فورة الاكتشافات تدفع مصر لإلزام السيارات للعمل بالغاز | محمد حماد | صحيفة العرب

  • 7/21/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دفعت فورة الاكتشافات الغازية في مصر للإعلان رسميا عن إلزام السيارات للعمل بالغاز الطبيعي وفق خطة تمتد حتى 2026 وإحلال السيارات المتقادمة التي مر على تصنيعها عقدان من الزمن بأخرى جديدة تستخدم نظام الوقود المزدوج، الذي يشمل البنزين والغاز. القاهرة - تعتزم الحكومة المصرية طرح سيناريوهات متعددة على أصحاب السيارات المتقادمة بهدف تشجيعهم لتحويلها للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين، بعد أن أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا أنه لن يتم ترخيص السيارات الجديدة إلا إذا كانت تعمل بالغاز. وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب”، أن الحوافز تتضمن إعفاءات ضريبية لتشجيع أصحاب السيارات الخاصة المتقادمة على تحويلها للعمل بالغاز، وقد تصل إلى قروض ميسرة طويلة الأجل، فضلا عن إعفاءات جمركية حال الرغبة في استيراد مركبات كهربائية. ويتواكب هذا الاتجاه مع فورة الاكتشافات الغازية في البلاد، بدءا من حقل ظهر العملاق في شرق البحر المتوسط، إلى جانب الاكتشافات الكبرى في دلتا النيل، والمرتقبة في البحر الأحمر. ورغم أن تصريحات الرئيس استهدفت تشجيع أصحاب السيارات على استخدام وقود الغاز في السيارات بوصفه الأرخص والأقل تلوثا للبيئة، إلا أن هناك جدلا حول كيفية تنفيذ الخطوة. ورصدت القاهرة حزمة تمويل تصل إلى نحو نصف مليار دولار لمبادرة تحويل السيارات التي تعمل بالبنزين إلى الغاز الطبيعي، فيما وجه السيسي بأنظمة تمويل صفرية، أي دون عائد لأصحاب السيارات، لحفزهم على تحويل سياراتهم للغاز. خطة وزارة الصناعة والتجارة تستهدف تحويل 1.8 مليون سيارة خلال 6 سنوات للعمل بالغاز الطبيعي وقالت وزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع لـ”العرب” إن “المبادرة تدعم توجهات مصر لاستخدام الغاز كوقود بديل عن السولار والبنزين، ما يحقق وفرا اقتصاديا فضلا عن البعد البيئي من خلال تقليل الانبعاثات الضارة للوقود التقليدي”. وأضافت أن “المبادرة تتضمن برنامجا متكاملا لتحويل السيارات المتقادمة، مثل الميكروباص أو سيارات الأجرة للعمل بالغاز الطبيعي، إلى جانب ضم السيارات الخاصة للبرنامج، خاصة التي مضى على صنعها أكثر من 20 عاما”. وأوضحت أن هذا التعديل لن يتحقق بين يوم وليلة، بل يتطلب إحداث تغيير في الثقافة العامة لمستخدمي السيارات، وتوفير بنية تحتية وتشريعية تحقق هذا الغرض. وأكدت بيانات وزارة التجارة والصناعة وجود خطة لتحويل 1.8 مليون سيارة خلال ست سنوات للعمل بالغاز الطبيعي، ويتم التنسيق حاليا مع وزارة البترول لتنفيذ برنامج آخر لتحويل 147 ألف مركبة تعمل بالبنزين إلى العمل بالغاز على مدار 3 سنوات، بتكلفة تصل إلى نحو 75 مليون دولار. ومع الأهمية الاقتصادية لعمل سيارات الأجرة بالغاز، إلا أن هناك عقبات في طريق تنفيذ البرنامج، منها 240 ألف سيارة ميكروباص تعمل بالسولار، وهي مشكلة كبرى، حيث إن تكنولوجيا عمل السيارات بالوقود المزدوج تصلح فقط مع السيارات التي تعمل بالبنزين. وتحتاج هذه المركبات لإحلال كامل بمركبات حديثة تعمل بالغاز، ونظم تمويل ميسرة، وتستهدف وزارة الصناعة إحلال خمسين ألف سيارة تاكسي تعدى عمرها 20 عاما خلال عامين ورصدت ميزانية لتنفذ الخطة بنحو 160 مليون دولار. ويصل سعر الخمس لترات من الغاز الطبيعي لتموين السيارات نحو 1.1 دولار، مقارنة بنحو 2.48 دولار للكمية نفسها من البنزين “أوكتين 92” الأوسع انتشارا واستهلاكا، وبالتالي توفر السيارة عند تحويلها للعمل بالغاز الطبيعي نحو 41.4 دولار شهريا، بمتوسط يومي 1.13 دولار. وأشار عبدالفتاح فرحات رئيس غازتك التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية، إلى أن الشركة مستعدة للمشاركة في عمليات تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي عبر 73 مركزا للتحويل في مختلف مناطق البلاد. ولفت في تصريح لـ”العرب”، إلى أن غازتك مستعدة للعمل داخل المصانع مع الشركات المنتجة للسيارات، بحيث يتم طرح السيارة للعمل بالوقود المزدوج الذي يشمل البنزين والغاز. ويتم فحص السيارة فنيا في مركز التحويل للتأكد من صلاحية المحرك للعمل بالغاز، ويجب أن تزيد كفاءته عن 70 في المئة، وتعد هذه النسبة الحد الأدنى لتحويل السيارات للعمل بالوقود المزدوج. وتستغرق عملية تحويل السيارة للعمل بالغاز الطبيعي بين ساعتين إلى 4 ساعات بمركز التحويل، ويصل عدد محطات تموين السيارات بالغاز إلى نحو 190 محطة. وتتراوح تكلفة تحويل السيارة للعمل بالغاز الطبيعي بين 320 دولارا و480 دولارا، حسب مواصفات السيارة، ونوع وحجم الأسطوانات التي يتم تركيبها للتموين بالغاز الطبيعي. وقال محمود سعيد، صاحب سيارة تاكسي أجرة، إن “المشكلة تكمن في عدم تغطية محطات التموين بالغاز في جميع مناطق البلاد، لكن العمل بنظام الوقود المزدوج يحل المشكلة من خلال تشغيل السيارة بالبنزين لحين الوصول إلى محطة تموين سيارات بالغاز الطبيعي”. وقرأت شركة إينى الإيطالية هذا التوجه مبكرا وأعلنت عن تدشين 54 محطة متكاملة لتموين السيارات بالمشاركة مع شركة غازتك باستثمارات تصل إلى نحو 64 مليون دولار، في نحو 15 محافظة بمصر. وتوفر المحطات خدمات التموين بالغاز والبنزين، وتحويل السيارات للعمل بالوقود المزدوج بالتعاون مع شركة غازتك المصرية، وتم تدشين أول محطة في مدينة بورسعيد على البحر المتوسط، وسيتم الانتهاء من المشروع خلال ثلاث سنوات. ويعد هذا التوجه أول استثمار مباشر لإيني داخل مصر في قطاع جديد بخلاف حصتها في حقل ظُهر المصري للغاز في شرق البحر المتوسط. ويبلغ عدد المركبات المرخصة بمصر نحو 9.4 مليون مركبة، منها 4.3 مليون سيارة خاصة، ونحو 1.2 مليون سيارة نقل، بخلاف عدد الأتوبيسات ومقطورات النقل. وقال حسين مصطفى المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات لـ”العرب” إن “اتجاه مصر لهذا الطريق رغّب الحكومة في تعزيز الاستفادة من الاكتشافات الغازية، وتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة، عبر ترشيد استهلاك البنزين”. وتستورد مصر نحو 40 في المئة من الوقود لسد احتياجاتها ومواجهة الاستهلاك المحلي المتصاعد. وأكد مصطفى أن عمليات إحلال السيارات المتقادمة يحتاج إلى لإجراء تقييم للسيارة لحفز أصحابها على التغيير. وتحتاج عمليات الإحلال لمنظومة مغلقة تضمن تدوير السيارات المتقادمة، والاستفادة من مكوناتها في صناعات أخرى، بحيث يتم توجيه حديد السيارة لمصانع الصلب، والبلاستيك والإطارات والزجاج للمصانع التي تحتاجها في عمليات إعادة التدوير. وتجني القاهرة ثمار تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي من خلال تخفيض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن حرق الوقود التقليدي المتمثل في السولار والبنزين والتي تجعلها من أكثر المدن تلوثا، بسبب انتشار أول أكسيد الكربون وأكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين. ومن شأن إحلال السيارات المتهالكة بسيارات جديدة تقليل نسب الحوادث، حيث تعدّ مصر من أعلى الدول في معدلات حوادث الطرق عالميا. دفعت فورة الاكتشافات الغازية في مصر للإعلان رسميا عن إلزام السيارات للعمل بالغاز الطبيعي وفق خطة تمتد حتى 2026 وإحلال السيارات المتقادمة التي مر على تصنيعها عقدان من الزمن بأخرى جديدة تستخدم نظام الوقود المزدوج، الذي يشمل البنزين والغاز.

مشاركة :