنا”. منذ بزوغ نجمه في سماء لندن قبل سنوات قليلة أثبت سيتي أنه فريق الأحلام بامتياز يُمنّي أي لاعب النفس بالانضمام إليه وارتداء قميصه، فيما يظل الحلم بالنسبة إلى القيادة الفنية ممثلة في مدربه العملاق غوارديولا أن رهانه على بناء هذا المشروع لن يتغيّر مهما كان حجم التحديات.

مشاركة :