"الزيارة" يثبّت أقدام السوري عمرو علي في عالم الإخراج السينمائي | لمى طيارة | صحيفة العرب

  • 8/31/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعاني خريجو معاهد السينما من السوريين قلة الإنتاج، إن لم نقل انحساره. فقلة قليلة منهم تحظى بفرصة سينمائية حقيقية. بينما الأغلبية قد لا تأتيهم أو ربما تأتيهم على شكل درامي بعيد إلى حد ما عن لغة السينما. ويعتبر عمرو علي واحدا من المخرجين الشباب القادمين من عالم السينما، والذي عرض فيلمه القصير الثالث “الزيارة” مؤخرا على منصة “أيام سينما دكة للفيلم القصير”. دمشق – يعتبر فيلم “الزيارة” الفيلم الاحترافي الثالث للمخرج السوري عمرو علي، الذي انتهى من إنجازه مع بداية العام 2020، وكان من المقرّر أن يكون حاضرا في مهرجانين أحدهما في المغرب والآخر في روسيا، لكن جائحة كورونا أوقفت الحدثين، ليعرض الفيلم مؤخرا على منصة “أيام سينما دكة للفيلم القصير”، المنصة التي أنشأت بهدف دعم صُناع الأفلام من خلال إتاحة الفرص لعرض أفلامهم التي أنجزوها ومناقشتها مع مجموعة من السينمائيين. وفيلم “الزيارة” من بطولة وفاء موصلي وعلي كريم، إلى جانب خالد شباط وريم نصرالله وغيرهم ومن إنتاج شركة العطار للإنتاج والتوزيع الفني، وتدور أحداثه حول قضية إنسانية باتت تعاني منها معظم الأسر السورية التي اضطرت لتسفير أولادها نتيجة الأحداث التي حلت بالبلد. ويسود العائلة جو من الكآبة والروتين المميت، بعد أن فارقها ابنها الوحيد، إلى أن يأتيها الضيف الهارب ليحتمي بها، ويغيّر حياتها أو على الأقل ليعيد لها رونقها الذي بهت. وحاول المخرج عمرو علي إعطاء الفيلم نكهة سينمائية من خلال بعض اللقطات، إلاّ أنه ظهر في شكله النهائي أشبه بفيلم تلفزيوني منه إلى فيلم سينمائي، وعن السبب يقول عمرو “كانت شركة العطار بصدد التحضير لإنتاج عمل درامي تلفزيوني مؤلف من مجموعة خماسيات، وكان مخرج العمل يبحث عن نصوص تناسب تلك الخماسيات، فقدّمت كسيناريست نصين مختلفين لخماسيتين، ولكن المشروع توقّف بسبب خلاف ما بين المنتج والمخرج”. ويسترسل “حينها اقترحت على شركة الإنتاج مشروعا بديلا يمكن من خلاله إنتاج أفلام تلفزيونية أو ما يعرف في الدراما السورية بالسهرات التلفزيونية، على أن تنحصر مدتها الزمنية بين 30 و40 دقيقة، فوافقت الشركة على المشروع، خاصة أن تكلفتها الإنتاجية قليلة إلى حد ما، وممكن بيع تلك السهرات لمحطات تلفزيونية سورية محلية أو عربية في لبنان مثلا والعراق، بالإضافة إلى إمكانية عرضها لاحقا بشكل جماهيري في صالات سينما الكندي بدمشق التي تدعم هكذا تجارب، مع بعض الحظوظ للمشاركة به في المهرجانات السينمائية العربية”. المخرج عمرو علي في فيلم "الزيارة" يتحدث عن عائلة سورية شتّتتها الحرب المخرج عمرو علي في فيلم "الزيارة" يتحدث عن عائلة سورية شتّتتها الحرب ومن هناك كانت أول سهرة تلفزيونية بعنوان “الزيارة”، التي كتبها علي كفيلم روائي قصير بميزانية صغيرة وضمن لوكشن (مكان تصوير) واحد، الأمر الذي جعلها بشكل مباشر تبدو فيلما أقرب إلى التلفزيون منها إلى السينما. وكان عمرو علي قد تخرّج من معهد السينما في القاهرة في العام 2016، عبر مشروعه “الغيبوبة”، وهو الفيلم الروائي القصير الذي قدّمه للجمهور كمخرج محترف، محاولا خلال 16 دقيقة من زمن الفيلم الإضاءة على قصة إنسانية بلغة سينمائية شاعرية، ولكن على بساطتها قدّمت فيلما سيبقى واحدا من أهم أفلام مسيرته الفنية. وتدور أحداث الفيلم الذي كان شبه صامت، لأن المخرج اكتفى فقط بجملة أو جملتين، حول شاب يرعى والده المسن وهو في حالة غيبوبة، الأمر الذي تطلب منه التفرّغ التام لتلك الخدمة، ولاحقا لبيع أثاث المنزل قطعة وراء قطعة، ليتمكن من تلبية حاجاته. واستطاع عمرو علي، عبر تلك التجربة الصغيرة، أن يقتنص فرصا هامة في المهرجانات السينمائية وأن يطرح نفسه كمخرج جديد قادم إلى الساحة السينمائية، ليس هذا فحسب، بل وأن ينال عنه جوائز، كجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان مالمو للسينما العربية وأيضا روتردام للفيلم العربي، وجائزة أفضل تمثيل بمهرجان الدار البيضاء للفيلم القصير والوثائقي، بالإضافة إلى أن الفيلم عرض في أيام قرطاج السينمائية وفي سوق مهرجان دبي. وعشق عمرو علي للفن وللسينما لم يبدأ من لحظة التحاقه بمعهد السينما، وفيلم “الغيبوبة” ليس أولى تجاربه في الإخراج، ولكنه التجربة السينمائية الاحترافية الأولى له، فلقد سبق لهذا الشاب أن غامر برفقة والده المخرج السوري حاتم علي في العام 2008، أي قبل أن يبلغ العشرين من عمره، في إخراج وإنتاج فيلم روائي قصير بعنوان “8 ملم”. يقول عمرو “كنت في تلك الفترة من هواة نادي السينما الذي أسّس في المركز الثقافي الفرنسي، أشاهد أفلامه باستمرار، الأمر الذي جعلني ألتقي بالعديد من المخرجين السوريين وخاصة المتخرجين منهم من معاهد السينما في الخارج، مثل نضال حسن وجود سعيد وغيرهما، كما كان والدي حينها يؤسّس لشركة ‘صورة’ للإنتاج الفني، فتعرّفت على زياد كلثوم الذي كان يعمل مساعد مخرج، وعرفني بدوره على صديقه طلال ديركي، وكان زياد وطلال يعملان على أفلام روائية قصيرة، ضمن مؤسّسة السينما وخارجها، فكتبت سيناريو فيلم بمشاركة من زياد، وتبنته إنتاجيا شركة صورة، وقمت بإخراجه، ولكني لا أذكر تلك التجربة عادة”. وعرض فيلم “8 ملم” الذي كان مجرد مغامرة لشاب صغير، ضمن الأفلام الروائية القصيرة لمهرجان دمشق السينمائي، كما عرض في مهرجان نانت لأفلام القارات الثلاث بفرنسا، ومهرجان مؤنس للأفلام الحب في بلجيكا، بالإضافة إلى بعض المهرجانات المحلية. واتجه عمرو علي كغيره إلى الدراما التلفزيونية، فعمل مساعد مخرج، ومخرج وحدة تصوير في عدة أعمال درامية، منها مسلسل “أوركيد” مع المخرج حاتم علي، ومسلسل “المهلب” مع المخرج محمد لطفي، ومسلسل “حرملك” مع المخرج تامر اسحق، وكان قد حالفه الحظ في العام 2018 بفرصة فيلم في المشروع الذي تبناه الاتحاد الأوروبي، بهدف تمكين المرأة السورية، فقدّم فيلما روائيا قصيرا بعنوان “اليقظة” من بطولة جلال شموط وإيناس زريق، ورغم أن الفيلم لم يصوّر بطريقة سينمائية وإنما بطريقة الديجتال، إلاّ أنه شارك أيضا في العديد من المهرجانات ونال بعض الجوائز.

مشاركة :