المتاحف العمانية .. محطات يستريح عندها التاريخ

  • 7/23/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعد المتاحف من أهم الوسائل والطرق التي تحافظ من خلالها الأمم والشعوب على ماضيها، والنافذة التي تطل من خلالها الأجيال الصاعدة على إنجازات الآباء والأجداد من أعمال خلدت ذكراهم. عمادها مجموعة من الآثار والمكتشفات، والمخطوطات التي يجري جمعها سواء من الداخل أو الخارج لتشكل في جملتها بانوراما تاريخية من شأنها حفظ الذاكرة الوطنية وصون الهوية. أول المتاحف وأبرزها، وأكثرها شمولاً متحف أرض اللبان في منطقة البليد بمدينة صلالة، والذي افتتحه هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة بقاعتيه التاريخية والبحرية ومنتزهه الأثري، وجاء ذلك حينها تزامناً مع احتفالات السلطنة بمناسبة مرور 37 عاماً على ولاية السلطان قابوس. المتحف يمثل إطلالة تاريخية شاملة على عُمان بمختلف مناطقها عبر الأزمنة، واختيار منظمة اليونيسكو لمواقع أرض اللُبان بمحافظة ظفار كونها موطن الشجرة وبلاد المنشأ والتصدير ووضعها على قائمة التراث العالمي، يشكل قيمة مضافة لكنوز عمان الأثرية بمنظومة التراث الثقافي والطبيعي استناداً إلى حيثيات علمية ومعايير عالمية، محدداً أربعة مواقع لأرض اللُبان في كل من البليد، وخور روري، وشصر، ووادي دوكا، حيث تنمو أشجار اللُبان، وأن هذه المواقع تم تسجيلها باسم طريق تجارة اللُبان في عام 2000، ثم أعيد تسجليها عام 2005 تحت اسم أرض اللبان. يقدم المتحف موجزاً لتاريخ عُمان من خلال قاعتين، الأولى للتاريخ ونماذج من الشواهد الأثرية عبر العصور، والثانية تحتوي على نماذج مصغرة للسفن العمانية، وموجز لعلاقة العمانيين بالبحر، ويوفر للزائرين والباحثين ملخصاً لمسيرة عمان عبر تاريخها الطويل بطريقة علمية منظمة في إشارة واضحة إلى تفاعلها مع محيطها الإقليمي والدولي في إطار التعايش السلمي وتبادل المصالح بين الأمم على نهج من ثقافة التسامح والسلام. يرجع تاريخ مدينة البليد إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت تضم مركزاً سكنياً من حوالي 2000 سنة قبل الميلاد، وبرزت خلال العصر الحديدي المتأخر كمدينة مركزية نشطة، كما ازدهرت أيضاً في العصور الإسلامية، وكانت تعد من أكبر الموانئ الرئيسية على المحيط الهندي حيث تمتد رقعة تصدير اللبان فيها لتصل الى كل من الصين وروما، وكان واكتشف الموقع وتصويره للمرة الأولى في عام 1930 إلا أن التنقيبات لم تبدأ قبل عام 1952، وفي عام 1977 قامت وزارة التراث والثقافة بتنفيذ برنامج مسح للموقع، ولا يزال مكتب مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية ينفذ برنامجاً شاملاً للترميم والتطوير. وتتكون البليد من مجموعة معالم أثرية تغطي مساحة مستطيلة تصل إلى 64 هكتاراً يحيط بها جدار مرتفع من ناحيتي الشرق والشمال، وخندق صغير من الغرب، ويحتوي الجدار على أربع بوابات، ومن الداخل تنقسم المدينة إلى ثلاثة أقسام، أحدها التجاري في الجهة الشرقية، والآخر سكني وخدمي في الوسط، كما يقع المسجد والحصن في الجهة الغربية، ويحيط المدينة من الجانب الشمالي والشرقي والغربي خور البليد. والخور مياه عذبة كانت تستخدم للاستهلاك الآدمي، محاط بحواجز رملية عالية وبعض أنواع النباتات والأشجار، وكان تاريخياً متصلاً بالبحر إلا أن التغييرات التي طرأت على تضاريس المنطقة وتراكم الصخور والترسبات الترابية أدت إلى فصله عن البحر، ويتزود بالمياه الجوفية والينابيع المنحدرة من الجبال. أما مدينة سمهرم التاريخية، فهي تقع على مسافة 40 كيلو متراً شرقي صلالة، وتستمد مياها - بالإضافة إلى المياه الجوفية - من الشلالات المتدفقة من سلسلة جبال ظفار المحيطة بها، ويشير ما بقي من أطلالها إلى أنها كانت تتميز بحصونها القوية، ونفذت أولى الحفريات في خمسينات القرن الماضي، كما نفذت الحكومة العمانية عمليات مسح منذ عام 1996 بالتعاون مع بعثة علمية من جامعة بيزا، حيث أزاحت الستار عن بعض المواقع التاريخية في الموقع، والتي من أهمها خور روري، مستوطنة صمتت وبنيت بجنوب شبه الجزيرة العربية وعلى الطراز العربي الذي كان سائداً في القرن الرابع قبل الميلاد. وتمكن العمانيون من استخراج النحاس وممارسة التجارة مع بلاد الجوار والرافدين والهند والصين، أما أرض اللُبان فظلت ظفار حاملة هذا اللقب طوال العصور الماضية باعتبارها مصدراً رئيسياً لإنتاجه وتصديره، ومن بين الأسماء التي أطلقت عليها أرض عاد وبلاد بونت والشحر، كما أن الاعتقاد كان سائداً أن الأحقاف التي ذكرها القرآن الكريم هي الأرض التي تقع فيها ظفار وعرفها الفراعنة والفينيقيون والإغريق والرومان والفرس والهنود والصينيون، وأما عمان الإسلام حيث دخل أهلها طواعية قابلين رسالة التوحيد مساهمين لاحقاً في نشره عبر الفتوحات والمعاملات التجارية. المتحف العماني، ويشتمل على مجموعة منتقاة من التحف والصور والآثار تحكي عن تاريخ السلطنة وتقاليدها وأنماط الحياة فيها، وخصص هذا المتحف لحفظ مفردات التراث العماني، وافتتح في السابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 1974، ويضم عدة أقسام،أحدها للتاريخ، وآخر للأرض والإنسان. أما المتحف الوطني،الذي كان يعرف سابقاً ببيت السيد نادر بن فيصل، فكان مقره مسقط، ونقل إلى روي وتحديداً الجزء الجنوبي من مبنى المكتبة الإسلامية، وافتتح في عام 1988ويعرف حالياً بالمتحف الوطني، ويعتبر ذا طابع تراثي فولكلوري حيث خصص لحفظ التراث الشعبي. طبيعة الجغرافيا العمانية المتميزة أدت إلى وجود بيئة نباتية وحيوانية وبحرية مختلفة، ما دفع الحكومة العمانية إلى جمع وعرض هذه الكنوز الطبيعية وعرض التسلسل التاريخي لجيولوجيا السلطنة منذ بدأ الحياة على سطح الأرض قبل 570 مليون عام وحتى العصر الحديث، وكانت ثمرة ذلك متحف التاريخ الطبيعي الذي افتتح عام 1985 بديوان عام وزارة التراث والثقافة. المتحف العماني الفرنسي، جاءت فكرته من العلاقات والروابط المتينة التي تربط السلطنة بفرنسا منذ مطلع القرن الثامن عشر الميلادي، والتي تعززت على أثر الزيارة التي كان قام بها السلطان قابوس إلى فرنسا عام 1989 حيث وجه حينها بتحويل بيت فرنسا الذي كان في الماضي مقراً للقنصلية الفرنسية في مسقط، وكان قدمه السلطان فيصل بن تركي هدية إلى أول قنصل لفرنسا عام 1896 وبقي مقراً للقنصلية ومسكناً للقناصل الفرنسيين حتى عام 1920 ، حيث تحول إلى متحف افتتح تحت رعاية السلطان وضيفه الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران في عام عام 1992. قلعة صحار يضم متحف قلعة صحار العديد من تاريخ الأحداث التي شهدتها مدينة صحار وافتتح عام 1993م، وتتضمن أقسامه غرفة الاستحمام التي تضم بعض الأدوات التراثية القديمة التي تستخدم في الاستحمام ، كما يوجد بها بئر ماء، والجناح الثاني يعرض تاريخ تجارة النحاس والعلاقات التجارية التي نشأت بين مجان والمدن التجارية الواقعة على ضفاف نهري الفرات والأندلس، والجناح الثالث يضم ضريح ثويني بن سعيد بن سلطان بن أحمد البوسعيدي الذي استمر حكمه من عام 1856م 1866م، والرابع ممر طوله 25 كم تحت الأرض باتجاه الغرب ويصل إلى جبل يسمى حوراء برغاء، والخامس يضم بعض الوثائق والمعلومات التاريخية عن أهمية صحار كمدينة تجارية وعلاقاتها التجارية مع مدينة كانتون، والجناح السادس يضم بعض الآثار التي من خلالها عرف تاريخ نشأة المدينة والأحداث السياسية والتاريخية والطبيعية التي مرت بها. اهتمام بالطفل يعتبر متحف الطفل وسيلة حية لتبسيط العلوم والتكنولوجيا واستعراض مراحل تطورها وتطبيقاتها في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى عرض الاختراعات والوسائل الحديثة ما يتيح للزائر فهم الدور الحيوي الذي يلعبه العلم في حياة الإنسان، افتتح في عام 1990. وتتناسب معروضات المتحف مع جميع الأعمار إلا أنه يولي اهتماماً خاصاً بالأطفال وذلك بتوصيل المعلومة إليهم بطريقة مبسطة وسهلة، وتضم أقسامه قبة كبيرة توجد بها الأجهزة والمعروضات، وأخرى صغيرة تستخدم كمكاتب للمتحف.

مشاركة :