"اندلعت الحرب العالمية الثالثة عام ألفين وثمانية، استخدمت فيها الشعوب المتحاربة أسلحة مغناطيسية.. تفوق في خطورتها الأسلحة التقليدية. ونتيجة لذلك، حل الدمار في البر والبحر، فانقلبت محاور الكرة الأرضية. وباتت الكرة الأرضية تعيش كارثة مؤلمة.."، يتذكر الكثيرون هذه المقدمة التي تبدأ بها حلقات المسلسل الكرتوني الشهير (عدنان ولينا Future Boy Conan) للمخرج الياباني (ميازاكي هياؤو) والتي استقاها من رواية (المد الهائل The Incredible Tide) للكاتب (الكسندر كي). ما يهمنا هنا أن تلك الرواية المكتوبة عام 1970م تنبأت بوقوع الحرب العالمية الثالثة ودمار كوكب الأرض عام 2008م وهو ما لم يحصل ولله الحمد... مقالة اليوم تستعرض نماذج للتوقعات المستقبلية وتناقش أهمية استقراء المستقبل.. في يونيو لهذا العام وفي محاضرته بقمة تقنية المعلومات والاتصالات بطوكيو عرض (كيم يونجكي) المدير العام لصناعة الشبكات بشركة سامسونج للالكترونيات مقاطع من الجزء الثاني لفيلم (العودة للمستقبل) والذي أنتج عام 1989م. ما يهمنا هنا أن الفيلم يحكي قصة شخصية تسافر للمستقبل وتحديداً للعام 2015م الذي نحيا فيه الآن.. ولكن هل صدقت توقعات منتجي الفيلم؟ في الواقع نجح الفيلم في توقع عدد من المنجزات التقنية والتي نعيشها مثل وصول المركبات الفضائية البشرية لكوكب المريخ وهذا ما حصل مع المسبار كريوسيتي والذي هبط على المريخ عام 2013م. كما تنبأ الفيلم بطائرات الدرونز بدون طيار وقيامها بنقل الأمتعة وهذا ما تسعى لتطبيقه شركة أمازون وعدد من المؤسسات الحكومية والتجارية الأخرى ودخلت مرحلة الاختبارات الأخيرة. وتنبأ الفيلم كذلك بأجهزة الاستشعار والتقنيات الملبوسة كساعة آبل الذكية وغيرها من المنتجات. الجميل أن منتجي الفيلم قاموا بإجراء دراسات وعمل مقابلات مع باحثين لاستقراء كيف سيكون العالم عام 2015م. وختم السيد كيم محاضرته قائلا:"ما نتخيله اليوم في عام 2015 م سيصبح حقيقة في يوم ما!". وننتقل للعام 2012م في اليابان حيث قامت شركة سويدوباشي للصناعات الثقيلة بتطوير روبوت عملاق يمكن الجلوس داخله والتحكم به. وهذا الشهر أعلن تقنيون أمريكان تطويرهم لروبوت عملاق أمريكي ومن المخطط إقامة مباراة تحدي بين الروبوتين العملاقين العام القادم. ولعل هذا يذكرنا بالرسوم المتحركة من السبعينات والتي تحكي قصة الروبوتات المقاتلة والتي يتحكم بها البشر من خلال كبسولة تحكم داخل الروبوت العملاق.. وننتقل للتنمية والعلاقات الدولية حيث تنظم صحيفة الاقتصاد الياباني (نيكاي) الشهيرة منذ أكثر من 25 عاماً مؤتمراً سنوياً في طوكيو يدعى إليه قادة الأمم الآسيوية لمناقشة مستقبل آسيا على المستويين السياسي والاقتصادي. وأذكر كلمة رئيس الوزراء الماليزي (محمد نجيب عبدالرزاق) في محاضرته العام الماضي: "على مدى خمسة وعشرين عاماً ظللنا نناقش مستقبل آسيا في هذا المؤتمر، واليوم أقول بأن المستقبل الذي كنا نناقشه قد جاء ونعيشه في أيامنا هذه!". وهنا يجب أن نفرق ما بين التنجيم وقراءة الفناجين وبين الاستقراء العلمي للمستقبل والذي أعده نوعاً من التخطيط المتقدم للأمم والمؤسسات والأفراد. وفي تاريخنا الإسلامي نجد أن (عبدالله ابن عباس) رضي الله عنه أشار على سيدنا (علي بن أبي طالب) رضي الله بعدم الخروج للعراق متنبئاً بخذلان أهلها له بيد أن سيدنا علي لم يعمل بتلك النصيحة ثم ندم بعدما وقع ذلك الاستقراء للمستقبل بحذافيره مما دعا علياً رضي الله عنه ليقول: "ويح ابن عباس، كأنما ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق". وهنا دعوة لاستقراء المستقبل بأنفسنا وصناعة مصيرنا بأيدينا كأمة والانتقال لأخذ المبادرات دون الاكتفاء بردات الفعل فقط! وأخيراً،، ما هي توقعاتكم للعالم عام 1500 ه ؟
مشاركة :