وسط الظلام الحالك طفلة كلما ضاقت بها الدنيا تنادى بكلمة واحدة: هل من مستمع؟ هذه الكلمة التى طالما كان الجواب عليها من قبل الفراغ الصمت، كأنه يسخر من الطفلة ويقول بضحكته المخيفة التى تسمع من بعد أميال، والتى تزرع الرعب واليأس في كل القلوب، لا يوجد من يهتم، هيا جففى هذه الدموع، وتنام المسكينة بعدما تصبح عيناها باللون الأحمر كأنها كانت تبكى دما، كأن عينيها قد أصيبت، فهل ستبقى متشبثة بأمل أن يسمعها أحد في يوم من الأيام؟ أم ستيأس وتكمل حياتها كالميتة؟ هل ستجد النهار الذى يتحقق فيه حلمها؟ أم تعيش في سواد الليل تختبئ مثل الأرانب؟.الحياة مثل المحيط منه المالح ومنه العذب، لا يمكن أن نستغنى عن واحد منهما، في وسط المحيط يسكن إنسان متشبث بأمل أن يراه أحد، ولكن هذا الأمل يختفى في الأعماق، ويشعر كأن شيئًا ما أو شخص ما يسحبه إلى الأعماق، وها هو الأمل يختفى، وتظل الطفلة تنادى بصوت يغلبه البكاء: هل من مستمع؟.ها هو الأمل يظهر من بعيد، ينير الظلام بشعاع صغير، وفجأة يختفى هذا الشعاع ويسود الظلام من جديد، ويتراجع الأمل خطوة خلف الأخرى حتى يضيع في متاهة اليأس، وينادى الأمل ربما يجد من يسمعه، ينادى والخوف يظهر من بين كلامه: هل من مستمع؟ هل سيجيب أحد؟ هل سيظل الأمل تائها في ظلام اليأس؟ أم يخرج إلى نور التفاؤل؟ هل هذه النهاية؟ها هى العصافير تغنى لمولد يوم جديد، وهى لا تعلم ما يخبئه القدر، ها هى الأنفاس تتلاحق كأنها تستعد لتودعه الهواء، ها هي الأيام تمر، وتكبر الصغيرة، وتمر السنون، حتى تصبح الطفلة عجوزا تتلاحق أنفاسها توديعا لحياتها، التى أوشكت على الانتهاء، ها هى هى الحياة تظهر الجانب المالح منها، وتنادى العجوز على من يسمعها، ربما يجيب أحد، فيظهر الحلم من الأعماق، ويستنشق الأكسجين، فيرجع له الحق في الحياة، وتنادى العجوز آخر مرة في حياتها، وتقول والحسرة تفوح من شفتيها: هل من مستمع؟ ثم ترد على نفسها للمرة الأولى والأخيرة: لقد انتهى الأمر، لقد انتهى الحلم، لقد انتهى الأمل، لقد انتهى الحزن، لم أجد من يسمعنى فهل وجدت من يسمعك؟ اسأل هذا السؤال لنفسك ربما تتغير القصة!.
مشاركة :