الفخفاخ متحديا مناورات النهضة: الحكومة باقية ولا مجال لتوسيعها | الجمعي قاسمي | صحيفة العرب

  • 7/4/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

صعد رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ في أحدث ظهور إعلامي له مع حركة النهضة الإسلامية التي تناور بغية الإطاحة بفريقه الحكومي أو توسيع حزامه السياسي، وذلك من خلال التأكيد على أن حكومته باقية ولا مجال لتوسيعها ما يؤشر على تلقي الرجل لضمانات من العديد من الأحزاب والمنظمات الوطنية بشأن مصير فريقه الحكومي. تونس – لم ينتظر رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ طويلا ليرد على الأصوات التي تطالبه بالاستقالة، أو على الأقل توسيع ائتلافه الحكومي، والتي تنفخ فيها حركة النهضة الإسلامية بمناورات متخفية بعناوين خادعة وأخرى مضللة، ليؤكد من جديد أن حكومته باقية، ولا مجال لرحيلها، وذلك في رسالة طمأنة إلى الفاعلين السياسيين داخل البلاد، وخارجها. وأكد في حديث مصور لموقع “نواة ” الإلكتروني التونسي، بُث ليل الخميس – الجمعة، أن حكومته التي “ولدت بعملية قيصرية ستُنهي عهدتها كاملة لضمان الاستقرار في البلاد”، وأنه بصدد الاستثمار في الائتلاف الحكومي “حتى يبقى ويواصل نهج الإصلاح الذي بدأه”. وقال في هذا الحديث الأول بعد خطابه أمام البرلمان خلال جلسة صاخبة عقدها في 26 يونيو الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على تشكيل الحكومة، “هذه الحكومة جاءت لتبقى… قلتها يوم تم منحي الثقة ويوم تسليم الأمانة وأعيد قولها اليوم… الحكومة يجب أن تبقى 5 سنوات ليس لأني موجود فيها أو لأن وزراءها يحبون المناصب وإنما لأنه يجب إنقاذ البلاد وإنقاذها يمر عبر الاستقرار”. وتابع بلغة لم تخل من التحدي “البلاد لم تعد تحتمل… لن يأتينا أي مستثمر داخلي أو خارجي في ظل عدم الاستقرار الحكومي… هذا الائتلاف الحكومي ما زال بصدد التعرف على بعضه البعض، ومع ذلك نجح في أول وأهم اختبار اصطدم به وهو أزمة جائحة كورونا المستجد. وأعاد هذا الموقف بمفرداته وتعبيراته تصويب مسار الجدل الراهن نحو التركيز على التحديات الماثلة، وبالتالي الخروج من دائرة مناورات حركة النهضة التي تضغط باتجاه إرباك الحكومة عبر إشغالها بفكرة توسيع الائتلاف الحكومي التي أدخلت البلاد في سجال تعددت فيه الاحتمالات التي اتسقت مع الظروف الموضوعية التي أثارتها قضية “شبهة تضارب المصالح” التي تلاحق الفخفاخ. ورغم أن الفخفاخ لم يتردد في التأكيد على أنه “لا يرى موجبا لتوسيع الائتلاف الحاكم، أو تغييره في الوقت الراهن إلا في صورة الإخفاق في التنفيذ والعجز عن الإيفاء بالتعهدات”، فإن ذلك لم يوقف التقديرات التي ترجح استمرار حركة النهضة الإسلامية في مناوراتها والضغط على الحكومة بحسابات خاطئة على أمل تحويلها إلى رهينة لديها. وفي هذا السياق، قال زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب لـ”العرب” إن مناورات حركة النهضة ومعها الذين يصطادون في المياه العكرة، لن تتوقف، بل ستتواصل تحت عناوين متعددة للضغط على حكومة الفخفاخ، لأن هاجسها الأساسي ليس مرتبطا بنجاح الحكومة واستقرارها، وإنما يبقى مشدودا إلى مصالحها التي باتت تجد صعوبة في تسويقها. واعتبر أن موقف هذه الحركة يعكس تناقضات بالجملة داخل البرلمان وفي الحكومة ”فهي تريد غنائم الحكم وفي نفس الوقت تريد أن تكون في المعارضة، حيث يظهر ذلك بوضوح من خلال تحالفها البرلماني مع المعارضة منها حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة، مع وجودها في الحكومة”. وشدد المغزاوي على أن هذا الوضع “لا يستقيم وعلى حركة النهضة أن تختار بين البقاء في الحكومة أو في المعارضة”، وذلك في الوقت الذي تجمع فيه القراءات السياسية على أن حركة النهضة تريد من خلال مناوراتها امتثال شركاءها في الحكومة لرغباتها ومشيئتها، مع أنها تعلم تماما أنها فقدت الأوراق التي تظنها فاعلة أو لمصلحتها لتحقيق هذا الهدف. وعلى قاعدة هذه التقديرات، يرى مراقبون أن اللعبة المزدوجة التي تمارسها حركة النهضة الإسلامية في علاقة بالحكومة، اقتربت من نهاياتها، باعتبار أن ما ورد على لسان رئيس الحكومة في حديثه لموقع “نواة”، لم يكن ليحصل لولا حصوله على دعم واضح وصريح من الرئيس قيس سعيد، وكذلك من بعض الأحزاب والمنظمات الوطنية، منها الاتحاد العام التونسي للشغل. ويشاطر هذا الرأي عياض اللومي النائب عن حزب قلب تونس الذي اقترب من حركة النهضة في علاقة بالموقف من الحكومة الحالية، الذي اعترف في تدوينة له بأن “ميزان القوى ما زال في صالح رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، الذي يحظى بمساندة رئيس الجمهورية والاتحاد العام التونسي للشغل، وحزب التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، وحزب تحيا تونس”. وتابع قائلا “ليست هناك هدايا في السياسة، وواهم من ينتظر استقالة رئيس الحكومة، وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا”، وذلك في الوقت الذي التزمت فيه حركة النهضة الصمت، وهي التي تدرك أن هذا المنحى لا يتماشى مع مناوراتها، التي لا تقتصر على محاولة الإبقاء على الحكومة ضعيفة ورهينة لديها، وإنما تستهدف أيضا إحراج قيس سعيد، باعتباره هو الذي اختار الفخفاخ. ومع ذلك، يبقى المشهد بحساباته السياسية متحركا وقابلا لإفراز مفاجآت قد تقلب التوقعات القائمة، لاسيما وأن قياسات الرسائل المحمولة في تصريحات رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ تملي فرضيات متعددة من شأنها إعادة رسم الواقع وفق حسابات ومعادلات جديدة.

مشاركة :