اتحاد الشغل يتعهد بالتصدي للمشروع الإخواني في تونس | الجمعي قاسمي | صحيفة العرب

  • 8/6/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في تطور لافت للأحداث المتسارعة في تونس، تعهد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتصدي للمشروع الإخواني في بلاده في تصعيد يرى مراقبون أنه سيفاقم عزلة حركة النهضة الإسلامية لاسيما مع عودة مسألة الإطاحة بزعيمها راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان وبقوة رغم أن المحاولة السابقة باءت بالفشل. تونس - رفع الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، من منسوب انتقاداته ورفضه القاطع للمشروع الإخواني في تونس، وذلك في تصعيد لافت اقترن مع حراك سياسي استثنائي تصاعدت فيه وتيرة الدعوات المُطالبة بإعادة تقديم لائحة لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا حركة النهضة الإسلامية. وفي توصيف غير مسبوق، لم يتردد نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، في القول في كلمة ألقاها الأربعاء في مدينة صفاقس، إن منظمته النقابية “ستبقى السد المنيع أمام الخيارات الإخوانية التي تستهدف تدمير مُكتسبات الدولة المدنية”، وستُفشل مُخططات أصحاب “الفكر المُتكلس”. وهذه المرة الأولى التي يستخدم فيها الطبوبي عبارة “الخيارات الإخوانية” التي تُحيل مباشرة إلى حركة النهضة الإسلامية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، وتوابعها من تنظيمات الإسلام السياسي، وخاصة منها “ائتلاف الكرامة” الذي يُجاهر بتأييده للمشاريع الإخوانية في تونس والمنطقة عموما. وخاطب الطبوبي في كلمته أصحاب الفكر الإخواني، قائلا “أنتم دمرتم هذا الوطن طيلة السنوات العشر الماضية… ولن نسمح لكم بالاستمرار في خياراتكم… وسنكون في مقدمة القوى الديمقراطية والتقدمية التي تؤمن بالدولة الوطنية المدنية، من أجل تعديل البوصلة نحو الخيارات الوطنية البحتة”. وشدد في المقابل، على ضرورة صيانة استقلالية القرار الوطني التونسي، وعلى رفض سياسة المحاور التي يُريد البعض دفع البلاد نحوها، مؤكدا في نفس الوقت على أن “المؤامرات الخسيسة التي تستهدف البلاد ستتحطم على سور الاتحاد العام التونسي للشغل”. ويرى مراقبون أن هذا الارتفاع في حدة التصريحات الدالة على رفض المشروع الإخواني، من شأنه خلط الأوراق السياسية المرتبطة بسياق الترتيبات التي ستنتهي إليها المشاورات التي يُجريها حاليا رئيس الحكومة المُكلف هشام المشيشي مع الأحزاب والقوى الوطنية لتشكيل الحكومة الجديدة. وكشف زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب، أن الكتلة النيابية الديمقراطية (38 نائبا) التي تجمع نواب حركته وحزب التيار الديمقراطي، أكدت لرئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، أنه “بالإمكان تشكيل حكومة جديدة دون حركة النهضة، التي هي حركة لا تؤمن بالديمقراطية، ولا تريد أن تحكم مع الناس بل أن تحكم بالناس”. ولا ينفصل هذا الارتفاع الحاد في المواقف عن الحسابات السياسية القائمة في علاقة بضرورة التصدي لمناورات حركة النهضة الإسلامية، التي طالما مارستها في إطار سعيها لتمرير خياراتها على أرضية تقاسم الأهداف والأجندات مع المشروع الإخواني في مُجمل المنطقة. كما يفترض أن تكون له تبعات سياسية مباشرة على المشهد العام في البلاد بما يُهيئ لمناخ داخلي قد يفرض على الطبقة السياسية واقعا يجبرها على تغيير السياسات التي انتهجتها في التعاطي مع المشروع الإخواني في تونس، لاسيما في هذا التوقيت الذي بدأ فيه التسخين في المواقف لإعادة التقدم بلائحة جديدة لسحب الثقة من راشد الغنوشي كرئيس للبرلمان، يأخذ حده الأقصى. وفي سياق هذا التطور اللافت الذي من شأنه تعميق المأزق المُتعدد الجوانب الذي بات يُحيط بالنهضة، تسارعت التحركات السياسية لترتيب الأولويات في علاقة بضرورة إبعاد راشد الغنوشي عن رئاسة البرلمان، وكذلك أيضا إبعاد حركة النهضة عن الحكومة القادمة. وبدا ذلك واضحا من خلال التصريحات التي تواترت للمُطالبة بإعادة التقدم بلائحة جديدة لسحب الثقة من رئيس للبرلمان، حيث أعلن مصطفى بن أحمد القيادي في حركة تحيا تونس، ورئيس كتلتها النيابية (11 نائبا)، أن حركته مع سحب الثقة من الغنوشي. وفي سياق مُتصل، أكدت سامية عبو القيادية بحزب التيار الديمقراطي أنه “سيتم تقديم لائحة سحب الثقة من الغنوشي من جديد في وقت قادم، وستُسحب الثقة من رئيس البرلمان”،لأن “الغنوشي عطل عمل المجلس وأساء إدارة جلساته ولم يُحسن التصرف في المنصب الذي عهده إليه نواب البرلمان وحاد به عن أهدافه المرسومة”. وقبل ذلك، كان حسونة الناصفي رئيس كتلة “الإصلاح الوطني” (16 نائبا)، قد أعلن أن إعادة تقديم لائحة لسحب الثقة من راشد الغنوشي هو أمر مطروح، لاسيما أنه تعهّد بالإصلاح في جلسة مساءلته ولكنه لم يُصلح شيئا، ولم نشعر أن الغنوشي هو رئيس لكل نواب البرلمان”. وفي نهاية الشهر الماضي، نجا الغنوشي من محاولة لسحب الثقة منه كرئيس للبرلمان، حيث لم يؤيد لائحة سحب الثقة سوى سبعة وتسعين نائبا، فيما كانت تحتاج إلى 109 نواب، وذلك خلال جلسة برلمانية صاخبة عرفت توترا كبيرا بين مختلف القوى البرلمانية. وعلى وقع هذه التطورات، يعود المشهد السياسي في تونس إلى التحرك، باتجاه محاصرة النهضة، ورئيسها راشد الغنوشي، وسط افتراضات تتوزع على طول المساحة المُستجدة في هذا الملف الذي تتسع فيه التقديرات بالنظر إلى جملة من المعطيات المتأرجحة التي تحتاج إلى الحسم.

مشاركة :