الحج من أركان الإسلام الخمسة، التي لا يُجبر الإنسان على القيام بهذا الركن، إلا إذا توفرت له شروط الاستطاعة من صحة البدن وتيسر المال وتوفر وسائل النقل، وأمن الطرق من القُطَّاع والنُهَّاب الذين كانوا يستغلون مواسم الحج للإغارة على الحجيج وسرق أمتعتهم وقتلهم، فكان الحجاج سابقا يرتبون أمورهم مع قوافل الحج الكبيرة التي يرافقها الحراس المدججون بالسلاح والقوة ليضمنوا سلامة وصولهم إلى مكة.رحلات الحج من الرحلات العسيرة سابقا بسبب بُعد المسافات، ووعرة الطرق، وقلة الأمن، فكانت قوافل الحجيج التي تتجه إلى مكة تحسب للطريق ألف حساب، فكانت الرحلة من الشام إلى مكة تمتد إلى شهرين أو ثلاثة، وكانت من مصر كذلك، أما من يأتي من المغرب العربي والأندلس عن طريق البحر فكانوا يلاقون أهوال البحر ومشاكله، ويرون الموت عشرات المرات كل يوم حتى يصلوا إلى مكة، وقد ذكر «ابن جبير» في رحلته إلى مكة عام 581هـ وهو قادم من الأندلس، الأهوال التي شاهدها في البحر والمشاكل التي واجهها، حيث استغرق حجه أكثر من سنة حتى عاد إلى بلاده.كان الحج إلى مكة قبل عهد الملك عبدالعزيز، عسيرا جدا، وخاصة من الناحية الأمنية، فكان بعض قطاع الطرق والعصابات يسيطرون على طرق الحجيج، ويأخذون من الحجاج إتاوات ويرغمونهم على دفع أموال طائلة، حتى يضمنوا لهم الوصول إلى مكة بسلام، وبعضهم تتم مهاجمتهم وأخذ أمتعتهم كاملة وتركهم بدون وسائل نقل أو أمتعة، وعندما ضم الملك عبدالعزيز الحجاز سنة 1343هـ ـ 1924م ، ركز على تأمين طرق الحجيج من قطاع الطرق وغيرهم، وأصبح الحجيج يأتون إلى مكة من كل حدب وصوب، وهم بأمن وأمان دون خوف من أحد، وهذه من النعم التي منَّ الله بها علينا لخدمة ضيوفه، من حجاج ومعتمرين وتأمين قدومهم وعودتهم إلى بلادهم بسلام.كان الحجاج في نجد قديما يحجون على ظهور الإبل، وكان الطريق يستغرق مدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، وكانوا يذهبون جماعات، وعند قدوم المركبات البدائية في عهد الملك عبدالعزيز والطرق لم تكن مسفلتة ولا حتى معبدة، فكان الطريق يستغرق من الرياض إلى مكة من ستة إلى سبعة أيام، على أن يكون هناك معاونون مع السائق يساعدون تلك المركبات عندما تغوص إطاراتها في الرمال، فكان الحج مشقة بالغة آنذاك، إلا إنهم راضون مقدمون إلى مكة لأداء فريضتهم بكل فرح وسرور.فمن يتصور الآن أن جائحة كورونا فعلت بنا ما فعلت من الأشهر الماضية، وكيف كان تأثيرها على حج هذه السنة؟ حيث تم تقنينه على بضعة آلاف ومن الداخل فقط بسبب هذه الجائحة، فلم تمر على سنوات الحج مثل هذه السنة أن يتأخر الحجاج بسبب وباء انتشر كانتشار النار في الهشيم بين الناس.تقبل الله من حجاج بيته حجهم، وحفظهم، وأرجعهم إلى بلادهم سالمين غانمين.
مشاركة :