•• هل صحيح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيزور طهران العام القادم 2016م؟ •• وهل صحيح أيضاً أن الدولة التي رفعت شعار "الموت لأميركا" منذ عودة الخميني إلى طهران.. بدأت تتزين منذ الآن لاستقبال "الصديق" وليس "العدو" كما كانت تُعلن على مدى السنوات الطويلة الماضية وتعمل على نشر الشعار في كل مكان يوجد لها فيه أتباع بدءاً من بيروت وانتهاء بصنعاء ومروراً بعواصم عربية وغير عربية أخرى؟ •• وما الذي سيقوله الشعب الإيراني الآن.. بعد أن تبدل الشعار من "الموت لأميركا" إلى "الحياة الأبدية للأصدقاء الجدد".. وكذلك ماذا سيقول أتباع حزب الله في لبنان.. والحوثيون في اليمن.. ومن لفّ لفهم؟ •• أعتقد أن عملية الشحن الطويلة.. من قبل إيران لشعوب المنطقة ضد أميركا تمر الآن بمأزق شديد.. وإن كان لا ينقص إيران وأتباعها المبررات.. والذرائع.. والتفسيرات لتغير هذا السلوك وبالذات بعد التوصل إلى اتفاق مع الدول (5+1) حول السلاح النووي الإيراني.. بكل ما سوف يترتب عليه من إيقاف للعقوبات.. وبدء تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية بإغراق متعمد ومنتظر لأهداف سياسية واقتصادية وأمنية أيضاً.. •• الحقيقة أن هذا التحول إن حدث.. وتمت معه هذه الزيارة لطهران.. لا بد وأن يترتب عليه أكثر من أمر.. وأن في مقدمة ما يجب أن يتم هو: •• صحوة شعوب المنطقة المغرر بها طويلاً من غفلتها.. ومراجعتها لحساباتها.. بعد أن تمت المتاجرة بعواطفها.. وشحن الإيرانيون نفوسها.. وصوروا لها دولاً بعينها بصورة العدو الذي يجب مواجهته بكل الأسلحة.. وفي مقدمتها كراهة الشعوب لأميركا وتصويرها بصورة العدو الأكبر.. حتى إذا انتهت المسرحية وسنوات الطبخة.. فإذا الذي كان عدواً بالأمس يصبح صديقاً حميماً ومرحباً به في العاصمة طهران.. هذه الصحوة التي نتحدث عنها يجب أن تتحول إلى معاقبة للضمير.. ومحاسبة قاسية لمن وظف مشاعرها في ذلك الاتجاه لسنوات طويلة وحقن أجيالها بحقنة الكراهية لدولة أميركا.. ثم إذا هي اليوم تُطالب بنسيان كل ذلك.. كما تُطالب بالاستعداد لاستقبال ضيف البلاد الكبير وحبيب إيران الوفي الجديد.. •• إن محاسبة الضمير.. أو هزه على الأقل يجب أن تقود الشعب الإيراني ومن تبع إيران في المنطقة إلى وضع بوصلة تساعدهم على معرفة أعدائهم من أصدقائهم الحقيقيين.. لأن الأمر لم يقتصر على إيران والشعب الإيراني وإنما شمل الدول والشعوب الصديقة لأميركا بحكم ارتباط مصالحها معها حتى الآن.. •• كما يجب أيضاً.. •• أن نقف نحن دول وشعوب المنطقة أمام هذا الحدث - في حالة وقوعه – وقفة مسؤولة غايتها المراجعة في ضوء الواقع الجديد.. ومواصلة سياسة الاعتماد على النفس وتنوع مصادر القوة.. وتأمين متطلبات المستقبل ليس بالمواجهة مع الغير.. وإنما بالعمل على تقييم وتوجيه وتوظيف الموارد والطاقات وفقاً لأولوياتنا الجديدة.. وضرورات الاستمرار والاستقرار والنماء مع ضمان الأمان بمواجهة أي تهديدات جديدة قد تواجهنا في الزمن القادم.. •• وعندها فإن علينا كدول خليجية – بدرجة أساسية – ودول عربية متضامنة ومتفاهمة.. أن نتعامل مع هذا الواقع الجديد بدرجة قصوى من التحمل والمسؤولية والتضامن والاتحاد.. تحقيقاً للتكامل المنشود.. وسداً للثغرات.. وتوحيداً للسياسات والتوجهات بعيداً عن التحالفات أو الارتباطات التي لا توجبها المصالح المشتركة والبينية والمتكافئة.. •• أما الأمر الثالث الذي ينبغي أن يترتب على هذا الواقع الجديد.. فهو التحسب لما قد يترتب على أي تحالفات جديدة تتم داخل الإقليم.. والعمل – من الآن – على حشد كافة القدرات والطاقات والإمكانات في الاتجاه الذي يضمن لنا استمرار البقاء ويمكننا من المحافظة على الكيان السياسي القوي لمجموعتنا العربية الجديدة.. وإعطاء الأولوية لمتطلبات الدفاغ والأمن والتنمية جنباً إلى جنب. •• إننا ندرك أنه ليس هناك صداقة دائمة أو عداوة مستمرة.. وإنما هناك مصالح تفرض نفسها. وأن الكثير من التحولات التاريخية الكبرى.. أو التغيير في خارطة العلاقات بين الدول وارد وفي أي لحظة ما دام أن هناك حسابات جديدة من نوع أو آخر.. وأن هذه الحسابات قد تقود بعض الدول إلى تغيير شكل ونمط تحالفاتها وفقاً لبوصلتها الجديدة.. •• لكن ما نريد أن نؤكد عليه أكثر هو.. أن اتخاذ قرارات بهذا الحجم لن يكون خطأ بحق الدول التي تُقدم عليها فحسب.. وإنما سيكون بحق الإنسانية أجمع.. وسوف يتأكد كلامي هذا بعد فترة وجيزة من وقوع أي تغييرات دراماتيكية في خارطة العلاقات السياسية مع دول الإقليم.. إننا كدول صغيرة.. وشعوب متطلعة إلى الغد الآمن.. لن نخسر كثيراً.. بل على العكس من ذلك لأننا سنتجه إلى استخراج كل المخزون بداخلنا.. ونعيد بناء أنفسنا من جديد.. وصناعة مستقبلنا بيدنا وليس بيد غيرنا.. والله معنا. *** ضمير مستتر: •• (لا مصلحة لنا في معاداة أحد.. لكن لا حاجة بنا إلى الثقة بمن يتخلون عن أصدقائهم في أية لحظة).
مشاركة :