تونس - نجا راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي وزعيم حزب النهضة الإسلامي من تصويت لسحب الثقة منه الخميس بعد أن فشل النواب المعارضون له في تجميع الأصوات الكافية لذلك، لكن فوزه بفارق ضئيل سيضيّق الخناق على الحركة الإسلامية. وبينما كانت المعارضة تحتاج 109 أصوات لسحب الثقة، فقد حصلت على 97 صوتا. واقتراب الأصوات من النصاب القانوني يشير إلى أن النهضة لم تعد في وضعية مريحة وأنها ستواجه جبهة معارضة أكبر وهو ما يتوقع أن يعقد جهود تشكيل حكومة. وقال مراقبون إن مساعي سحب الثقة من الغنوشي لم تفقد زخمها وستتواصل المحاولات في هذا الاتجاه، وإن نجا رئيس البرلمان في مناسبة أولى فلن يستطيع الصمود في مناسبات أخرى. وتأتي جلسة سحب الثقة وسط أزمة سياسية تعصف بالبلاد بعد استقالة رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ هذا الشهر بسبب شبهات تضارب مصالح. وكلف الرئيس قيس سعيد وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة في غضون شهر. وإذا فشلت جهوده في تشكيل حكومة يمكن للرئيس أن يحل البرلمان ويدعو لانتخابات جديدة. ومن شأن هذا التصويت تقويض موقع الغنوشي داخل حزب النهضة، فيما توشك ولايته كرئيس على الانتهاء في الأشهر المقبلة. وخصص البرلمان التونسي جلسة الخميس للتصويت على طلب سحب الثقة من الغنوشي بعد أن تقدم العشرات من النواب بطلب في ذلك غير أن الخلاف بشأن طريقة التصويت أشعل التوتر مع بدء أشغال الجلسة. واضطر رئيس الجلسة إلى رفع أشغالها صباح الخميس قبل أن تستأنف مرة أخرى ليبدأ النواب في الإدلاء بأصواتهم عبر الاقتراع السري. ويسعى نواب من الأحزاب المعارضة ومن أحزاب الائتلاف الحاكم المستقيل أيضا، لسحب الثقة من رئيس حركة النهضة الإسلامية حزب الأغلبية، بدعوى إخلاله بالنظام الداخلي والفشل في إدارة الجلسات. ويستوجب طلب سحب الثقة التصويت بالأغلبية المطلقة (109 أصوات)، وإذا نجحت مساعي البرلمانيين التونسيين في الحصول على 109 أصوات في جلسة سحب الثقة، فإن مغادرة الغنوشي ستكون ضربة قاسية للنهضة. ووفق وسائل إعلام محلية، كثفت قوات الأمن تواجدها في محيط مقر البرلمان بالعاصمة، وفرضت طوقا أمنيا على الطرقات المؤدية للمجلس. ويجرى التصويت في جلسة البرلمان سريا بناء على قرار مكتب المجلس، بحيث يصوت النواب من خلال وضع علامة على ورقة التصويت، ثم يتم فرز الأصوات وإعلان النتيجة النهائية. وقبل أسبوع، قرر مكتب البرلمان تنظيم جلسة عامة للتصويت على سحب الثقة من الغنوشي، زعيم حركة النهضة (54 مقعدا من إجمالي 217)، بناء على لائحة مقدمة من كتل نيابية. وسعت 4 كتل نيابية هي الديمقراطية وتحيا تونس والكتلة الوطنية والإصلاح إلى سحب الثقة من الغنوشي، إثر اتهامه بـ"سوء إدارة المجلس ومحاولة توسيع صلاحياته". وتتهم حركة النهضة، على نطاق واسع، بأنها تسببت في عزل تونس عن عمقها العربي والإسلامي من خلال سياسة المحاور التي اعتمدتها بالرهان على قطر وتركيا، وهو ما حال دون حصول تونس على مزايا كثيرة خاصة ما تعلق بالدعم المالي والاستثماري لمساعدة البلاد في الخروج من أزمتها الاقتصادية. وتنادي أوساط سياسية في تونس بحل البرلمان وتغيير النظام السياسي، من خلال تغيير الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، إذ تعتبر النظام السياسي الحالي الذي تقتسم فيه الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث (رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان) سببا في الأزمات السياسية المتواترة التي تعيشها تونس منذ العام 2011 والتي ألقت بثقلها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتعطل معالجة القضايا الوطنية والملفات الحارقة. وانتخب الغنوشي رئيساً للبرلمان التونسي في 13 نوفمبر 2019 بأغلبية 123 صوتاً، وخضع مذ توليه المنصب إلى جلستين للمساءلة حول تحركاته الخارجية في محيط الدول الداعمة والموالية لتنظيم الإخوان، وتعمقت خلالها الأزمة السياسية وتوسعت دائرة الخلافات والصراعات الحزبية. ومن جهته، حذّر الرئيس التونسي قيس سعيّد، غير المتوافق مع النهضة، سابقا من "الفوضى" داخل البرلمان الذي اعتبر أنه لا يعمل بشكل طبيعي خلال لقاء مع الغنوشي.
مشاركة :