مفاتيح القوة بيد من؟! | عبدالمنعم مصطفى

  • 7/24/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

قبل ثلاثة أيام فقط تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع اتفاقاً، توصلت إليه في فيينا مجموعة خمسة زائد واحد مع إيران حول ملفها النووي،ليصبح الاتفاق جزءاً لا يتجزأ من رؤية المجتمع الدولي لمستقبل منطقة الشرق الأوسط والعالم. وبينما كنا في العالم العربي موزعين ما بين ساخط على قوى كبرى يراها البعض «خائنة» لصداقة تاريخية مع العرب، وبين قانع بأنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان، وبين سعيد بالاتفاق الذي يعزز قدرة طهران على «حمايته» ولو بابتلاعه، كان اتفاق فيينا هو الشغل الشاغل لمراكز الأبحاث ومراكز تخطيط السياسات ومراكز صنع القرار في العالم . الإجماع الدولي على اتفاق فيينا بشأن ملف طهران النووي، يضع العرب الرافضين في أغلبهم للاتفاق، تحت ضغط هائل، فكلما عظمت استفادة قوى عظمى من الاتفاق، كلما بدا إجهاضه مهمة مستحيلة، والحقيقة أن الاتفاق بالحالة التي أقر بها، يفتح آفاقاً هائلة لبناء مصالح ضخمة للغاية بين إيران التي خرجت للتو من عزلة طويلة قاربت 36 عاماً، وبين الدول التي يسيل لعابها، لما ستنفقه طهران سواء على برامج التسلح أو خطط التنمية بعد عودة أرصدتها المجمدة منذ عزل الشاه في عام 1979 والتي تقدر بنحو 135 مليار دولار. روسيا التي تشاطر طهران نفس الموقف من نظام بشار الأسد ،تتطلع الى حصة معتبرة من كعكة الأموال الإيرانية ، سواء بمبيعات سلاح لإيران أو بإقامة المزيد من المحطات النووية وفق مواصفات اتفاق فيينا. أما الصين التي كثيراً ما وقفت بجانب طهران في مجلس الأمن ، فتخطط لاستثمارات في إيران قد تصل الى أكثر من خمسين مليار دولار، قد يذهب جانب كبير منها الى مجالات التسلح والطاقة، فيما يذهب جزء كبير آخر ضمن اكبر مشروعات الصين في القرن الـ21 ، والمعروف باسم طريق الحرير، الذي تسميه الصين»” ONE BELT ONE ROAD . حتى الهند سارعت الى التلويح باستثمارات في ايران قد تتجاوز ما لوحت به بكين، وهكذا فما حدث في فيينا بتأثير واضح جداً من الادارة الأمريكية، لم يكن في جوهره سوى تصريح لطهران بالإمساك بمفاتيح القوة ضمن استراتيجية أمريكية مدعومة من الغرب، بإعادة هيكلة اقليم الشرق الأوسط، وتسليم مفاتيح ادارة شؤونه بما لا يتعارض مع مصالح واشنطن، لثلاث قوى شرق أوسطية «غير عربية»، هي إسرائيل وتركيا وإيران. «فيينا» في هذا التصور، ليست مجرد محطة، وإنما هى صياغة لرؤية دولية لإقليم ظل طبقاً للتقديرات الغربية، خارج حركة التاريخ، والتعامل مع توابع فيينا لا ينبغي أن يكون بمجرد عملية تنفيس غاضب أو ساخط على قوى استعمارية أو كافرة، تستهدفنا طمعاً أو حسداً أو غيرة. ما حدث في فيينا وما سيحدث بعده في الإقليم، هو تهديد لاستقرار المنطقة، ومصدر هذا التهديد نحن وليس الآخر، فنحن من أهدر الوقت، وضيع الفرص، وراهن على «الآخر» ولم يراهن على قوته الذاتية، ونحن من ظن أن القوة الذاتية تتحقق بامتلاك المزيد من السيوف والدروع، غير أن الحقيقة دون تجميل أو تزييف، هي أن امتلاك رؤية أو مشروع، وبناء إرادة شعبية لإنجازه، ثم وضع خطط لتنفيذه، هذه العناصر مجتمعة هي درع أي وطن وسيفه. بعد فيينا، بات لدى المشروع الإيراني، قوى دافعة من الخارج، والرد العربي الوحيد الذي يمكن احترامه في ضوء تلك الحقيقة، هو أن يصبح لدى العرب مشروعهم النهضوي،الذي يستوعب حقائق العصر، ويعبر عن أحلام الأمة . مطلوب خارطة عربية، تعكس رؤية عربية للمستقبل..فما يحدث على أرضنا هو من سيقرر ما نستحقه، وليس ما حدث في فيينا أو ما سيحدث بعدها. moneammostafa@gmail.com

مشاركة :