أكد عدد من القانونيين في الكويت ودول مجلس التعاون أن فسخ العقود أو إنهاءها جائز إذا تحقق وجود عدد من الحالات، مثل الغبن أو التغرير أو الإكراه أو الظروف القاهرة، مع اختلافات بسيطة مرتبطة بكل بلد وقوانينه. وقال الشريك المدير في مجموعة الياقوت والفوزان القانونية المحامي خليفة الياقوت إن للقاضي سلطة تقديرية في تخفيف التزام المدين في ظروف قاهرة كجائحة كورونا، جاء ذلك في ندوة حوارية أقامتها المجموعة بالتعاون مع عدد من المكاتب القانونية الخليجية. وأشار الياقوت إلى أن عقود الاستثمار تعد من العقود الملزمة للجانبين، موضحا أن عدم تنفيذ أحد الأطراف التزاماته في الظروف الطبيعية يعد سببا لفسخ العقد مع اعتباره كأن لم يكن وما يتبع ذلك من إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد، إضافة إلى تعويض الطرف المتضرر عما أصابه من أضرار. وتابع: «أما في حالة الظروف الاستثنائية ومثالها الظروف الحالية التي تمر بها الكويت نتيجة انتشار فيروس كورونا ونتائجه التي أدت إلى فرض إغلاق كامل وجزئي من السلطات الحكومية المختصة، الأمر الذي الحق خسائر جسيمة بالقطاع الاقتصادي، فإن الأمر من حق قاضي الموضوع في المحكمة المختصة وسندا لنص المادة 198 من القانون المدني التي تشير إلى إمكانية الحكم بتخفيف التزام المدين إلى الحد الذي لا يكون فيه مرهقا، حيث نصت المادة المذكورة على أنه «اذا طرأت، بعد العقد وقبل تمام تنفيذه، ظروف استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها عند ابرامه، وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام الناشئ عنه، وان لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، ان يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول، بأن يضيق من مداه او يزيد في مقابله، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك». وافاد بأن المشرع منح في هذه الحالة سلطة تقديرية للقاضي بجعل الالتزام في أضيق الحدود وبالشكل القابل للتنفيذ. ويكون فسخ عقد الاستثمار في الظروف الطبيعية بتوجيه إنذار للطرف المخل بضرورة تنفيذ التزاماته خلال مدة معينة، وفي حال عدم تنفيذها يتم اللجوء للمحكمة بطلب فسخ العقد أو بطلب الزام المخل بتنفيذ التزامه، والخيار هنا معقود للمتعاقد، وهذا ما اقرته المادة 209 من القانون المدني. ولفت إلى أن المادة 214 من القانون المدني أجازت التمسك بالعقد إذا كان الضرر الواقع على المدين غير قهري، لكن في حال وجود ظروف قاهرة فإن العقد يفسخ من تلقاء نفسه، موضحا أنه إذا تم الفسخ يجب أن تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد. وحول تنفيذ حكم فسخ العقود في الكويت، قال: «إن كان الحكم صادرا عن المحاكم الكويتية فإنه يتم تذييله بالصيغة التنفيذية بعد صيرورته نهائيا، والمقصود بالصيغة التنفيذية أنه أصبح نافذا، ويتم تنفيذه عن طريق إدارة التنفيذ لدى المحكمة المختصة، وإن كان الحكم دوليا، بمعنى صادر عن محاكم أجنبية فلا يجوز تنفيذ الأحكام الأجنبية بشكل مباشر داخل الكويت بل يجب أن يتم رفع دعوى تنفيذ حكم أجنبي أمام المحكمة الكويتية المختصة التي تصدر بدورها الحكم بتنفيذه واعتباره حكما صادرا عنها، بعد أن تتأكد من صحة الإجراءات الشكلية التي حكمت صدور الحكم وأنه مطابق للإجراءات القضائية في البلد الذي صدر به، ويكون حكم المحكمة الكويتية خاضعا لدرجات التقاضي المحددة قانونا». مركز عمان للتحكيم التجاري من جانبه، ذكر عبدالله العويمري، من شركة غلوبل للاستشارات القانونية والمحاماة في سلطنة عمان، أن هناك محكمة جزائية ومحكمة تجارية ومحاكم القضاء الإداري التي تنظر في العقود الإدارية، إضافة إلى إنشاء مركز عمان للتحكيم الذي سيصدر نظامه الأساسي وعمله قريبا بعد إنشاء نظامه الأساسي. وأشار العويمري إلى أن المشرع في عمان أجاز للطرف المتضرر رفع دعوى فسخ العقد للغبن أو التغرير، وذلك برفع دعوى بفسخ العقد في حال الظروف الطارئة أو القاهرة او الاخلال ببنود العقد، في حال وقوع إكراه أو غبن أو تغرير من قبل أحد الأطراف ضد الطرف الآخر. وفيما يتعلق بحالة فسخ العقد إذا كان مرهقا لأحد الطرفين، بعد توقيع العقد وبات مرهقا على كاهل أحد الطرفين بسبب غلق بعض الأنشطة الاقتصادية على وقع جائحة كورونا، وبات مستحيلا للمدين المتعاقد دفع التزاماته، بين انه يجوز للطرف المتضرر وفق نص المادة 159 من قانون المعاملات المدنية أن يقدم البينة للمحكمة، ويجوز للقاضي هنا تخفيض الالتزام للحد المعقول إذا كان مرهقا، وفسخ العقد في حال كانت الظروف قاهرة. وأشار إلى أن أغلب العقود المبرمة بين شركات أو أفراد تخضع في بنودها للتحكيم الدولي في كل دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم فإن أي نزاع ينشأ بين الأطراف يمكن رده إلى المحاكم الدولية التي يصبح حكمها نافذا، سواء في العقود الاستثمارية أو غيرها. القضايا التجارية من جانبه، أوضح الشريك في شركة زارع والحمدان للمحاماة في السعودية المحامي محمد زارع أنه صدر مؤخرا نظام يتعلق بنظام المحاكم التجارية، وتم من خلاله تفسير أمور غائبة في حل المنازعات التجارية، وتحديدا فيما يتعلق بصياغة العقود وحل النزاعات بين أطراف التجاري، مشيرا إلى أن هناك نقاطا كثيرة في هذا النظام أفادت العديد من أطراف التعاقد وحل النزاعات فيما بين الأطراف. وعما إذا كان وجود شروط باطلة يؤدي إلى ضرورة التعويض في المحاكم السعودية، أوضح أن مسألة التعويض مختلف فيها، ويتم الرجوع إلى العقد المبرم بين الطرفين، لافتا إلى أنه في حال وجود نص في العقد يشير إلى ذلك فقد لزم التعويض، وفي حال تعثر أحد الأطراف بشروط العقد وتم رفع قضية من الطرف المتضرر فلا تحكم المحكمة في هذه الحالة إلا بوجود دليل على ذلك، وبالتالي فإن تقدير التعويض في السعودية يعود للقاضي ولو كان البند مخالفا للنظام العام، فيسقط هذا البند ومسألة التعويض يتم النظر فيها. تقييم التعويضات وحول الأسس التي يبنى عليها تقييم التعويضات، اضاف زارع أن كثيراً من العقود تضررت بشكل كبير في ظل الاجراءات الاحترازية بسبب فيروس كورونا، التي أدت إلى تضرر الكثير من الأنشطة الاقتصادية، وهو الذي أدى أيضا إلى ضرر كبير لأصحاب تلك الأنشطة لعدم قدرتهم على دفع الأجرة والعمالة، وبالتالي دفعت تلك الشروط القاهرة إلى استحالة تنفيذ العقود، وهو ما يعني أن هذا الأمر يتم على كل العقود بشكل عام للعقود التي لا يستفيد أصحابها أي منفعة. وبين أن المحاكم التجارية تلجأ في الغالب إلى الخبراء لتقييم الأضرار التي لحقت بالطرف المتضرر، وهي التي تثبت صحة فسخ العقد، موضحا أن اللجوء إلى لجان التحكيم يتميز بالسرعة كونها تضم خبراء ومتخصصين قانونيين، ولفت الى ان المحاكم التجارية أدت إلى تسهيل صدور الأحكام، وبشكل دقيق بعد إثبات كل طرف من أطراف التعاقد. وأشار الى أن العقود، وفق الأحكام العامة، يجوز فيها إضافة بند أو تعديله، ولا يمكن لطرف الضغط في التحكيم، وفي حال رفض طرف التعديل فإنه يتم الابقاء على ما تم التوصل إليه. يذكر أن هذه الندوة الحوارية نظمتها مجموعة الياقوت والفوزان القانونية في الكويت، بالتعاون مع مكتب غلوبل للمحاماة والاستشارات القانونية من سلطنة عمان والإمارات، وزارع والحمدان للمحاماة والحوراني وشركاؤه من السعودية.
مشاركة :