"إنني باسم المسيح أطلب منك الاستسلام! نحن أبناء العرق الأبيض أصحاب الحضارة أولى منكم بحكم هذه البلاد".. هكذا خاطب قائد الحملة الصليبية (فريدناند ماجلان) السلطان المسلم (لابو لابو) في جزيرة ماكتان الفلبينية عام 1521م، كيف رد عليه القائد المسلم؟ ما هو مصير تلك الحملة الصليبية؟ مقالة اليوم تصحبكم إلى أرض الفلبين في القرن السادس عشر.. كثير منا درس في الجغرافيا أن رحلة ماجلان هي أحد الشواهد والدلائل على كروية الأرض! وربما درس البعض أنه قتل على يد عدد من الغوغائيين أو آكلي لحوم البشر.. هل كانت تلك الحقيقة فعلا؟ ماجلان المستكشف البرتغالي الذي عمل تحت إمرة ملك إسبانيا لاكتشاف العالم والبحث عن الطرق البحرية الجديدة للقوة الصاعدة، كان في الوقت نفسه يحمل على عاتقه مهمة نشر الدين المسيحي الذي كان يؤمن به وذلك من خلال توسيع النفوذ الإسباني في آسيا ونهب خيراتها.. قبل وصول الحملة الإسبانية كانت الفلبين منطقة يتقاسم النفوذ فيها المسلمون ومعتنقو الديانات الوثنية المحلية. وكانت مانيلا تحمل الاسم الإسلامي (أمان الله) والذي تم تحريفه لاحقاً. وعندما وصلت الحملة الإسبانية عقدت اتفاقية مع حاكم جزيرة سيبو على أن تخضع الجزر لحكم الملك الإسباني ويظل على وضعه مقابل المساهمة في تنصير أهل الفلبين.. وحاول ماجلان أن يطبق نفس المبدأ مع حاكم جزيرة ماكتان المسلم لابو لابو فخاطبه طالباً منه الاستسلام باسم المسيح! فما كان من القائد المسلم إلا أن أجاب:" إن الدين لله وإن الإله الذي نعبده هو إله جميع البشر على اختلاف ألوانهم ". ورأى ماجلان في هذا الرفض فرصة لإظهار القوة العسكرية لمملكة اسبانيا فجمع جنده والموالين له واجتمع الجيشان على سواحل جزيرة ماكتان وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة للجيش الإسباني على يد لابو لابو ومن معه والذين انتصروا بعتادهم البسيط وإيمانهم الكبير.. ولم يستطع الإسبان إحكام السيطرة إلا بعد أربعين عاماً شهدت ثلاث حملات صليبية وانتهى الأمر بأن تصبح الفلبين معقل الكاثوليكية في آسيا. ويعلق الباحث الياباني المسلم (أحمد سوزوكي هيروشي) أن هذا الاستعمار الإسباني للفلبين أقام حاجزاً نصرانياً حال دون وصول المد الإسلامي إلى تايوان واليابان واللتين ربما غدتا إمارات إسلامية في حال فشلت الحملات الإسبانية في فرض الديانة النصرانية على أهل الفلبين. وعند زيارتي لجزيرة سيبو الفلبينية قرب جزيرة ماكتان التي شهدت المعركة، وجدتهم يطلقون على أسماك حمراء شبيهة بالناجل اسم (لابو لابو). وقرأت في أحد منتديات الأسفار والرحلات عن مسافر عربي سأله بائع سمك فلبيني: "هل تعرف لمَ أسماك اللابو لابو أسنانها حادة وأفواهها كبيرة؟" ولما لم يعرف المسافر العربي الإجابة بادره بائع السمك قائلا:" كي تأكل ماجلان!". ووصلت الحال بأهل الفلبين في اعتزازهم ببطلهم إلى نصب تماثيله في كل من ماكتان وسيبو ومانيلا. ولا ألوم المؤرخين الغربيين على تمجيد بطلهم ماجلان والذي كان يؤدي واجبه تجاه ديانته وأمته،، وأقدر في أهل الفلبين المعاصرين تمجيدهم لبطلهم لابو لابو رغم اختلافهم معه في المعتقد كونه أول بطل فلبيني قاوم وانتصر على المحتل الأجنبي.. ولكن ماذا قدمنا نحن تجاه هذا القائد المسلم الذي خاض معركته بكل شجاعة قبل خمسمئة عام وانتصر فيها.؟! والأهم من ذلك هو ماذا قدمنا لتخليد ذكرى الراحلين الشهداء وتضحيات جنودنا ورجال أمننا المرابطين.. إن لم نكن معهم على الجبهات فلننصرهم على الأقل في معارك الإعلام والتعليم والتواصل الاجتماعي.. فهؤلاء هم أبطالنا المفادون بأرواحهم والذين نفتخر بهم وندعو لهم بأن يحفظهم الله وينصرهم نصر عزيز مقتدر! ebukhary@gmail.com
مشاركة :