الجيش الأمريكي يتوقع استمرار العمل 20 عاماً لهزيمة داعش، هذا ما جاء على لسان الجنرال راي أوديرنو، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، معلّلاً ذلك بتولي الجيش الأمريكي مهمات أكثر بكثير مما كان متوقعاً، إضافة إلى خفض عدد قواته قبل سنوات عدة، ما سيجعل من الصعب عليه الاستمرار في تنفيذ التزاماته على المدى البعيد، لذا فهو يتوقع أن تستغرق هزيمة تنظيم داعش ما يتراوح بين 10 و 20 عاماً. بكل بساطة، ومن دون رتوش، أمريكا تقول لنا إنها ترغب في استنزافنا 20 عاماً قادمة، كأنْ لم يشبعها حتى الآن ما استنزفته من أموال ونالته من مصالح وحققته من مصائب على الأرض العربية. أمريكا، مع تحالفها الدولي، لم تأخذ أكثر من شهر لهزيمة جيش العراق الذي يزيد عدد أفراده على 500 ألف مقاتل مدرب ومؤهّل يمتلك الخبرة، وبعتاد حديث ومتطور، يشمل الدبابات والطائرات والصواريخ الحديثة المختلفة المدى. وسيطرت على أفغانستان وحجّمت قدرات تنظيم القاعدة الذي صنعته في مدة وجيزة، وتحتاج إلى 20 عاماً للقضاء على تنظيم داعش الذي يتكون من مرتزقة، وميليشيات تعتمد على أسلحة خفيفة وتعتمد نظام الكرّ والفرّ وحرب العصابات في ما تفعله، لكنه بقدرة قادر يحتل أكثر من نصف القطر السوري ونصف القطر العراقي، بل يعجز جيشا البلدين عن دحره، ونرى التنظيم ينوّع ضرباته وتمدّده في أماكن جديدة، متجاوزاً حدود سوريا والعراق إلى السعودية والكويت ليبيا وتونس ومصر بعمليات إرهابية. أيّة قوة يمتلكها هذا التنظيم؟ ومن أين يأتي بسلاحه؟ ومن أين يأتيه التمويل، بل المرتزقة الذين يشكّلون قوامه حتى وصل عدده إلى ما يفوق ال 50 ألف مرتزق، حسب بعض التقديرات ؟ وكيف لقوات التحالف، وعلى رأسها أمريكا، أن تقف عاجزة عن رصد تحركات هذا التنظيم على الأرض، وهي من يرصد الأفراد فرداً فرداً، وتمتلك التكنولوجيا التي تمكنها من ذلك؟ الأسئلة كثيرة، ومحيّرة، بل مزعجة، وتطرح الكثير من علامات الاستفهام، سواء عن دور أمريكا في إيجاد تنظيم داعش ومن قبله القاعدة، أو الأسلوب الذي تمارسه حيال ما يحل بالمنطقة العربية والذي يعتمد على الاستغلال والاستنزاف والسرقة. والأدهى من كل ذلك، هو بعض ردة الفعل العربية تجاه ذلك كله، التي تتسم بالغرابة والتي تعتمد على الاستسلام والتسليم له، تمشي خلف الركب، مصدّقة ما يقال لها، ومنفّذة ما يطلب منها، كأنها لا ترى، أو تسمع، أو تتكلم، إلا بما هو مطلوب منها، وإلا سيكون نصيبها مثل ما حاق بالعراق، أو ليبيا، أو تونس، أو اليمن، أو سوريا. أمريكا تقول لنا الكثير، فهل تقول لنا الحقيقة وتفعل ما يحقق الحقّ والعدالة؟ وهل علينا أن نسمع ونصدق كل ما تقوله؟ وأستذكر هنا مثلاً إماراتياً يقول: إذا كان المتحدث مجنوناً فالمستمع عاقل، تُرى لو طبّقناه فماذا سنكتشف؟ وإلى أين سنصل مع أمريكا وما تقوله وتسوّقه لنا ؟ بل ماذا سنفعل؟ فإنْ كنا نعرف حقيقتها ورغم ذلك ننصاع فتلك مصيبة، وإن كنا لا نعرف حقيقتها وننصاع، فالمصيبة أعظم. ibrahimroh@yahoo.com
مشاركة :