إجراءات جديدة لتوزيع الإعلانات تكرس التحكم بالإعلام الجزائري | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 8/26/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - تعمل الحكومة الجزائرية على مراجعة وإعادة تنظيم توزيع الإعلان الحكومي على وسائل الإعلام، وذلك وسط أجواء محتقنة بسبب تراجع الحريات الإعلامية في البلاد. ففي ظل غياب نقاش عميق عن التدخل الحكومي لإنقاذ القطاع من الاندثار، دخلت الوزارة الوصية في مشاورات مع المؤسسات الإعلامية، بينما يخوض قطاع من الإعلاميين معركة تحرر من القمع والتضييق على الحريات الإعلامية. وطالب مديرو نشر صحف جزائرية، في ندوة الاثنين، حول “المقاييس الانتقالية لتوزيع الإشهار العمومي”، بالشفافية في توزيع الإعلان العمومي الذي تحول في سنوات مضت إلى “سلاح” في يد السلطة لفرض الولاء والطاعة. ونظمت الوكالة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، المحتكرة للإعلان الحكومي في الجزائر، الندوة بحضور مسؤولي وسائل الإعلام المحلية، لشرح المقاربة الجديدة للمؤسسة في توزيع الإعلان الحكومي على الصحف والمواقع الإلكترونية، بداية من مطلع العام القادم، في خطوة من المفترض أن تضع حدا لممارسات سابقة حولت القطاع إلى بؤرة فساد استنزفت مئات الملايين من الدولارات خلال السنوات الأخيرة. ومنذ أشهر، ترأس الإعلامي المخضرم العربي ونوغي المؤسسة التي بصدد تهيئة شركائها في قطاع الإعلام للتعاطي مع المرحلة الجديدة، خاصة في ظل تقلص الإعلان الحكومي، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، وتداعيات جائحة كورونا على السوق الخدماتية. وفي ظل غياب كلي للحديث عن تحرير القطاع ورفع الاحتكار الحكومي عن سوق الإعلانات، تتجه الحكومة إلى تكريس قبضتها على المصدر الأساسي لتمويل المؤسسات الإعلامية، مما يرهن مصير الحريات الإعلامية في البلاد، ويضعها جميعا تحت السوط الحكومي، الذي استطاع على مدار العقود الثلاثة الأخيرة ترويض المنصات الصحافية والأصوات المتمردة والناقدة بسلاح الإعلان. وكشفت الوكالة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، عن إعداد 15 مقياسا لحصول الوسيلة الإعلامية على الإعلان العمومي، في خطوة تستهدف ما وصفه مديرها العام العربي ونوغي، بـ”تطهير القطاع من الدخلاء”، أو ما أسماه في تصريحات سابقة بـ”القوى غير الإعلامية”، التي هيمنت على العائدات الإعلانية خلال السنوات الأخيرة، وأشار حينها إلى ضباط في الجيش ووزراء ونواب برلمانيين ورجال أعمال ونجوم رياضة. ولفت ونوغي إلى أن المقاييس الـ15، تبقى مقاييس انتقالية في انتظار صدور قانون الإعلان الذي سيتكفل تشريعيا بالملف، وهو ما يعتبر خطوة استباقية من قبل الحكومة ممثلة في وزارة الاتصال، لضبط القطاع بمعايير جديدة يبقى مفعولها ساريا، إذا ما تعطل القانون المذكور، كما حدث عدة مرات على مستوى البرلمان. 15 مقياسا لحصول الوسيلة الإعلامية على الإعلان تستهدف "تطهير القطاع من الدخلاء" وأكد المتحدث على أن “ثمانية من المقاييس تتعلق بإيداع الملف لدى المؤسسة، والسبعة المتبقية تتصل بالاستفادة من الإعلانات، على أن يدخل الإجراء حيز التنفيذ مطلع العام القادم”، إلا أن المتفحص في المقاييس المذكورة يلاحظ أن بعضها لا يتعدى حدودََا إجرائية كان معمولا بها في وقت سابق، على غرار وثائق الهوية الإدارية والتجارية والجبائية. لكن اللافت في بقية المقاييس أنها جاءت بشكل يتنافى مع حرية الامتلاك وتتدخل في خصوصيات المهنة المكفولة بأخلاقيات المهنة وبالمواثيق الدولية، على غرار حصر التملك في عنوان إعلامي واحد، والتحفظ على إعارة الاسم، والقذف، وعدم تعدي المساحات الإعلانية سقف ثلث عدد الصفحات. وأدرج وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر المسعى الجديد في خانة “استمرار جهود الحكومة الهادفة إلى تطهير قطاع الإعلان ووضع حد للأطماع والممارسات المنافية لمهنة الصحافة”. وأكد بلحيمر في الندوة التزامه بـ”الاستمرار في المسعى الهادف إلى تطهير قطاع الإعلان”. واعتبر أن “الهدف الأسمى من وراء تطهير قطاع الإعلان هو ممارسة الصحافة من قبل الصحافيين، وأن وزارة الاتصال ليس لها أي دخل في إدارة وتسيير مؤسسة اقتصادية عمومية تخضع للقانون التجاري في أول وآخر الأمر”. وأضاف “نحن المالك الوحيد لمؤسسة مستقلة مسؤولة قانونيا عما تتخذه كقرارات، ولسنا هنا أيضا کوصاية لأن عهد الولاء والوصاية الإدارية أدى إلى كوارث اقتصادية يصعب تقييمها اليوم”. وسبق للجزائر أن حررت القطاع الإعلاني نهاية تسعينات القرن الماضي، رغم الأوضاع والأزمة التي كانت تتخبط فيها آنذاك، من أجل رفع القيود الحكومية وترك المجال للجهة المعلنة والمؤسسة الناشرة، إلا أنه سرعان ما تم التراجع عن التجربة حيث عاد الاحتكار بداية من الألفية الجديدة، وعاد معه توظيف الإعلان في توجيه وضبط الإعلام المحلي على إيقاع السلطة. وثمن الرجل الأول في القطاع عمار بلحيمر، ما وصفه بـ”التوطين القانوني للإجراءات التعاقدية التي تنظم الوصول إلى الإعلان العمومي كممثل حصري للدولة”. وبرر ذلك بالقول “في بلد يمثل فيه الطلب العمومي المحرك الأول للاستثمار والنشاط الاقتصادي، يبرز دور ومكانة المناقصات والصفقات العمومية في قائمة المنتوج الإعلاني”. واعتبر المتحدث أن “المسعى يراعي ثلاثة مبادئ وهي أن کل شيء ممكن في إطار القانون، والممارسة الهادئة للحريات بفضل إعادة الاعتبار لمفهوم المسؤولية، والشروع في الانتقال من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية”، حيث ينتظر في هذا الشأن أن يتم إدراج الصحف والمواقع الإلكترونية في قائمة المؤسسات الإعلامية التي ستستفيد من الإعلان الحكومي في المستقبل القريب. اقرأ أيضاً: ضغوط دولية للإفراج عن خالد درارني خلال جلسة الاستئناف

مشاركة :