أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها قانون الطفل.جاء في حيثيات الحكم أنه لما كان النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم ينزل بالعقوبة التي قضى بها على الطاعن إلى عقوبة الحبس فهو لا يصادف صحيح القانون: ذلك بأن المادة ٧٢ من قانون العقوبات - قبل إلغائها.وكانت تنص على أنه: " لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد عمره على خمس عشرة سنة ولم يبلغ سبع عشرة سنة كاملة". وفي هذه الحالة يجب على القاضي أن يبين أولًا العقوبة الواجب تطبيقها بقطع النظر عن هذا النص مع ملاحظة موجبات الرأفة إن وجدت ، فإن كانت العقوبة هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم بالسجن مدة لا تنقص عن عشر سنين ، وإن كانت الأشغال الشاقة المؤقتة يحكم بالسجن وقد استقر الفقه والقضاء في ظل تطبيق هذا النص المنقول عن نص المادة ٦٦ من قانون العقوبات الصادر سنة ١٩٠٤ على أن القانون يفترض فيمن بلغ الخامسة عشرة أن إدراكه قد كمل وأصبح أهلًا لحمل مسئولية أفعاله كاملة.من أجل ذلك توقع عليه العقوبات العادية . غير أنه رؤى أن يجنب من يكون في هذه السن عقوبتي الإعدام والأشغال الشاقة لأن في تنفيذ الأولى قسوة لا تقبلها النفوس، وعقوبة الأشغال الشاقة أشد من أن تحتملها بنيته فتعرضها للتلف. وأن كل ما يتطلبه القانون بهذا النص ألا يحكم على من يكون في هذه المرحلة من العمر بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة بنوعيها، فلا يلجأ لهذا النص إلا إذا رأت محكمة الجنايات أن تحكم عليه بعقوبة منها، فإن أمكن تلافيها بوسيلة أخرى فلا حاجة له. ولذلك نصت المادة المذكورة صراحة على وجوب مراعاة موجبات الرأفة إن وجدت قبل تطبيق النص، فإذا نزلت العقوبة بتطبيق ظروف الرأفة وفقًا للمادة ١٧ من قانون العقوبات عن عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بأن صارت سجنًا أو حبسًا فلا تطبق المادة ٧٢ المشار إليها لأن أغراض الشارع قد تحققت. وإذ ألغيت المادة ٧٢ من قانون العقوبات بالقانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث، حلت محلها المادة ١٥ من هذا القانون فنصت على قاعدة استبعاد عقوبتي الإعدام والأشغال الشاقة بنوعيها دون أن تشير إلى مبررات الرأفة، إلا أن الرأي ظل مستقرًا على ما كان عليه في ظل المادة ٧٢ من قانون العقوبات . على ما سلف بيانه. وأخيرًا فقد حل قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ محل قانون الأحداث ونص في المادة ١١١ المعدلة بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨ الذي يسرى على واقعة الطعن الماثل على أنه: " لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سن الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة. ومع عدم الإخلال بحكم المادة ١٧ من قانون العقوبات، إذا ارتكب الطفل الذي تجاوز سن خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن ، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. ويجوز للمحكمة بدلًا من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم عليه بالتدبير المنصوص عليه في البند (٨) من المادة (١٠١) من هذا القانون. " ومن ثم فقد عاد المشرع بإشارته الصريحة للمادة ١٧ من قانون العقوبات إلى ما كان عليه في ظل المادة ٦٦ من قانون العقوبات الصادر سنة ١٩٠٤ ثم المادة ٧٢ الملغاة من قانون العقوبات القائم، مؤكدًا بذلك ما استقر عليه الفقه والقضاء من فهم لمقصد المشرع من معاملة الطفل الذي جاوز سن الخامسة عشرة على ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه والذي دان الطاعن بجريمة السرقة المعاقب عليها بالمادة ٣١٥ من قانون العقوبات بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت قد عامله بالرأفة في الحدود المقررة بالمادة ١٧ من قانون العقوبات فنزل بالعقوبة المقررة إلى عقوبة السجن ثلاث سنوات وهي عقوبة يجوز الحكم بها على الطفل فإنه لا يجوز له أن يتمسك بوجوب معاملته بالمادة ١١١ من قانون الطفل.
مشاركة :