أعلنت الإدارة الأميركية عن حزمة جديدة من العقوبات ضد دمشق، طالت هذه المرة مستشارين للرئيس بشار الأسد وقيادات عسكرية، ولا تبدو العقوبات المعلنة حتى الآن مؤثرة اقتصاديا، إلا أن النظام السوري يستعد للأسوأ لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، حيث سيكون الرئيس دونالد ترامب في حاجة لإظهار قدر من الصرامة في بعض الملفات ومنها سوريا. دمشق – كشفت مصادر سورية مطلعة عن تعديل منتظر في حكومة حسين عرنوس، سيركز على الحقائب الاقتصادية والخدمية، فيما لن يشمل التعديل الحقائب الوزارية السيادية (الدفاع، الخارجية والداخلية). يأتي التغيير الحكومي المرتقب في ضوء إعلان الإدارة الأميركية عن حزمة عقوبات جديدة هي الثالثة في ظرف شهرين، شملت هذه المرة 3 أفراد من الحلقة الضيقة للنظام و3 قيادات عسكرية، من بينهم المستشارة الإعلامية للرئيس السوري لونا الشبل ومساعده ياسر إبراهيم، الذي تتحدث تقارير عن أنه الواجهة الاقتصادية الجديدة لعائلة الأسد، بعد “احتراق” أسماء عدة. وقالت وزارة الخزانة الأميركية في معرض تطرقها لدوافع إدراج ياسر إبراهيم، إن الأخير “قام عبر استخدام شبكاته في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، بإبرام صفقات فاسدة تثري الأسد، بينما يموت السوريون من نقص الغذاء والدواء”. وطالت الحزمة الجديدة أيضا، أحد أبرز مسؤولي حزب البعث الحاكم وعضو مجلس الشعب، محمد عمار الساعاتي، وقائد قوات الدفاع الوطني فادي صقر، وقائد اللواء 42 في الفرقة الرابعة العميد غياث دلة، وقائد فوج “الحيدر” في قوات “النمر” سامر إسماعيل. الأسماء المشمولة بالعقوبات لونا الشبل: المستشارة الإعلامية للرئيس السوري ياسر إبراهيم: مساعد الرئيس السوري محمد عمار ساعاتي: عضو بارز في حزب البعث فادي صقر: قائد قوات الدفاع الوطني العميد غياث دلة: قائد اللواء 42 في الفرقة الرابعة سامر إسماعيل: قائد فوج "الحيدر" في قوات "النمر" وتندرج العقوبات الأميركية في إطار قانون قيصر الذي وقّع عليه الرئيس دونالد ترامب في 21 من ديسمبر 2019، ودخل حيز التنفيذ في يونيو الماضي والذي يستهدف بالأساس ممارسة أقصى الضغوط الاقتصادية على النظام السوري لإجباره على تغيير سياساته والقبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات تحت سقف الأمم المتحدة ووفق القرارات الدولية لاسيما القرار رقم 2254. وأكدت المصادر أن “الساعات أو الأيام القليلة القادمة سوف تشهد تعديلاً حكومياً يطال نصف الوزراء مع بقاء وزراء الخارجية والداخلية والدفاع في مناصبهم، ومن أبرز الوزارات التي ربما يطالها التغيير، وزارتا الزراعة والاقتصاد”. وسبق أن أبدى الرئيس السوري بشار الأسد عدم رضاه عن طريقة التعاطي الحكومي مع القطاعات الاستراتيجية كالزراعة. وقال الأسد في كلمة له الأسبوع الماضي أمام نواب مجلس الشعب الجدد إن القطاع الأهم هو الزراعة وقد تأثر دوره كثيرا رغم أنه محل دعم كبير. وأشار إلى أن “أية خطة من دون آلية ومهام واضحة، لا يمكن أن تكون نتائجها إلا متواضعة، وعندما لا نلاحظ تطورا يتناسب مع الدعم الذي تقدمه الدولة للقطاع الزراعي، يمكن حينها متابعة تطور البرامج ومتابعة المقصر والمحاسبة”. وشكلت الزراعة نحو 17.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في سوريا قبل اندلاع الحرب الأهلية، المستمرة والتي استنزفت جميع القطاعات، وقد حاولت الحكومات المتعاقبة منذ 2011، تلافي انهيارها بيد أنها فشلت حيث أن الجزء الأكبر من الأراضي الخصبة يقع خارج سيطرة النظام (شرق سوريا)، فيما تضررت باقي المناطق الزراعية نتيجة المعارك المباشرة، ونزوح الآلاف من الفلاحين، فضلا عن ندرة المواد الفلاحية والأسمدة والآلات نتيجة الحصار الاقتصادي الذي بدأ منذ العام 2012 وازداد حدة مع قانون قيصر. ويقول خبراء اقتصاد إن التعديلات الحكومية المتكررة لن تستطيع معالجة المشكلة الزراعية التي تواجهها سوريا في غياب الاستقرار وعدم قدرة النظام على وضع يده على المنطقتين الشرقية والشمالية اللتين تضمان أخصب الأراضي، والأهم من كل ذلك هو أن معظم المزارعين اليوم باتوا تحت خط الفقر وهم لا يملكون القدرة ولا الإمكانيات لاستصلاح أراضيهم. وجرى تكليف حسين عرنوس بتشكيل الحكومة في 11 يونيو الماضي بعد إقالة رئيس الوزراء عماد خميس. وبحسب مراقبين، فإن الحكومات السورية المتعاقبة منذ 2011 وهي خمس حكومات لم تستطع إدارة البلاد بالشكل الصحيح ولم تكن حكومات أزمة أو حرب، ما نتج عنه تفشي مظاهر الفساد والهدر وسوء التصرف. وفي سياق محاولات يائسة لتخفيف العبء الاقتصادي، وامتصاص العقوبات الأميركية، صعّد النظام السوري من ضغوطه على رجال الأعمال لضخ المزيد من الأموال للدولة. الولايات المتحدة تريد قطع التمويل عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد من الخارج الولايات المتحدة تريد قطع التمويل عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد من الخارج ولئن يرى البعض أن هذا التصعيد يندرج في سياق الصراع الدائر بين زوجة الأسد أسماء وابن خال الرئيس ورجل الأعمال رامي مخلوف، بيد أن خبراء اقتصاد يرون أن عملية الضغط على رجال الأعمال تأتي بالأساس خشية من انهيار الوضع الاقتصادي بالكامل. وشدد الأسد في كلمته الأخيرة أمام نواب مجلس الشعب على أنهم “مستمرون في استرداد الأموال العامة المنهوبة بالطرق القانونية وعبر المؤسسات، ولن يكون هناك أي محاباة لأي شخص يظن نفسه فوق القانون”. ويقول الخبراء إن العقوبات الأميركية المعلنة حتى الآن والتي طالت شخصيات وكيانات غير مؤثرة حقيقة، على غرار إدراج نجل الرئيس حافظ الأسد (18 عاما) ضمن القائمة السوداء والذي أثار موجة من السخرية، بدت أقرب للرسائل التحذيرية، وقد يتغير الأمر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يراهن عليها ترامب للفوز برئاسة ثانية، حيث من الممكن أن يعمد إلى فرض عقوبات شديدة الوطأة لن يكون الاقتصاد السوري المنهك قادرا على مواجهتها. وأثارت العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة على شكل حزم، منذ يونيو الماضي، خيبة أمل واستياء في صفوف المناهضين للنظام، واعتبر بعضهم أن الولايات المتحدة تتعمد من خلال قانون قيصر إطالة عمر الأزمة، وليس الضغط على الأسد، مستدلين على ذلك بالانتعاشة النسبية التي شهدتها الليرة السورية مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة.
مشاركة :