الرياض - سلطت دعوة طبيب سعودي مختص في الاستشارات النفسية الأسرية الضوء على حاجة الرجال للحصول على دعم عاطفي وضرورة تجاوز كل الحواجز المجتمعية والتربوية التي رسخت الكثير من المفاهيم الخاطئة حول الصورة التي يجب أن يكون عليها الرجل وهو ما يعيق بالتالي حصوله على أي دعم عاطفي أو حتى مجرد التعبير عن رغبته في ذلك. وتفاعل السعوديون بشكل واسع مع دعوة الطبيب التي فتحت نقاشا تطرق إلى ضرورة كسر المفاهيم الخاطئة حول العلاقات الإنسانية والأسرية وقواعد المجتمع الذكورية التي تصور الرجل ككائن قوي وأي شكل من أشكال إظهار الضعف قد يمس من رجولته ويفقده احترام المحيطين به. وأطلق السعوديون حملة “أنا رجل وأحتاج الدعم العاطفي”. وقال الدكتور عبدالله غازي، الطبيب المتخصص في الاستشارات النفسية الزوجية والعائلية، “لنساهم في تطبيع احتياج الذكور للدعم العاطفي”. وكتب الدكتور غازي على حسابه على موقع تويتر، “أخي الرجل أنت إنسان من حقك أن تعبر عن حزنك وعن ضعفك من حقك أن تبكي أيضا هذا كله لا يقلل من رجولتك في شيء، هو جزء من التجربة البشرية لا تقمعها بداخلك فتخرج على شكل فعل مؤذ لك ولمن حولك”. وأعرب سعوديون عن اتفاقهم التام مع رأي الطبيب السعودي، مؤكدين أن الصورة النمطية التي رسخها المجتمع في ذهن الكثير من الأشخاص هي سبب اعتقادهم الخاطئ بأن مجرد تعبيرهم عن حاجتهم للعاطفة يعتبر ضعفا وانتقاصا من رجولتهم. وأكدوا أن اللوم كله يوجه إلى المجتمع الذي ينتقد دائما الرجل العاطفي والذي لا يخفي دموعه أحيانا، معتبرين أن تعبير الرجل عن عواطفه شيء طبيعي جدا وأن البكاء أو أي مظهر آخر من مظاهر الضعف مرتبط بفطرة الإنسان في المطلق بغض النظر عن جنسه. وحذروا من أن كبت هذه المشاعر والتظاهر بأنها غير موجودة قد يفرز حرمانا عاطفيا بدوره يكون سببا للعنف الأسري والمجتمعي. وشدد من يدعمون رأي الدكتور غازي على أن مقاومة المشاعر الإنسانية فكرة خاطئة تماما وقد تؤدي بالشخص الذي يكتمها سواء كان امرأة أو رجلا إلى تبعات على صحته العقلية قد تهدد استقراره وتوازنه النفسي. لكن هذه الآراء المتفقة تماما مع فكرة ضرورة تعبير الرجال عن عواطفهم واحتياجهم للدعم العاطفي اصطدمت بمواقف أخرى أشد تشبثا بقيم المجتمعات المحافظة فلم يتوانوا عن إبداء آراء وتعليقات ساخرة من حملة “أنا رجل وأحتاج الدعم العاطفي” معتبرين أن إظهار المشاعر الإنسانية من قبل الرجل تمس من رجولته وتنقصها وتجعله محل شفقة من كل المحيطين به وبالتالي يفقد احترامهم. وقالوا إن البكاء لا يفيد الرجل في شيء بل عليه أن يتحلى بالقسوة والشدة والجدية دائما حتى في أصعب المواقف التي يمر بها، كي يتمكن من اتخاذ قرارات حكيمة لأن البكاء مثلا وإظهار ضعفه سيؤدي به في نهاية المطاف إلى قرارات سيئة. واعتبروا أن الرجل يجب أن يكون ثابتا وقويا في كل المواقف ليكون هو السند الذي يمكن لبقية أفراد العائلة الاتكال عليه في ظل الظروف والمواقف التي يمرون بها. وكانت بيانات نشرتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في السعودية في العام 2017، قد بينت أن نسبة الرجال الذين لجأوا في ذلك الوقت لطلب مساعدة مراكز الإرشاد الأسري التابعة للوزارة تقدر بنحو 20 في المئة فيما البقية من النساء. وكشفت بيانات وردت في دراسة صادرة عن الوزارة في ذلك الحين، أن الرجال لا يقبلون المساعدة في ما يتعلق بحل مشكلاتهم الأسرية ولا يفضلون اللجوء إلى مراكز الإرشاد.
مشاركة :