في شوارع طهران تسير بكل أريحية الروبوتات الأمريكية العملاقة والمدججة بالأسلحة مدعومة بغطاءات جوية من طائرات بدون طيار (الدورنز) وتبيد بدون تردد كل من يحمل سلاحاً ولو كان مجرد سكين ولا يملك الشباب الإيراني إلا هجمات التفجيرات الانتحارية والتي تنتهي بوفاة المهاجمين دون أن تهتز شعرة واحدة لدى الروبوتات المقاتلة.. تلك المشاهد كانت بداية فيلم الخيال العلمي (الشرطي الآلي Robocob) نسخة عام 2014م والتي تعبرعن حروب المستقبل والتي يجري الإعداد لها في الدول المتقدمة علمياً وتقنياً. بداية وقبل الشروع في أي نقاش فلا بد من التأكيد على رفضي التام لتمكين الروبوتات وطائرات الدرونز من اتخاذ قرارات القتل للأرواح البريئة دون تحكم إنساني، وقتل الأنفس البشرية سواء في طهران أو واشنطن وحتى تل أبيب أو في أي بقعة على المعمورة! ولا بد كذلك من استنكار إزهاق الأرواح البريئة، وخاصة من النساء والأطفال، في باكستان واليمن وغيرها من جراء هجمات طائرات الدرونز.. وبعد هذا التمهيد ننطلق من السؤال الذي قد يطرحه البعض: ماهي ميزة الروبوتات المقاتلة والطائرات بدون طيار القتالية؟ يجيب اللواء كينيث روز من قيادة التدريب والعقيدة في الجيش الأمريكي بقوله: « الآلات لا تعرف الخوف، الآلات لا تتعب ولا تغلق عيونها ولا تختفي تحت الأشجار وقت الأمطار ولا تتحدث إلى رفاقها، بينما الانتباه لدى الإنسان في نوبة حراسة يقل كثيراً بعد مرور 30 دقيقة». وتظل الميزة الأهم في استخدام الروبوتات والدرونز أن الخسائر مقتصرة على الآلات ولا تضحيات بأرواح الجنود مما لا يشكل ضغوطاً إعلامية أو شعبية لإعادة القوات كما حصل مع الحكومات الأمريكية في حرب فيتنام وغزو العراق. ونستذكر هنا قصف يوغوسلافيا(صربيا حالياً) عام 1999 حيث كان شعار الحملة حرب بلا ضحايا، من جانب المهاجمين بالطبع، مما تطلب أن تقوم الطائرات بعلميات القصف من مناطق مرتفعة في الجو مما أثر على دقة وقوة الضربات. وفي الوقت نفسه كان لطائرات الدرونز إسهامها الكبير في رصد القوات اليوغوسلافية ونقل الصور الحية لقيادة القوات الأمريكية دونما مشاركة في إطلاق النار كما هو حاصل حالياً. ويجب أن أشير كذلك إلى قرار وزير الدفاع الروسي الحالي سيرغي شويغو بإحلال الروبوتات مكان الجنود الروس في العمليات ذات الطبيعة الخطرة والحالات الطارئة والبيئات الصعبة. وليس الأمر مقصوراً على النسر الأمريكي والدب الروسي، فالنمر الهندي له كلمته كذلك حيث أعلن أفيناش تشاندر، مدير المنظمة الدفاع الهندية للبحث والتطوير، عن عزم منظمته تطوير روبوتات مقاتلة للجيش الهندي للاستخدامات الأرضية والجوية وعلى مستويات متقدمة من الذكاء الاصطناعي. وحقيقة من أكثر ما يثير قلقي إزاء التوسع في التطبيقات العسكرية للروبوتات وطائرات الدرونز هو أن الدولة التي ستتمكن من امتلاك جيوش كبيرة من هذه الروبوتات المقاتلة ستحارب وتدافع أو تغزو الأوطان الأخرى دون أن تسيل قطرة دم واحدة من مواطنيها. وهذا سيغير موازين القوى الحالية من جهة ويضع احتماليات أكبر لقرارات عبثية بالإقدام على الحروب من قيادات غير مسؤولة من جهة أخرى. وأخيرا، في مقابلة عام 2013م يقول سكوت هارلي، كبير المهندسين الباحثين بشركة 5D المتخصصة في الروبوتات: «خلال عشر سنوات من الآن سيكون هنالك 10 من الروبوتات لكل جندي بحيث ترافقه وتقوم بالمسح الضوئي عن الألغام الأرضية وتبحث عن الأعداء وبإمكانها القتال لإنقاذ أرواح الجنود». إذن فالحديث عن عام 2023م وليس عن مستقبل بعيد.. وعليه، لنحمي أرضنا وعرضنا وأبناءنا ومقدساتنا، أتساءل ماذا أعددنا لذلك اليوم؟
مشاركة :