هاشم المهدي… الموت يختصر الحياة

  • 8/3/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم – محمد الرياني ونحن نودع المربي الأستاذ هاشم المهدي من دنيانا الفانية مثل أمامي مسرح الحياة الذي يبدو مضيئا أول مرة ثم ينطفئ ليكتشف الجمهور أن الذي شاهدوه هو فيلم قصير ، في وداع هاشم المهدي انفتح المسرح الحزين لأرى الأحداث التي رأيتها صغيرا في معهد إعداد المعلمين بجازان ، المدير صاحب الوقار والهيبة محمد البهكلي ، الوكيل الأنيق الذي يتألق شبابا وحيوية هاشم المهدي ،المعهد الذي يشكل جامعة لطلاب المنطقة من شمالها إلى جنوبها ،مثلت أمامي البوابة الشمالية الرمادية المشهورة للمعهد وأمامها الإداري الظريف يحيى عمر باصهي وهو يتعقب الطلاب المتأخرين ،والمراقب أحمد زميم بسجله اليومي والساحة التي تضج من الصباح الباكر بالقرآن الكريم والكلمات والقصائد وأخبار الرياضة ،وفي الفصول يقف معلم القرآن الشيخ يحيى البهكلي وعليه تاج الوقار والطيبة والحب ،ويتبعه في الدخول أنصار اللغة والأدب من مصر إبراهيم محمد علي ومحمود شاهين والأستاذ عادل معلم النحو وأحمد فؤاد أستاذ البلاغة ،ومن السودان العقيد نجم الأدب وبدر الدين صاحب الخط الجميل ،ومعهم علي حسن وزين العابدين في الجغرافيا والتاريخ والسعودي أحمد زارع ومعلم التاريخ الفذ سعد حسني،وفي الرياضة وجيه محمد علي وصابر ،ومحمود غريب في التربية الفنية والسعودي الرائع حمد مناور الحربي ،وفي الأحياء المصري الأنيق زكرياالسيد والفلسطيني المتمكن صدقي الأسطل ،وفي الكيمياء الأستاذ مسعد ،وفي علم النفس الشاب في ذلك الوقت عبدالله بكري ومعه الشابان أيضا محمد راجح ومحمد هجام والفلسطيني عبدالقادر الزبن ،وفي الرياضيات مجتمعة بفروعها يأتي إبراهيم زكريا وعلي مهدي ومحمد شعبان راضي ومحمود علي قاسم ،ولا أنسى أصحاب الفضيلة ياسين المدخلي وعلي الصميلي ومطاع الحكمي يرحمهم الله والشيخ جيلان مدخلي أطال الله في عمره ، وغيرهم من الذين سطروا ملحمة التدريس في المعهد الجامعة ليصنعوا من طلاب في الثامنة عشرة من العمر أو تزيد قليلا معلمين بامتياز ساهموا في حركة التعليم باقتدار، هؤلاء المعلمون وغيرهم من الذين فقدتهم ذاكرتي حضروا في مخيلتي ونحن نودع المربي الفاضل الأستاذ هاشم مهدي الذي مارس فن الإدارة وهو لايزال حديث عهد بالتخرج أمام عمالقة خرجوا وتخرجوا من أرقى محاضن التعليم في بلادهم ، لم يكن مجرد وكيل يقوم بمهام إدارية في معهد يضم مئات الطلاب بل كان الأقرب إليهم في وقت كانوا بحاجة إلى من يخفف عنهم آلام الاغتراب والسفر اليومي نحو المعهد ،علاوة على دور المرشد الأكاديمي الذي كان يقوم به ، ومضت الأيام لأجده نجما ساطعا في تعليم المنطقة من جديد من خلال أدوار القيادة التي أسندت إليه كإدارة المدارس واللجان التي كان يشارك فيها ويشرف عليها في مناسبات التعليم والمناسبات الوطنية ،ظل يتمتع بأناقته وسمو روحه وابتسامته التي لاتغادره ،الأستاذ هاشم المهدي عاش في التعليم في كل أطواره وتقلباته حتى أضحى رمزا و غادره بعد سنوات من العطاء والبذل والإخلاص ، وبعد ذلك حاصره المرض ليترك لنا الدنيا في مشهد مهيب حضره محبوه من كل مكان ، هذا المشهد الذي يختصر لنا فيه الموت رحلة الحياة وأنها أقصر مما كنا نظن ونتوقع .مرتبطالمشاركة

مشاركة :