وصف خبراء ومحللون العرض التركي لإعادة إعمار مرفأ بيروت بـ«مناورة خبيثة»، هدفها أن يكون لأنقرة موطئ قدم في لبنان، ومن ناحية أخرى تثبيت سيطرتها على الشمال السوري. وكان فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي، قد عرض على لبنان المساعدة في ترميم مرفأ بيروت بعد الانفجار الهائل الذي وقع فيه، مؤكداً استعداد بلاده لإعادة إعمار المرفأ والمباني المجاورة له. وحذر المحلل السياسي السوري، نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات السياسية في ألمانيا لـ«الاتحاد» من خطورة العرض التركي لإعادة إعمار مرفأ بيروت، واعتبروه حيلة ماكرة تلجأ إليها تركيا لتعزيز وجودها في لبنان من خلال مرفأ اقتصادي حيوي. وأشار خليل إلى خطط تركيا الرامية إلى التمدد داخل لبنان عبر الأنشطة الإنسانية والإغاثية، ومن خلال أتباعها من جماعة «الإخوان» الإرهابية والجالية التركمانية، الأمر الذي تحدثت عنه الصحافة اللبنانية في الآونة الأخيرة. وكانت تقارير صحفية لبنانية قد كشفت مؤخراً عن محاولات تركيا للتمدد في مناطق الشمال اللبناني عبر بوابة المساعدات الإنسانية من خلال الوكالة التركية للتعاون والتنسيق المعروفة بـ«تيكا» التي أسست مكاتب لها في طرابلس وعكار، وساهمت في إنشاء مدارس تدرس اللغة التركية، وتقدم منحاً للطلاب لإكمال دراستهم في تركيا. وأوضح المحلل السياسي السوري أن محاولات تركيا للتمدد في لبنان ترتبط بخططها المشبوهة لتثبيت سيطرتها على شمال سوريا. ومن جهة أخرى، أوضحت الدكتورة نادية حلمي، الخبيرة في الشؤون الدولية والآسيوية، في تصريحات لـ«الاتحاد» أن نوايا تركيا تجاه لبنان ليست بريئة، مؤكدة أن العرض التركي لإعادة إعمار مرفأ بيروت ليس إلا مناورة خبيثة لتحقيق مآرب خاصة في لبنان. وقالت الخبيرة في الشؤون الدولية: «في إطار حرص تركيا على الوجود في أهم الموانئ والمواقع العربية، سبق أن عرضت على السودان الاستثمار في ميناء سواكن السوداني، وهو المخطط الذي لم يكتمل بعد إسقاط نظام الرئيس البشير، ويبدو أن تركيا تحاول أن تعوض فشلها في السودان بالوجود في مرفأ بيروت، وهو مرفأ حيوي ويتمتع بمقومات اقتصادية واستثمارية هائلة، فضلاً عن مكانة دولية مرموقة». وشددت على ضرورة حشد الطاقات العربية لتقديم الدعم للبنان لتفويت الفرصة على الجانب التركي للعب أي دور في الداخل اللبناني يمكنها بعد ذلك من التسلل إلى دول أخرى في المنطقة عبر لبنان، خاصةً مع زيادة الوجود التركي في سوريا، ومحاولة إثبات أحقيتها في أن تلعب دوراً إقليمياً عبر سوريا، فتمكنها من دخول لبنان بحجة المساعدة في بناء المرفأ سيدعم حتماً من نفوذها في الداخل السوري وتطويق الدول العربية المحيطة تبعاً لذلك.
مشاركة :