دمشق- قرر رجل الأعمال السوري رامي مخلوف على ما يبدو الذهاب بعيدا في المعركة الدائرة بينه وبين ابن عمته الرئيس بشار الأسد، بعد تيقنه بأن هناك نية لدى الأخير لوضع يده على كافة أعماله ونشاطاته وآخرها “شركة شام القابضة”. وعكست تغريدة لمخلوف أنه عازم على السير قدما في هذه المعركة المفتوحة رافعا في ذلك شعار “عليّ وعلى أعدائي”، من خلال كشفه لشبكة شركات تشتغل كواجهة في الخارج لمساعدة الرئيس بشار الأسد على الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليه والتي تكثفت مع دخول قانون قيصر الأميركي حيز التنفيذ. وكتب ابن خال الأسد، الذي يعد أحد أغنى وأقوى رجال الأعمال في سوريا، عبر صفحته على فيسبوك “المسلسل الهوليوودي ما زال مستمرا من قبل بعض الجهات الأمنية لصالح أثرياء الحرب.. فبعد الإلغاء التعسفي لعقود الأسواق الحرة، وصلوا إلى شركة شام القابضة التي تضم أكثر من سبعين مساهما كانوا أعمدة الاقتصاد السوري، إضافة إلى المشاريع المتميزة في الشركة التي ستنعش الاقتصاد عند إعادة انطلاقها”. وأضاف رامي مخلوف، أنه “تم فرض حارس قضائي عليها والسبب أن أحد الشركاء الجدد اشترى حصة صغيرة جدا (أقل من 1 في المئة من الشركة)، واكتشف بمساعدة الأجهزة الأمنية من خلال سلسلة الاعتقالات التي تمت للموظفين بقهرهم والضغط عليهم، أن هناك عقدا موقعا بين الشام القابضة وشركة أورنينا”. وكانت محكمة البداية التجارية الأولى في دمشق أعلنت، الأربعاء الماضي، فرض الحراسة القضائية على شركة “شام” القابضة بناء على دعوى مستعجلة مقدمة من أحد المساهمين في الشركة ويدعى أحمد خليل خليل، وقد ذكر رامي مخلوف ووصفه بأنه الآمر والناهي في الشركة، ضمن نص دعواه، متهما إياه بالغش وتهريب الأموال إلى حساب خاص خارج البلد من طريق إنشاء شركة وهمية باسم أورنينا. وأوضح مخلوف أن السلطات السورية “اخترعت قصة اختلاسه لمبالغ العقد وتحويلها إلى حسابه الشخصي في الخارج”، مضيفا “أيها الجهلة كفى ظلما وافتراء على الناس، اقرأوا جيدا العقود وسوف تستنتجون أن شركة أورنينا وغيرها من هذا النمط من الشركات، دوره وهدفه الالتفاف على العقوبات المفروضة على الشام القابضة ووسيلة لدفع بعض المستحقات للموردين الذين لا يريدون علاقة مباشرة مع شركة معاقبة، وأن المبالغ التي حُصِّلت موجودة في حسابات الشام القابضة وستبقى فيها وكل العقود محفوظة في الشركة”. وتابع رجل الأعمال السوري، “نتمنى أن لا يتم التلاعب بها وإخفاؤها لكونها أصبحت في عهدة الحارس القضائي”، متسائلا “لماذا القضاء اختار حارسا قضائيا كان موظفا لدينا وتم مؤخرا اعتقاله لمدة ثلاثة أشهر ولم يخرج حتى التزم بكل ما هو مطلوب منه.. هل هي صدفة أم أن الأمن هو أيضا له علاقة بهذا الأمر؟”. واستعان مخلوف، الذي ساعد في تمويل أسرة الأسد وداعميها، بسبعين مستثمرا قبل نحو 15 عاما لتأسيس الشام القابضة، وهي حاليا أكبر شركة سورية من حيث رأس المال وتحتكر مشروعات عقارية رئيسية. وتأتي الحرب المستعرة بين مخلوف والنظام السوري في وقت يواجه الأخير وضعية اقتصادية ومالية صعبة مع اشتداد العقوبات الغربية ولاسيما الأميركية عليه. وفرضت واشنطن عقوبات كاسحة على سوريا الشهر الماضي بموجب ما يعرف بقانون قيصر مستهدفة قوائم جديدة بأفراد وشركات تدعم حكومة الأسد منها كيانات مملوكة لمخلوف. مخلوف يكشف عن شبكة شركات تشتغل كواجهة في الخارج لمساعدة الرئيس بشار الأسد على الالتفاف على العقوبات وظهر خلاف مخلوف والأسد للمرة الأولى إلى العلن في 30 أبريل الماضي عندما ندد رجل الأعمال بضرائب فرضت على “سيريتل” التي تعد أكبر شركة لخدمات الهواتف المحمولة في سوريا وتسيطر عليها عائلته. وندد مخلوف في وقت لاحق باعتقال موظفين في شركاته بشكل “لا إنساني” وذلك في هجوم غير مسبوق على الحكومة من قبل أحد أفراد الدائرة الداخلية للأسد وهو ما يكشف عن شقاق عميق داخل النخبة الحاكمة. وقال مخلوف إنه لن يتنازل عن ثروته تحت الترهيب. وقال رجال أعمال ومصادر داخلية مطلعة على الخلاف إن الأسد يستهدف ثروة مخلوف في الخارج مع انهيار الاقتصاد السوري بعد عشرة أعوام من الحرب. وجرت مصادرة معظم أصوله في الخارج وألغيت عقوده لإدارة وتشغيل أسواق معفاة من الرسوم. واعتبر آخرون أن الحملة على مخلوف جرت بإيعاز من زوجة الرئيس أسماء الأسد وثلة من أثرياء الحرب الجدد. وسبق أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مخلوف وآخرين مقربين منه بتهمة الفساد. وفرض الاتحاد الأوروبي أيضا عقوبات على مخلوف منذ بداية الصراع السوري في عام 2011 بتهمة تمويل الأسد.
مشاركة :