عريجي لـ «الراي»: سلام رمز لحماية العيش المشترك | خارجيات

  • 7/17/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يراوح لبنان في عنق الزجاجة نتيجة أزماته المتوالية، من الفراغ الرئاسي، الى شلل البرلمان ومحاولات تعطيل الحكومة التي اجتازت اختباراً صعباً مع الحركة الاعتراضية التي أطلقها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون داخل مجلس الوزراء وفي الشارع، تارة تحت شعار «حقوق المسيحيين» وتارة أخرى تحت عنوان صلاحيات رئيس الجمهورية، مع اشتراطه تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش. واذا كانت «هدنة» عيد الفطر تشكل فسحة لاستكمال الاتصالات في ملاقاة الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في 23 الجاري، فان معركة العماد عون أظهرت تمايزات مع حلفائه ضمن «8 آذار» وحتى داخل تكتله النيابي ولا سيما في ضوء المواقف الواضحة التي أعلنها رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية سواء في ما خص تحرّك أنصار عون في الشارع او طرح الفيديرالية الذي أحياه زعيم «التيار الحر». ماذا يقول ممثل «المردة» في الحكومة وزير الثقافة اللبناني ريمون عريجي في شأن الملفات المطروحة وآفاقها. «الراي» حاورته وفي ما يلي نص الحديث: ● تتجمع عناصر الأزمة الحكومية - السياسية على طاولة الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء... اي مقاربة يملكها «تيار المردة» للخروج من المأزق، وهل من اتصالات في المدّة الفاصلة عن تلك الجلسة للتفاهم على مقاربة موحّدة لعمل الحكومة؟ ـ الأزمة السياسية الحادة التي تشهدها البلاد، تنعكس على عمل مجلس الوزراء، ولا مقاربة خاصة لتيار «المردة» إزاءها، ولكنه في إطار التشاور مع حلفائه في قوى الثامن من آذار بهدف إيجاد مخرج ما لها. وهناك بالطبع تواصل مع أفرقاء آخرين في هذا الخصوص، وأعتقد أن الموضوع سيأخذ مداه بعد عيد الفطر، فالاتصالات لا تزال الآن في بداياتها. ● بدا من خلال المؤتمر الصحافي للنائب سليمان فرنجية انكم تشاركون «التيار الوطني الحر» مطالبه وتعترضون على الاسلوب... هل تشعرون فعلاً بأن رئيس الحكومة تمام سلام يعتدي على صلاحيات رئيس الجمهورية؟ ـ صرّح الوزير فرنجية في مؤتمره الصحافي بأن الرئيس تمام صائب سلام لا يمكن أن تكون لديه نية أو إرادة الاعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية. ● الاختلاف وليس الخلاف في الموقف بينكم وبين «التيار الحر» ناجم عن نقص في التنسيق ام هو على السقف السياسي لمعركة العماد عون وأداء تياره؟ ـ نحن حلفاء مع «التيار الحر» ضمن مكوّن سياسي يُطلق عليه تسمية 8 آذار، حيث نتشارك في الهدف والرؤية السياسية، في المشروع السياسي، وقراءة الأحداث التي تدور في المنطقة اليوم. كما نتشارك في رؤيتنا لتطور الأمور السياسية في لبنان. لكن في إطار الحياة السياسية، من الطبيعي أن يكون لكلينا في بعض المحطات وجهات نظر مختلفة لجهة كيفية المقاربة، فنحن كما قلت حزبان مستقلان، وإن كنا ننضوي تحت مشروع سياسي واحد. ● لكن أنتم ضمن تكتل «التغيير والإصلاح»؟ ـ صحيح، نحن ضمن التكتل، ولكن في بعض الأحيان تكون هناك وجهات نظر مختلفة والنقاش فيها لا يفسد الحلف، ولا يُسمّى شرخاً. ● هل لديكم مأخذ على السقف السياسي للعماد عون؟ ـ ليست مسألة مأخذ. ما قلته هو أن بعض الأمور تكون مقاربتنا لها مختلفة، وهذا الأمر صحي لأن «المردة» تيار وطني سياسي عريق بدأ كتيار سياسي محلي عائلي منذ ما يزيد على مئة عام، ثم دخل البرلمان في العام 1929، ومن رجالاته وزير الخارجية الراحل حميد فرنجية، رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية، الوزير والنائب الشهيد طوني فرنجية، الوزير سليمان فرنجية. وقد تطوّرت هذه الحالة العائلية السياسية إلى تيار سياسي، وبالتالي نحن مكوّن موجود في الحياة السياسية اللبنانية ولا نذوب بأحد وإن كانت لنا علاقات قوية جداً مع «التيار الحر». ● ماذا يعني ان تذهب جماعة سياسية تعتبر نفسها رأس حربة في الدفاع عن حقوق المسيحيين الى اتهام رئيس الحكومة بالداعشية السياسية؟ ـ ما من فريق سياسي «مسيحي» حريص على حقوق المسيحيين أكثر من فريق مسيحي آخر، فالكل وعلى رأسهم تيار «المردة» حريصون على حقوق المسيحيين ضمن النسيج الوطني اللبناني. وفي ما يتعلق بإطلاق التسمية الداعشية، فقد أشار وزير تكتل «التغيير والإصلاح» إلياس أبو صعب إلى أن هذه التسمية لا وجود لها عندهم، وبالتالي أنا أكتفي بهذه الإجابة. ونحن من جانبنا نكنّ لرئيس الحكومة كل الاحترام والتقدير، وقد عرفناه خلال ممارسته لمهماته رمزاً للانفتاح وحماية العيش المشترك والحكمة السياسية الوطنية. ● كونكم حلفاء للعماد عون، ما المشكلة التي يثيرها في شأن الحكومة؟ ـ المشكلة باتت مركّبة، فغياب رئيس الجمهورية أدى إلى تعقيدات في آلية عمل الحكومة. وصحيح أن الدستور نصّ على أن الحكومة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في حال غيابه، إلا أن مَن وضع الدستور افترض حينها أن الشغور قد يستمر لأسبوعين أو ثلاثة لسبب صحي أو سياسي عطّل انتخاب رئيس للجمهورية، لكن أحداً لم يكن ليتصوّر أن الشغور قد يستمرّ كل هذه المدّة المرشّحة للازدياد. وبالتالي فإن الدستور لم ينص على تفاصيل ممارسة الحكومة دور رئيس الجمهورية، ومن هنا بدأ الاجتهاد مع الحرص الكبير على ألا تشكل أي آلية أي عرف دستوري أو مقاربة دستورية، فنحن في ظرف استثنائي ونحاول تسيير الأمور بأقلّ ضرر ممكن للمحافظة على مصالح الناس. وفي ظلّ هذه التعقيدات الدستورية، ووسط جو منقسم سياسياً في البلد وواقع أن الحكومة تمثل أكثرية الاتجاهات السياسية، ومع وجود ملفات حساسة، فسيؤدي كل ذلك إلى تعقيدات إضافية في عمل الحكومة. ومن هنا فإن أي ملف حساس، كملف التعيينات الأمنية، أدى عدم إقراره إلى فتح باب «آلية عمل الحكومة» وهو ما أدى بدوره وسط التشنّج السياسي إلى التطرق إلى حقوق المسيحيين. باختصار كل هذه المواضيع مركّبة ومتعلّقة ببعضها البعض. ● دأب العماد عون اخيراً تارةً على التلويح بـ «أقدام 1988»، وتارة اخرى بالتهديد بالعصيان (الوزير باسيل)... لماذا لم تشاركوا «التيار الحر» في نزوله الى الشارع الخميس الماضي؟ ـ أولاً نحن نعتبر اللجوء إلى الشارع حقاً ديموقراطياً ما دام يتم ضمن الأطر التي نص عليها القانون والأنظمة المرعية الإجراء. وفي خصوص عدم مشاركتنا في التحرك، فإن التيار الحر ـ وكما أشار الوزير فرنجية ـ لم يطلب منا مشاركته فيه، وربما لو فعل لكنا أعطينا رأينا بهذا الخصوص. ونحن لا نرى أن النزول إلى الشارع في هذا الظرف الدقيق أمنياً اقتصادياً يؤدي إلى النتيجة المطلوبة. ● حلفاء العماد عون، كـ «المردة» و«حزب الله» و«الطاشناق» ينأون عن سلوكه التصعيدي، هل تعتزمون توفير سلّم له للنزول عن الشجرة؟ ـ نحن لا نرى المسألة في هذا الإطار. نحن متضامنون مع العماد عون في موقفه داخل مجلس الوزراء، ونحن حلفاء في السياسة ونتشارك في كثير من المسائل، لكن في هذا المفصل السياسي هناك اختلاف في وجهات النظر بالنسبة إلى مقاربة الموضوع. هذا كل ما في الأمر. ● عاود الرئيس سعد الحريري في خطابه الاخير تأكيد الحاجة الى الحوار بين القوى السياسية للخروج من الأزمات الراهنة... هل هو مجرّد كلام ام يمكن البناء عليه؟ ـ الخطاب ككل لم يأتِ بجديد بل كان عبارة عن إعادة صياغة لأفكار سابقة. أما بالنسبة إلى الحوار، فإن تيار «المستقبل» يمارسه من خلال حوارات ثنائية أهمها الذي يتم اليوم مع «حزب الله» ونأمل أن يثمر. ● ألا تعتقدون ان الحاجة باتت ملحة للتوافق على رئيس - تسوية بعدما دلت المعطيات ان لا حظ للمرشحين الأقوياء؟ ـ نحن نتمنى انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، ولكننا نريد في الوقت نفسه أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية قادر على لعب الدور الكامل الممنوح له بموجب الدستور والميثاق الوطني. وبالتالي إذا وصل إلى سدة الرئاسة رئيس عادي جداً، سيستمر الفراغ بطريقة ما. لذلك نفضِّل، وإن تأخرت الأمور قليلاً، وصول رئيس ذي حيثية سياسية وشعبية وشخصية تخوّله لعب دوره الوطني كاملاً، لا سيما في وضع دقيق نعيشه أكان كلبنانيين ككل أم مسيحيين في هذه المنطقة. ● في المخزون الثقافي ـ الشعبي مثَل يقول «عند تغيير الدول احفظ رأسك» ألا تعتقدون ان من المجازفات الكبرى الاستمرار في قطع رأس الجمهورية في لحظة اشتعال الخرائط في المنطقة؟ ـ بالطبع، نحن نمرّ في فترة تاريخية صعبة جداً في المنطقة، يتم فيها خلط لموازين كبيرة؛ حيث سقطت حدود وجيوش دول، فضلاً عن ظهور عنصر إرهابي تكفيري جديد غريب عن عادات وأدبيات السياسة والممارسات السياسية في هذه المنطقة. ونجد اليوم أن إسرائيل باتت مرتاحة، إذ لم تعد القضية الفلسطينية في رأس الأولويات. من هنا لا بد بالطبع أن نحفظ أنفسنا، وأعتقد أننا نقوم بذلك بالحد الأدنى. فلبنان، ورغم الشحن المذهبي الذي حصل إقليمياً وداخلياً، تجاوز مرحلة صعبة، وقد نجح جيشه وقواه الأمنية إلى اليوم في كسر الإرهاب. فالجيش والمقاومة على الحدود، يتمكنان من درء الخطر عن لبنان، والحكومة بدورها تمكنت من اتخاذ مواقف مهمة ويمكنها اتخاذ قرارات أهمّ، لكن يبقى أنها تمكّنت بحد مقبول جداً من تسيير أمور البلاد خلال سنة وثلاثة أشهر. وأعتقد أنه باستثناء موضوع الفراغ، الجوهري والأساسي، فقد تجاوز البلد «قطوعات» عدة صعبة جداً. ● استطراداً، إلى أي مدى ترون أن من المهم بقاء هذه الحكومة وسط هذه الظروف؟ ـ نحن مجبرون على المحافظة عليها. ففي حال سقطت الحكومة لا إمكانية دستورياً لتشكيل أخرى لأن آلية تكوين السلطة للحكومة غير موجودة بغياب رئيس الجمهورية، وبالتالي هناك معضلة دستورية لا حلّ لها ولا يمكن لعب لعبة إسقاط الحكومة، ولا أعتقد أن هناك مَن لديه هذه النية، وكل القيادات الكبرى أعلنت هذا الأمر. ● هل من الواقعية في تقديركم ربْط انتخاب رئيس جديد للجمهورية باجراء انتخابات نيابية اولاً؟ ـ إذا كنا قادرين على الاتفاق على قانون جديد للانتخاب يحفظ حقوق كل الأطراف في هذا البلد، نكون قادرين أيضاً على انتخاب رئيس للجمهورية. نحن كتيار «المردة» لا مشكل أو مانع لدينا في الاتفاق على قانون انتخاب يولد مجلساً نيابياً جديداً ينتخب رئيساً للجمهورية. وإن كان بإمكاننا اليوم، الاتفاق على رئيسٍ وفق المواصفات التي ذكرتُها سابقاً فلا مانع أيضاً لدينا كتيار في انتخابه قبل إجراء الانتخابات النيابية، فما يهمنا هو مصلحة البلد واستمرار عمل المؤسسات وفقاً للأصول والدستور والأنظمة المرعية الإجراء. وأن تأتي هذه الخطوة قبل تلك، لا مانع لدينا. نحن لنا حيثيتنا السياسية ومرتاحون فيها، سواء أكانت الانتخابات النيابية قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية. ● ألا يعني الكلام عن تسوية سياسية للتفاهم على رئيس جديد، الحاجة الى رئيس مقبول من 8 و 14 آذار؟ ـ التسوية تعني اتفاق الأطراف، ما يعني أن الاسم المتفَق عليه سيكون مقبولاً من الطرفين. من الممكن أن يتم الاتفاق على رئيس من خارج 8 أو 14 آذار، أو من هذا الفريق أو ذاك، فالتسوية مفتوحة على كل الاحتمالات. ● ألا تعتقدون ان الاستمرار في تعليق الانتخابات الرئاسية تحت شعار الحاجة الى رئيس مسيحي قوي سيتيح للخارج في نهاية المطاف فرض رئيس بالتوازنات التي سيفضي اليها الاتفاق النووي او الحرب في سورية؟ ـ لا يمكنني تخيل هذه السيناريوات اليوم وسط المعطيات الكبيرة والمتغيرة. الاتفاق النووي وُقّع، لكن ما هي ارتدادته على لبنان وفي أي وقت سنشهدها، هذه أسئلة تُطرح ونحن ننتظر لنرى. أما الوضع في سورية، فهو معقد ونأمل أيضاً أن يؤدي الاتفاق بين الولايات المتحدة والدول الخمسة وإيران إلى إنهاء الحرب المأسوية المدمرة في سورية بما يحفظ الدولة المدنية الممانعة القادرة وشعبها على استعادة دورها العربي الذي عهدناه تاريخياً. ● بدا موقفكم أقرب الى التحفظ حيال الاستطلاع الذي ينوي التيار الحر إجراءه لتحديد المرشح الرئاسي الاكثر شعبية عند المسيحيين، هل تخشون ان تفضي الخطوة العونية الى تكريس سمير جعجع الزعيم رقم 2 عند المسيحيين؟ ـ ليس لدينا خشية من شيء، بل ملاحظات موضوعية على الاستطلاع. فالاستطلاع ليس استفتاء، ويتم اللجوء إليه في كل دول العالم لجس نبض معين من دون أن يكون له أي مفعول قانوني أو دستوري. وفي هذا الإطار، كانت لنا جملة ملاحظات موضوعية، وطرحنا تساؤلات عدة عن الجهة التي ستقوم بالاستطلاع، الأسئلة التي ستُطرح، وعن مفعوله. ● ثمة مَن قرأ في تلويح العماد عون بالفيديرالية معادلة تقوم على «ان اكون رئيساً لكل لبنان او رئيساً على كانتون منه».. هل أَقْنعتكم توضيحات الجنرال في شأن الفيديرالية؟ ـ ما يطمئننا هو أن الجنرال عون أعلن أن موضوع الفيديرالية غير مطروح اليوم. فنحن كتيار سياسي ناضلنا ودفعنا دم عدد من الشهداء على رأسهم الشهيد طوني فرنجية رفضاً للتقسيم. وبالتالي، عندما نسمع أن هذا الموضوع سُحب من التداول بأي صيغة أتى، فإن هذا الأمر يطمئننا سياسياً. ● على كل حال فإن كتلتكم النيابية تحمل اسم «لبنان الحر الموحد»؟ ـ بالطبع، ونحن لدينا مواقف متقدمة جداً من موضوع رفض الفيديرالية وتاريخنا واضح في هذا الإطار. ● توقيعكم على مرسوم فتح دور استثنائية لمجلس النواب بمعزل عن موقف الاطراف المسيحية الأخرى، ألا يشكل تغليباً لتحالفكم السياسي على حساب ما يعتبره الآخرون حرصاً على موقع الرئاسة المغيّبة؟ ـ لا أعتقد أن الموضوعين مرتبطان، فمجلس الوزراء يجتمع ويبت بملفات ويقوم بتعيينات ويوقّع مراسيم مهمة جداً، والأفرقاء الذين يوجّهون النقد موجودون في الحكومة ونوقّع جميعاً كل هذه المراسيم، ولا أعلم لماذا تم التوقف عند موضوع فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. ● البعض يرى أن مهمة مجلس النواب الوحيدة حالياً هي انتخاب رئيس؟ ـ نحن قلنا ان الشغور في موقع رئاسة الجمهورية ناتج عن تعقيدات في الوضع الداخلي والإقليمي والخارجي، وبالتالي إذا كان بإمكان مجلس النواب الاجتماع والتشريع للأمور الضرورية فلمَ لا؟ هل نترك البلد يذهب إلى مشاكل اقتصادية ومالية أم نقوم بالحد الأدنى من التشريع؟ هذه هي نظرتنا للموضوع، و«ما حدا حريص قدنا» على صلاحيات رئيس الجمهورية، ونحن كما أسلفت لا نرى أن الأمرين مرتبطان.

مشاركة :