تظل العلاقة بين الكنيسة والسياسة على اختلاف مسمياتها، منطقة شائكة، يتطلب إتقانها، شروطا صعبة، وتبقي علاقة مثيرةً، ولكن تميزت علاقة الدولة بالكنيسة خلال عهد الرئيس السيسي والبابا تواضروس الثاني بالهدوء والتعاون، بعدما أصبح المجال السياسي في مصر أكثر انفتاحًا. ولقد ظللت أتتبع على مدار اليومين الماضيين حملة الهجوم المنظم على الأنبا ثاؤفيلس أسقف منفلوط بأسيوط، على مواقع التواصل الاجتماعى، والسوشيال ميديا، وهي حملة تستهدف بالدرجة الأولى تصدير صورة سيئة عن شخص الأنبا ثاؤفيلس كعقاب له علي مواقفه الوطنية لاستقباله وفد حزب مستقبل وطن بمقر المطرانية. حملة شنعاء قامت بها اللجان الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الأنبا ثاؤفيلس، ولكنني آثرت الحديث في أوج عنفوان الغضب ولهيب العاصفة علي نيافته، لأنني أحد هؤلاء الشباب الذي يحمل أمانة الكلمة. بدأت الحملة بعدما زار وفد من أعضاء حزب مستقبل وطن، بمحافظة أسيوط مقر مطرانية منفلوط، ليخرج علينا بعدها من نصبوا أنفسهم وكلاء على الكنيسة ورجالها، لشن حملات التشويه، في محاولة منهم لترسيخ وصايتهم، وفرض هيمنتهم علي الاستقبالات المطرانية لضيوفها، كما إنني لست محاميًا أو متحدثًا رسميًا عن الأنبا ثاؤفيلس، ولا أكتب للدفاع عنه ولكنني أكتب بمقتضى أمانة القـلم. الكنيسة المصرية هي مؤسسة وطنية، وجزء أصيل من الشعب، ودورها الوطني لا تشوبه شائبة، وسلام الوطن ووحدته من أهم أهداف الكنيسة على مدى تاريخها، وليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بالسياسة، وتقف علي مسافة وعلاقة طيبة من كل الأحزاب والاتجاهات السياسية، تفتح أبوابها لاستقبال الجميع دون الانحياز لأحد، وهي قادرة علي التفاعل مع العصر ومع العالم. وكل فصيل سياسي يحاول أن يلعب علي ورقة الأقباط، ولكن الأنبا ثاؤفيلس أذكي من يقدر الآخرين، فهو أقرب إلي الالتزام بمقادير الدولة المصرية وليس كما يخطط الآخرون إلى شىء آخر. ولن أعود للوراء كثيرًا ولكني أتساءل، لماذا لم يسخر من قاد حملة الهجوم علي الكنيسة حملة لشرح أهمية المشاركة في الانتخابات أو مناقشة برامج الأحزاب وأقنع الناخبين بها، بدلا من تنصيب أنفسهم وكلاء علي الكنيسة ومحاكمة الأسقف لأنه يفتح أبوابه للجميع؟!. إنني أعلم علم اليقين أن أى سياسي أو مرشح طلب لقاء أو مساعدة الأنبا ثاؤفيلس لن يتوانى لحظة عن مساعدته طالما في إطار دعم الوطن، فهو راهب زاهد عابد متواضع بسيط يملك قلبا ملائكيا كقلوب الأطفال. الغريب في هذا الأمر هو صمت الأنبا ثاؤفيلس المشوب بالحكمة، فهو يتحسس الكلمة ويزنها قبل أن يتفوه بها، ويسخّر لسانه لكسب قلوب سامعيه، فهو يرى فيه أن الحفاظ على مؤسسات الدولة له الأولوية، خاصة فى المرحلة الحرجة التى يمر بها الوطن. لذا وجب على تلك الأفواه الصمت وتحسس مصلحة الوطن ووضعه نصب أعينهم لا أن يشوهوا غيرهم حقدا منهم عليه، فإن مصلحة الوطن فوق كل شيء وأهم من أى مشاحنات وأحقاد.. استقيموا يرحمكم الله.
مشاركة :