بقلم : سهام الخليفة خُلق الإنسان اجتماعياً بفطرته السوية، فهو يعيش ضمن منظومة من أفراد، ومجموعات. وخلال تلك المنظومة يحتاج لتواصل، وتعامل متنوع، فتصادفه مواقف شتى، لكل منها معالجة عامة، أو خاصة، لأن ذلك التواصل ينبثق عنه أما توافق، أو اختلاف بوجهات النظر ، وتباين بالرؤى، ممّا يستدعي الأخذ، والعطاء، بما يُسمى حوار، لبلوغ نقطة تجمع الفرقاء بودية، وأريحية. وما يحدث غالباً أن هناك عوامل عدة تؤثر على مجرى ذلك الحوار، وتنحو به أما للجدية، أو الهزلية، وأمّا لنتيجة مفتوحة، وللآخرين الاختيار. إذاً فكل حوار يتطلّب أطرافاً مؤهلين للخوض فيه، خاصة إذا تطور لنقاش حاد، وبلا نهاية واضحة؛ يستحق معه عنوان الجدال العقيم. هنا حقاً يكون المرء في موقف لا يُحسد عليه، إذا ما صودف بأناس تحت مستوى متدنٍ من فهم الفلسفة الحوارية السليمة. يظلم المرء نفسه إذ ما تساهل، أو لنقل أصر على الاستمرار في حوار بلا جدوى، متأملا إثبات حق، أو توضيح مسألة خاصةً إذا كان من ضمن الحوار فرداً، لا يتقن أسلوب الحوار. ولا نريد المبالغة بوصفه بأنه قد يكون أحمق، جاهلا، متفيهقاً..ألخ. لكن لا ننكر أن استنزاف العمر في محاولات معروفة نتائجها لن يكون منصفاً البتة. علينا أن نرحم أنفسنا، ونصونها من فقراء الثقافة الحوارية، الذين يتبنون سياسة” خالف؛ تُعرف”. ولا ننس مقولة: “لكل داء دواء يستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها” والحياة -بمختلف مسمياتها- مليئة بأمثلة لا حصر لها. إجمالاً: ولتغليب جانب الإيجابية، ولكي نعمم نظرة تفيض بالأمل للأحسن، ننوه، ونلفت الانتباه إلى أن الحوار الهادئ، الذي يُدار بأسلوب عقلائي، حتما هو الذي ينتهي بالاقتناع، والقبول بالآراء، والاعتراف بالحق، دون حساسية، أو تشنج لا داع له. فالمقصد الأوّلي من الحوار، هو التقارب الفكري، ونبذ الصراعات، والسعي لتحقيق المصلحة. وربّ إنسان ، أيٍ كان جنسه، عمره، تعليمه، مركزه، لكنه وبمؤهلات بسيطة، يصبح ناجحاً في إدارة حوار ما، دون غيره. فغالبا ما يكون التنازع، والسلبية، وعدم الإصغاء الجيد، هي السمة الغالبة، فالبعض تتحكم بهم العصبية، ويسيطر عليهم التعصّب، والانفعالية، فلا يستسلمون، ويعدّون الأمر مصيريا بحتاً، فيرتكب حماقات، من سخرية، أو عنف. إذاً فلنتبع النهج السليم، لنصل للنتيجة المتوخاة من الحوار، ولتكن نصب أعيننا عوامل هامة، وضرورية، كالمرونة، والانسجام، والتريّث، والاحترام، والاستدلال بالحكمة، والبصيرة في كل مراحل الحوار، درءً للتحجّر، والتفاهة، والسفاهة. فنكسب مع الوداد، والتآلف رقياً، وتطوراً. قال الله تعالى:”ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125 -النحل). وقال أيضاً: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ” (159-آل عمران). دمتم بود.كتب في التصنيف: مقالات كتاب بلادي تم النشر منذ 3 ساعات
مشاركة :