أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها اختصاص المحاكم المصرية جاء في حيثيات الحكم أنه إنَّ الحكمَ بعدمِ اختصاصِ المحاكمِ المصريةِ بنظرِ الدعوى لا يترتبُ عليه انقضاءُ الحقِ الذي رفعتْ به وإلَّا كان إنكارًا لحق المُدعيينَ في العدالة والانتصاف ، وتركُ الضررِ يستقرُ حيثما وقع دونَ أنْ تتحملَ الدولةُ المعتديةُ مسئوليةَ ما ترتبَ على عُدوانِها ، وهو ما يشكل ظلمًا بينًا للمُدعيينَ ، فإنَّ هذا الحكمَ لا يحولُ بينهم وبينَ مطالبةِ الحكومةِ المصريةِ بوصفِها الهيئةَ التنفيذيِّةَ والإداريِّةَ العُليا والمُمثِّلَ الوحيدَ للدولةِ والمُعَبِّرَ عن سيادتها في علاقتها بأشخاصِ القانونِ الدوليِّ ، باتخاذِ جميعِ الإجراءاتِ الضروريةِ اللازمةِ على الصعيدِ الدوليِّ وسلوكِ كافةِ السُّبُلِ التي توفرُها قواعدُ القانونِ الدوليِّ بما يكفلُ الحصولَ للمدعيينَ على حقِهم في التعويضِ عنْ الأضرارِ التي حاقت بهم من جَرَّاءِ قتْلِ القواتِ الفرنسيةِ لمورثِهم بعد أسْرِه بالمخالفةِ لاتفاقياتِ جنيفٍ الأربعِ والبروتوكولاتِ الملحقةِ بها وقواعدِ العُرفِ الدوليِّ الآمرةِ – على ما سلفَ بيانُه – ، ذلك أنَّ السعيَ الجادَ لحمايةِ حقوقِ المواطنينَ من عُدوانِ دولةٍ أجنبيِّةٍ لا يدخلُ في نطاقِ وظيفتِها ومسئوليتِها السياسيِّةِ كسلطةٍ تنفيذيةٍ فحسب ، بل يمثلُ التزامًا أخلاقيًّا وإنسانيًّا ، فضلًا عن أنَّه التزامٌ دستوريٌّ وقانونيٌّ على عاتقِ الدولةِ ، مما لا سبيلَ إلى إنكارِه أو النكولِ به ، فهي كما تفرض سيادتَها عن طريق أعمالِ السيادةِ التي لا تخضعُ لرقابةِ القضاءِ ، يجبُ أنْ تَبْسُطَ حمايتَها على مواطنيها من كلِ عسفٍ أو عدوانٍ على حقوقِهم سواءً كان المُعتدِيّ من داخلِ الدولةِ أو خارجِها ، وهو ما يأتي في صدارةِ واجباتِ الحكومةِ وأسمى وظائفِها .
مشاركة :