قائد الأركان الجزائري يمهد لتوسيع مهام الجيش خارج الحدود | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 7/20/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - استغل قائد أركان الجيش الجزائري فرصة تعيين قائد جديد للقوات الجوية، لإطلاق رسائل ممهدة للتحولات المنتظرة في دور ومهام المؤسسة العسكرية في المستقبل القريب، بعد رفع مرتقب للحظر الدستوري على خروج الجيش الجزائري إلى خارج حدوده الإقليمية للدفاع عن مصالح بلاده. ودعا قائد أركان الجيش الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة، أفراد المؤسسة العسكرية إلى “بذل المزيد من الجهود الحثيثة والتحلي باليقظة الشديدة، من أجل مواجهة التحديات وكسب كافة الرهانات وبالتالي المحافظة على أمن واستقرار البلاد”. وهي إشارة واضحة لرهان الجاهزية واليقظة المطبقة على وحدات المؤسسة منذ سنوات، تحسبا للمخاطر الأمنية والاستراتيجية المحدقة بالبلاد، لاسيما بعد تدهور الوضع الداخلي في ليبيا، والاضطرابات السياسية التي تشهدها مالي خلال الأسابيع الأخيرة، والناجمة عن الاحتجاجات السياسية الداعية لإسقاط الرئيس المالي. وأشرف الجنرال شنقريحة، السبت، بمقر قيادة القوات البحرية، على تنصيب اللواء محمود لعرابة، قائدا للقوات الجوية، خلفا للواء حميد بومعيزة، في إطار حركة مفتوحة داخل المؤسسة منذ صعود الرئيس عبدالمجيد تبون إلى قصر المرادية بعد انتخابات ديسمبر الماضي. ورغم أن السلطة تحاول إضفاء الطابع العادي للحركة الجارية في صفوف العسكر، وإدراجها في خانة التكيّف مع التطورات المحيطة بالبلاد، ومع حاجة المؤسسة لضخ دماء جديدة في أوصالها باستثمار الطاقات البشرية المتوفرة لديها، فإنه لا يمكن عزلها عن التجاذبات الداخلية في هرم السلطة، حيث عمل تبون منذ تنصيبه على ترتيب الأوراق الداخلية في الجيش، واحتواء بؤر التوتر المزعجة لجناحه، خاصة بعد إسقاط عدد من الضباط الذي كانوا محل شبهة ولاء له. وأكد الجنرال شنقريحة، الذي رقي إلى رتبة فريق وثبّت في منصب قائد أركان الجيش في احتفالية الذكر الـ58 للاستقلال الوطني المصادف للخامس من يوليو، على أن “التحضير القتالي المتواصل والعمل الميداني المتفاني، من الأمور التي تمثل الجسر المديد والمتين، الذي يمكّن كافة وحدات القوات الجوية، من أداء مهامها بمهنية عالية، لاسيما خلال تنفيذ المهام الخاصة، ومختلف التمارين”. وأشاد المتحدث، بما أسماه “الدرجة العالية من الجاهزية والاحترافية التي بلغتها القوات الجوية الجزائرية، والتي تجسدت مؤخرا في النجاح الباهر لعمليات نقل التجهيزات الطبية من الصين ورفات شهداء المقاومة الشعبية من فرنسا، علاوة على المهام الدائمة في مجال حماية المجال الجوي القومي”. ويعد ذلك إشارة من الرجل الأول في المؤسسة العسكرية، لبداية توسع مجال مهام الجيش، بداية من تنظيم رحلات استثنائية استعملت فيها وحدات جوية استعراضية، تمهد الرأي العام لاستيعاب التوجه الجديد لعقيدة الجيش الجزائري، الذي ارتبط منذ الاستقلال بالدفاع عن الوطن، ولم يغادره إلا في مناسبتين خلال الحربين العربية الإسرائيلية (1967 و1973). ورغم أن المسألة تتعلق بوثيقة دستورية يمكن أن تسقط في الاستفتاء الشعبي المنتظر خلال الدخول الاجتماعي القادم، إلا أن خطاب المؤسسات الكبرى في البلاد (الرئاسة وقيادة الجيش)، يوحي إلى أن المسألة قد حسمت ولم تبق إلا الشرعية الدستورية، لدخول الجيش الجزائري إلى أدوار جديدة تستهدف الدفاع عن مصالح البلاد خارج حدودها الإقليمية. ولم يسلم التوجه الجديد، من انتقادات قوى المعارضة السياسية، التي عبّرت عن مخاوفها من تحويل الجيش الجزائري إلى “محارب بالوكالة” عن القوى والجيوش الكبرى التي تريد توريطه في بؤر التوتر الإقليمية من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية. وتعرضت الجزائر على مدار السنوات الماضية، إلى ضغوط غير مباشرة خاصة من طرف الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، من أجل السماح لجيشها بالمشاركة في الحرب على الإرهاب القائمة خاصة في شريط الساحل الصحراوي، ورغم تنازل الجزائر عن مجالها الجوي لعبور الطيران الفرنسي إلى مالي، وتعاونها معهما في المجالين المعلوماتي والاستخبارات، إلا أن واشنطن وباريس عبرتا عن رغبة ملحة في مشاركة الجيش الجزائري. وكان قائد أركان الجيش شنقريحة، قد عبر في وقت سابق، عن “التزام المؤسسة العسكرية بتوجهات القيادة السياسية للبلاد، خاصة في ما يتعلق بالتوجه لإرساء دور ومهام جديدة للجيش الجزائري خارج الحدود الإقليمية، لاسيما في ظل اشتعال الحزام الشرقي والجنوبي للبلاد بتوترات عسكرية”. واعتبر هذا التصريح حينها صكا على بياض من الرجل حتى قبل تثبيته في منصبه الجديد، وإرادة مشتركة بين الطرفين، لإنهاء مرحلة الحظر الدستوري الذي ظلت تتذرع به الجزائر طيلة العقود الماضية، حتى أمام التهديدات الموجهة لمصالحها الاستراتيجية من حقول وآبار نفط وغاز وشركات متعددة الجنسيات وثروات باطنية أخرى. وتبدي الجزائر حرصا شديدا على الإقليم الواقع تحت وصاية الناحية العسكرية الرابعة الذي يشمل الشريط الحدودي المشترك مع ليبيا، حيث تجري الوحدات المرابضة هناك مناورات عسكرية دورية بالذخيرة الحية، محاكاة لأي اختراق يمكن أن يحدث من الجانب الآخر بسبب الحرب الدائرة في ليبيا. وتعتبر الناحية العسكرية الرابعة من المناطق الاستراتيجية في الجزائر اقتصاديا وأمنيا، حيث يمتد نطاق اختصاصها إلى الحدود مع ليبيا، فضلا على أنه يوجد بها الحقول الغنية من النفط والغاز. ولا يستبعد مراقبون، أن تنفذ القوات الجوية على وجه التحديد، خارطة عملية في الجانب الآخر لرصد الحركة على الأرض، وحتى إمكانية تنفيذ عمليات جوية درءا للأخطار التي تهدد أمن واستقرار الإقليم.

مشاركة :